لكن هذا الفشل يعزوه المحللون إلى رهانات أمريكية داخلية أكثر منها فشل جهود ماكرون في إقناع الرئيس الامريكي. ماكرون كان تحدث عن التلويح بانسحاب امريكا من اتفاق باريس كخط أحمر يجب على المجموعة الدولية منع حصوله.
في هذه الحقبة الاولى برز نجم ماكرون وهو يلتقي لأول مرة الرئيس الامريكي دونالد ترامب. لا قاسم مشترك يجمع بين الرجلين سوى أن انتخابهما شكل مفاجأة لم تكن تتوقعها استطلاعات الرأي في بداية مشوارهما السياسي. خلال الانتخابات الأمريكية كانت هيلاري كلينتون هي المرشحة المفضلة لامانويل ماكرون وخلال الانتخابات الرئاسية الفرنسية كانت مارين لوبين هي المفضلة ايديولوجيا لدونالد ترامب. لكن تفيد كل المؤشرات الإعلامية ان حرارة التواصل اخترقت العلاقات بين الرجلين اللذين وعدا بالعمل سويا على تدبير قضايا العالم المعقدة. هذه الحرارة نجدها غائبة في علاقات ترامب بالمستشارة الألمانية انجيلا ميركل التي لم تنتظر عودة ترامب لواشنطن للإدلاء بتصريحات متشائمة حول مستقبل العلاقات الأوروبية الامريكية.
في الشطر الثاني من هذه المقاربة يأتي لقاء الرئيس ايمانويل ماكرون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قصر فرساي ليعطي زخما غير مسبوق لهالته الدولية. لقاء الرجلين يعتبر في حد ذاته منعطفا هاما لكونه يأتي بعد تصعيد كبير في العلاقات بين باريس و موسكو في عهد الرئيس هولاند أدت الى إلغاء زيارة كانت مرتقبة لبوتين لفرنسا و تسببت في توتر غير مسبوق بين البلدين... كما جاء لقاء ماكرون بوتين في عظمة وجلال قصر فرساي العريق بعد ان كان هذا الأخير يراهن على فوز مارين لوبين في الانتخابات الرئاسية و كانت الآلة الإعلامية الروسية نزلت بكل ثقلها لمحاولة تشويه صورة المرشح ماكرون ونسف كل حظوظه بالفوز بهذه الانتخابات.
في خلال ساعات معدودة وقف الرئيس الفرنسي الجديد ايمانويل ماكرون على مسافة بين أقوى رجلين في العالم دونالد ترامب وفلاديمير بوتين. كان هدف العمليتين المعلن هو كسر الجليد وإعادة الثقة والاعتبار الى شرايين هذه العلاقات التي تأثرت بحيثيات انتخابية وتسممت بتضارب مصالح بين اجندات هذه الدول.
مصطفى الطوسة
كاتب سياسي مغربي