مقاتلي السرايا حقنا للدماء وحفاظا على الارواح على حد تعبيره .واضاف ياسر الجبالي المتحدث باسم السرايا بان قوات السرايا غايتها وهدفها هو إعادة اهالي بنغازي المهجرين من مدينتهم بنغازي .
وكانت مصادر امنية وشهود عيان من الجفرة كشفت في وقت لاحق من سيطرة الجيش على الجفرة بان قوات الكرامة تقدمت باتجاه الجفرة عبر عدة محاور ضمنها محور سوكنه – زلة – سبها وبعد اقناع قبائل الجفرة سحب ابنائها المقاتلين ضمن المليشيات المسيطرة على قاعدة الجفرة الجوية والمتواجدة في محيطها ، معلوم بأن الجفرة تعرضت ومنذ تاريخ حدوث مجزرة براك لسلسلة غارات جوية ليلية ونهارية تجاوزت المائتي غارة بواسطة الطائرات المقاتلة والمروحيات .
حيث جرى استهداف وتدمير كل هدف متحرك من سيارات مسلحة وتمركزات المليشيات ويرى متابعون للشأن الليبي في شقه العسكري بان سيطرة الجيش على الجفرة ودون مواجهات مع المليشيات سواء تلك الموالية لحكومة الوفاق او تلك التابعة لمصراته، إنما هي تأجيل للمعركة الحاسمة وترحيل تلك المعركة إلى مكان ما غير منطقة الجفرة لأسباب معلومة وأخرى غير معروفة .
من الأسباب المعلومة التي جعلت المليشيات تفضل الانسحاب من قاعدة الجفرة بسرعة مذهلة وخسارة موقع استراتيجي بكل المعايير استولت عليه منذ 16 افريل 2016 ، إن قيادات تلك المليشيات أدركت بان وجودها غير مرحب به من القبائل هذا اولا، اما ثانيا فقصف طيران الكرامة دمر تقريبا اغلب مخازن الاسلحة و الذخيرة و الآليات وثالثا تلك المليشيات وبعد انسحاب أبناء قبائل الجفرة من صفوفها اختل التوازن بينها والطرف المهاجم أي الجيش .
اما عن الاسباب غير المعروفة التي جعلت المليشيات تسارع بإخلاء الجفرة فيرجح خبراء عسكريون ان تكون قيادات المليشيات قد قررت ترحيل المعركة الحاسمة اما لمصراته حيث الحاضنة الاجتماعية أو للهلال النفطي بعد استحالة نقل المعركة الفاصلة الى طرابلس لوجود دعم شعبي للجيش و لرفض المجتمع الدولي تحويل الحرب الى العاصمة .يشار الى ان مفاجأة غير سارة تلقتها المليشيات من طرف بعض مكونات مصراته تمثلت في اعتراض مجموعة مسلحة لإحدى المليشيات المنسحبة من الجفرة اين جرى اشتباك مسلح بين الطرفين والذي يعني بداهة ان مصراته ليست كلها داعمة للمليشيات المسلحة .
تقدم الجيش
منذ انطلاق عملية البرق الخاطف والتي اسفرت عن استعادة الهلال النفطي ثم اطلاق عملية الرمال المتحركة في الجنوب تتالت انتصارات قوات الكرامة وبعد ذلك جاءت مجزرة براك الشاطئ التي مثلت ما يجوز وصفه بالانتكاسة للجيش وكشفت اخلالات ومظاهر تقصير واضح ما دفع بالعميد بنايل امر منطقة الجنوب العسكرية الى الاستقالة ، المنعرج في سياق الصراع بين قوات حفتر والمجموعات الموالية للوفاق والمجموعات الاخرى التي تصنفها قيادة الجيش كمجموعات ارهابية المنعرج كان بإحداث غرفة العمليات العسكرية مع مصر المندفعة لمحاربة الارهاب في ليبيا سيما بعد ثبوت تورط التنظيمات الارهابية في درنة في العمليات الارهابية التي شهدتها مصر .
ويجمع المراقبون بأن التعاون العسكري بين الجيش الليبي بقيادة حفتر وقيادة الجيش المصري ارتفع الى أعلى درجاته ،ويكفي هنا الإشارة الى ان الفريق محمود حجازي رئيس هيئة الاركان المصرية قد زار مقر قيادة الجيش الليبي في الرجمة قبل أقل من شهر ولم يكشف سوى القليل عن مضمون تلك الزيارة .
اما عن سر انتصارات قوات الكرامة فهو رهانها على اعيان القبائل وجمعهم حولها ان كانت البداية عند تحرير الهلال النفطي اين قام الاعيان وعلى راسهم الشيخ صالح الاطيوش شيخ قبيلة المغاربة بإقناع ابناء المغاربة المقاتلين في صفوف حرس المنشات النفطية بقيادة المدعو ابراهيم الجضران بالانسحاب وتسليم اسلحتهم الى الجيش حقنا الدماء و كانت النتيجة سيطرة الجيش على الموانئ دون قتال ، ونفس السيناريو تكرر نهاية الاسبوع الماضي وفي مكان اخر وهو الجفرة ذات الموقع الاستراتيجي .
اهمية الجفرة تتيح للطرف المسيطر عليها قطع الطريق على مهربي البشر و تحول دون وصول المهاجرين غير النظاميين للشمال الليبي ، اهمية الجفرة تتجسد عسكريا في كونها تحتضن اكبر قاعدة جوية في شمال افريقيا لوجود عدد كبير من المهابط و إمكانية نزول كل أنواع الطائرات المقاتلة كما تحتوي قاعدة الجفرة على عدد كبير من الدشم- مخازن الاسلحة والذخيرة – والقاعدة المذكورة تتوسط ليبيا ،وتربط مع قاعدة الوطية الجوية في اقصى الغرب الليبي و الشرق مع قواعد طبرق والجنوب تمنهنت – الكفرة وهذه الافضلية للقاعدة الجوية الجفرة تسمح للمسيطر عليها قطع التواصل بين التنظيمات الارهابية خاصة تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي .
لتكون المحصلة ان الجيش وبعد بسط نفوذه على الجفرة غنم ورقة سياسية سوف تغير المعادلة السياسية خلال قادم الايام و تمكن المشير حفتر من تقوية موقفه خلال أية مفاوضات.
اين السراج من المستجدات العسكرية الاخيرة؟
اللافت بعد التطورات العسكرية و سقوط الجفرة بيد الجيش انه لم تصدر مواقف رافضة سواء من طرابلس اي المجلس الرئاسي ومن قيادات مصراته ،فحتى حزب جماعة الإخوان المسلمين العدالة والبناء الذي أصدر بيانا بعد سقوط الجفرة بيوم واحد لم يتعرض لما حدث بل طالب الرئاسي برفع شكوى لدى مجلس الامن ضد ما سماه بالتدخل المصري في درنة والذي سبق لقيادة الجيش الليبي أن بررته وباركته طالما انه يدعم الحرب على الإرهاب.
وابرز موقف غائب مما جرى في الجنوب هو لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج الذي سعى لاستكمال تنفيذ القرار رقم 31 لسنة 2017 القاضي بتقسيم ليبيا الى سبع مناطق عسكرية اذ بادر اولا الى طمناة اقليم برقة بان الهلال النفطي ليس معنيا بالتقسيم الحاصل، وان الموانئ ستبقى تحت اشراف حرس المنشآت النفطية ثم بعد ذلك التوضيح عين السراج كلا من محمد الحداد حاكما عسكريا للمنطقة الوسطى وأسامة الجويلي حاكما عسكريا للمنطقة الغربية ، معلوم بان مجلس النواب استنكر اصدار القرار 31 ،وأكد بأنه لا اثر قانوني له إطلاقا .
ويذهب شق من الملاحظين بان السراج يكاد لا يمسك بين يديه اية ورقة سياسية عند المفاوضات ويكتفي فقط بالدعم الدولي وشبه توافق المجتمع الدولي حوله ليكون قائد المرحلة القادمة و يؤكد الملاحظون بان عددا من من الدول بدأت تشكك في قدرة السراج على ان يكون فعلا رجلا المرحلة أو التمكن من فعل وانجاز شيء على الارض ، الاتحاد الاوروبي وقع الاتفاقيات وأطلق عملية صوفيا البحرية ودرب خفر السواحل قصد محاربة الهجرة غير الشرعية وراهن على تعاون السراج لكن الاخير لم يفعل ولم ينجز المطلوب لسبب بسيط وهو عدم امتلاك السراج لمؤسسة عسكرية او حرس حدود .
كما ان الاتحاد الأوروبي سبق له ان اتهم اطرافا محسوبة على حكومة الوفاق بالضلوع في تهريب البشر مما دفع بالأمم المتحدة بالتهديد بملاحقة الأطراف التي تشجع على تهريب البشر معطيات تجعل الاتحاد الأوروبي يعيد النظر في تعامله مع السراج و يعدل موقفه من حفتر وإذا ما سلمنا بان المجتمع الدولي والأمم المتحدة لن تتخلى عن السراج لأسباب يطول الخوض فيها فإن المرجح الآن و بعد سيطرة حفتر على الجفرة هو فرض تسوية على الفرقاء يكون فيها نفوذ تيار الاسلام السياسي بأقل مستوى ممكن ولن يكون بوسع هذا التيار المطالبة بمثل ما كان يطالب به عندما كانت الجفرة تحت سيطرة مليشيات هذا التيار .
متغيرات و تطورات الايام الأخيرة والسقوط المدوي لمليشيات تيار الاسلام السياسي والتي يضعها الجيش في إطار الحرب على الارهاب، يبدو أنها على ارتباط بمخرجات قمة الرياض الامريكية الاسلامية ثم احداث بريطانيا الارهابية والتسريبات المنسوبة لأمير دولة قطر وايضا بالدعوات برفع شكوى لدى الجنائية الدولية لمحاسبة قطر بتهمة تمويل جماعات متطرفة في ليبيا بـ800 مليون يورو في شكل استثمارات، وكذلك تأكيد مصر انها من أجل ضمان امنها القومي ستضرب في أي مكان خارج مصر يكون فيه إرهابيون يهددون امنها .
مؤشرات وتحولات إقليمية ودولية منها ما هو متأت من الخطوط العريضة للسياسة الخارجية للرئيس ترامب الذي جعل إحدى اولويات إدارته خارجيا محاربة التطرف الديني ومنها مافرضته الأحداث الإرهابية الأخيرة في مصر وبريطانيا وفي الداخل الليبي إذا ما صنفنا عملية براك الشاطئ عملية ارهابية لبشاعة المجزرة والتي حملت بصمات تنظيم القاعدة الارهابية .