في طور الضبط والترتيب وتحديد الملامح: خارطة طريق لإنعاش الاتفاق السياسي الليبي وبلوغ التسوية النهائية

شهد شهر افريل المنقضي نسقا غير مسبوق في سلسلة المشاورات الدولية وتبادل الزيارات من والى ليبيا ، شهر افريل شهد زيارتين للمبعوث الاممي لشرق وغرب ليبيا، اضافة الى لقاء أبو ظبي الذي مثل نقطة تحول فاصلة في إطار العلاقة المتوترة بين قائد الكرامة ورئيس الرئاسي لحكومة الوفاق.

وعزم الطرفان على بعث لجان تواصل بين غرب وشرق البلاد لتوحيد المؤسسة العسكرية ومعالجة نقاط الخلاف تمهيدا لتنفيذ إعلان الاتفاق السياسي بالإعلان الدستوري، وتغيير المجلس الرئاسي وطرح حكومة الوفاق في نسختها الثالثة على مجلس النواب للمصادقة عليها.
في غضون هذه المتغيرات الايجابية كشف المبعوث الاممي مارتن كوبلر - الذي يستعد لمغادرة منصبه على رأس البعثة الأممية- ، عن النية لإقرار خارطة طريق عاجلة، تستند بالأساس الى ما تحقق من تقارب بين حفتر والسراج ولقاء روما الذي جمع كلا من رئيس مجلس النواب ورئيس المجلس الاستشاري للدولة.

ووفقا لمتابعي الشأن الليبي بشقيه السياسي والعسكري، فان خارطة الطريق المذكورة تتضمن أولا الإسراع بتشكيل لجان التواصل ما بين الرئاسي وسلطات طبرق وخاصة القيادة العامة للجيش والمتكونة من قيادات عسكرية تمثل كل أقاليم ليبيا من اجل توحيد المؤسسة العسكرية ، فلئن وجد في شرق البلاد المؤسسة العسكرية موحدة ومن السهل عليها تعيين أعضاء اللجنة العسكرية ، فان المسافة والصورة في طرابلس وفزان مختلفة.

تجاذبات مستمرة
وتتواصل التجاذبات والصراعات ما بين طرابلس مصراتة الزاوية والجنوب المنقسم بين الولاء لطبرق والاصطفاف وراء طرابلس أو مصراتة. فبعد ان خاض البنيان المرصوص حربا ضد ‹›داعش›› سرت وهزمه وحرر المدينة تحول وفد عنه إلى كل من مصر والجزائر وروسيا مطمئنا تلك الدول بأنه مستعد للتواصل مع الكرامة لكن بشروط لعل اهمها أن تمنح قيادات البنيان المرصوص وهي من مصراتة مناصب عسكرية عليا.
العقبات امام تشكيل لجنة عسكرية تتمثل ايضا في ثوار 17 فبراير الذين تراجع دورهم وظهورهم خلال الفترة الفارطة .

ويرى البعض ان هؤلاء لن يقبلوا بوجود ضباط من عهد القذافي سواء الذين انضموا للكرامة في الشرق والجنوب الليبي ،ام اولئك المتواجدين في طرابلس وغربها ثوار 17 فبراير الذين اسقطوا نظام القذافي متمسكون برفض العمل تحت قيادة عسكرية من المنظومة القديمة .
النقطة الثانية التي تتضمنها خارطة الطريق المتوقعة هي استئناف لجنة الحوار السياسي لعملها حيث من المبرمج ان تدور الجلسات الجديدة داخل ليبيا ، وان تحقق كذلك فهو يمثل نجاحا للبعثة الأممية التي يبدو وأنها تداركت ضعفها مؤخرا . وفيما يتعلق بالنقطة الثالثة فتتمثل في الحصول على التزام من رئاسة مجلس النواب بعدم عرقلة تضمين الاتفاق السياسي بالإعلان الدستوري وعدم استعمال ورفع الفيتو أمام ترؤس فايز السراج للحكومة القادمة.

النقطة الرابعة تتمثل في عودة النازحين في الداخل والخارج وتوسيع قاعدة الحوار. وفي هذا السياق يتوقع مراقبون دخول رموز النظام السابق من الصف الأول للحوار. علما وان الفترة الماضية شملت إجراء اتصالات مع مسؤولين من النظام السابق ، كما تم تسجيل عودة مسؤولين سياسيين كبار للمشهد السياسي بينهم محمد الروي امين مؤتمر الشعب العام حيث عينه رئيس مجلس النواب في منصب مستشار للشؤون المغاربية .

وهذه النقاط هي جزء من مكونات خارطة الطريق التي يعمل عليها مند أيام المبعوث الاممي، لكن ما هو أهم من خارطة الطريق ذاتها هو ضبط مواعيد زمنية محددة بدقة لتنفيذها وإنعاش الاتفاق السياسي قبل انهياره وهو ما يسعى المجتمع الدولي لتحاشيه . والاهم أيضا هو توفر الإرادة لدى الفرقاء الليبيين أنفسهم في إنقاذ بلدهم قبل ضياع الفرصة وتخلي دول الإقليم عن التدخل عبر حلفاء الداخل لتأجيج الصراعات السياسية والعسكرية .

غياب الآلية الواضحة
في سياق اخر جرى تسجيل خرق لاتفاق المصالحة بين الزنتان والمشاشية الذي يسمح بعودة المئات من عائلات المشاشية إلى منطقة العوينية بالجبل الغربي ،لكن حدث أمس مواجهات مسلحة بين المشاشية وأهالي منطقة الخرايفة بسبب خلاف على ارض كان يزعم ملكيتها. وتبعا لمصادر طبية وأمنية متطابقة فان قتلى وجرحى سقطوا جراء الاشتباكات التي توقفت بعد تدخل الأعيان والمشايخ.

واقعة تطرح اشكالية غياب آلية واضحة ترافق تنفيذ المصالحات وكانت حادثة متشابهة حصلت الأسبوع الماضي في سبها خلال خرق اتفاق المصالحة الذي ابرم في روما بين التبو وأولاد سليمان . وطالب ناشطون بالمجتمع المدني بايجاد آلية قوية تضمن حماية انشقاقات المصالحة بوجود قوة عسكرية محايدة.
ويجمع الناشطون بالمجتمع المدني بان ما حدث بين التبو وأولاد سليمان وما جرى بين المشاشية وأهالي الخرايفة وأيضا في مدينة طرابلس لن يشجع على تنفيذ الاتفاق المبرم منذ 10 أشهر بين بلدي مصراتة ومحلي تورغاء من اجل إنهاء معاناة 15 ألف نسمة من سكانها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115