بالقبض وتوقيف عناصر الوفاق جاء بناء على معلومة مؤكدة تفيد عزم حكومة الوفاق انشاء فروع لها داخل مناطق نفوذ الحكومة المؤقتة .
في سياق محاولة فائز السراج تجاوز عقبة عدم منح الثقة الى حكومته في مناسبتين من طرف مجلس النواب قام المجلس الرئاسي أولا بإصدار تفويض لوزراء حكومة الوفاق من أجل منحهم شيئا من الشرعية ، كما انطلق السراج في إصدار القرارات والتي اثارت تقريبا كلها جدلا واسعا على غرار القرار رقم 31 القاضي بتقسيم ليبيا الى سبع مناطق عسكرية كما أصدر السراج قرار بعث مديرية امن بدراغن ووادس البوانيس ، ويرى متابعون بانّ السراج يسعى للظهور امام المجتمع الدولي على أنه فعلا يسيطر على الأرض ويصدر قرارات وتطبق.
لكن الواقع هو عكس ذلك وبالتالي يتساءل المتابعون أي فائدة و جدوى من تقسيم ليبيا الى مناطق عسكرية وحكومة الوفاق لا تسيطر على تلك المناطق كما تدرك الوفاق ان احداث سبع مناطق عسكرية يتطلب على الاقل 50 ألف عسكري، وهذا غير متوفر لدى حكومة السراج وإنشاء مناطق عسكرية يستوجب حاضنة شعبية وهذا أيضا غير متوفر على الاقل في البريقة و الهلال النفطي .
يجمع المراقبون لمنعطفات ومنعرجات الأزمة الليبية بان الأوضاع ستسير من سيء الى أسوا في ظل وجود ثلاث حكومات متنافسة كل منها تدعي الشرعية ومؤسسة عسكرية وليدة في الشرق ومليشيات متناحرة على المواقع والنفوذ غرب البلاد وصراع مسلح بين الجيش الوليد والحديث التكوين ضد تلك المليشيات في الجنوب .
وعلى خلفية قرار السراج بعث سبع مناطق عسكرية يشير خبراء عسكريون بان المشهد العسكري سوف تنضاف اليه سبع جيوش، بإعتبار الصلاحيات التي نص عليها قرار إنشاء تلك المناطق العسكرية و مهام آمر المنطقة العسكرية وصلاحياته ، إذ جاء في المادة الثانية تمنح لآمر المنطقة العسكرية صلاحيات إتخاذ القرارات وفق ما يراه مناسب والمسالة تتعلق بالحرب والسلم والتسليح و التدريب.
تنافس مستمر
وبهكذا قرارات و خطوات من طرف الحكومات المتنافسة و سعي كل واحدة منها فرض أمر واقع جديد يسمح لها لاحقا بنزع الشرعية فحكومة الوفاق التي فشلت في نيل ثقة البرلمان وفشلت في فرض سلطتها حتى في العاصمة طرابلس نراها تراهن وعلى الدعم الدولي لفرض نفسها لكن ما لا يمكن ان يخفى على داعمي هذه الحكومة هو ان هذا الدعم لا يمكن أن يتواصل إلى ما لا نهاية له .
فالإتفاق السياسي نص على فترة عامين لتنفيذ الاتفاق والآن انقضى 17 شهرا ، إضافة إلى ذلك الأطراف الداعمة للسراج تسرب اليها القلق والشكوك في قدرة الأخير على أن يكون فعلا رجل المرحلة امام هكذا ركود في مياه العملية السياسية وتعطل لغة الحوار بسبب عجز البعثة الاممية وتراخي الدول الكبرى وعدم وضعها الملف الليبي على أولوياتها يخشى نشطاء بالمجتمع المدني من مختلف اقاليم ليبيا بمزيد تطور الأوضاع الأمنية والسياسية نحو الأسوء بعد تضييع فرصة ارساء السلام وإنهاء الازمة التي وفرها لقاء فائز السراج وخليفة حفتر بابو ظبي وإصدارهما لبيان هو عبارة عن اتفاق رحب به المجتمع الدولي وأغلب الليبيين . لقاء جاء بعد جهود وضغوطات ومشاورات قامت بها دول الاقليم والجوار ضمنها دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان دون نسيان جهود سعودية ومصرية و أردنية في تحقيق ذلك اللقاء، وينوه النشطاء بالمجتمع المدني بان الأزمة كانت في طريقها الى الحل لكن الاطراف المعرقلة للتسوية تدخلت من جديد وعلى طريقتها المعتادة فكانت مجزرة براك الشاطئ لتعود الأزمة الى المربع الأول لتتأجل فرحة الليبيين بإنهاء حالة الفوضى والتناحر الى اجل غير مسمى مع ان هذه الإنتكاسة لن تثني عزم وتصميم لا دولة الإمارات و لا غيرها ..