التحرك الامريكي سبقه تحرك رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج ببعث رسائل طمأنة لقيادة لكرامة ومجلس النواب بإعلان استعداده بتقديم تنازلات لصالح قيادة الجيش ، وحول طبيعة تلك التنازلات يرى مراقبون ان السراج يتجه الى قبول التخلي عن المادة الثامنة من الاحكام الاضافية والمتعلقة باختصاص التعيينات العسكرية والامنية لفائدة رئيس مجلس النواب لقائد الجيش الى حين انتخاب رئيس الدولة، وذلك بسبب رفض المشير حفتر العمل تحت قيادة سياسية مدنية غير منتخبة رغم الضغوطات الدولية المتزايدة عليه.
حيث فشلت جهود الامم المتحدة وبعض دول الجوار بإقناع رئاسة مجلس النواب والدول الداعمة لحفتر بقبول المادة الثامنة خوفا من انهيار العملية السياسية ودخول البلاد في فوضى شاملة ثم الايعاز للسراج بالرضوخ للأمر الواقع وقبول حكم ليبيا دون الاشراف على الجيش .
اما عن ملامح السياسة الخارجية الامريكية تجاه الازمة الليبية ،فيرى متابعون بان دوائر القرار الامريكي لن تقبل التخلي عن ليبيا لفائدة اطراف اخرى .
دوائر مثل مجلس الشيوخ واجهزة المخابرات اسرعت الى رفض تصريحات ترامب الاخيرة، طاغطة عليه بضرورة تعيين مبعوث خاص خلفا للمبعوث السابق جوناثان واينر.
معلوم ان الولايات المتحدة الامريكية ومنذ واقعة اغتيال سفيرها في ليبيا ببنغازي في ظروف غامضة ، تراجع دورها وطبعت الضبابية عليه مما فسح المجال للدب الروسي لاكتساب مزيد من النفوذ عبر استغلال الفراغ وربط قنوات الاتصال مع طرابلس وطبرق.
وتدرك دوائر القرار الامريكي بان الاندفاع الروسي نحو ليبيا سوف لن تقبل به ايطاليا –فرنسا لارتباط مصالحها مع ليبيا واذا ما اخذنا بالاعتبار التقارب الامريكي وقتها يمكن الحديث عن توافق ايطالي – بريطاني فرنسي حول الملف الليبي .
السيناريو المرتقب
الثابت ان الولايات المتحدة بقيادة الجمهوريين تعمل على انهاء ازمات الشرق الاوسط وشمال افريقيا والانصراف باتجاه شرق اسيا ، وقد كشف دونالد ترامب ان بلاده لن تكون شرطي العالم ، وإنما سوف تشجع على اقامة تحالفات بين دول المنطقة لمحاربة افة الارهاب ، فيما يمكن توصيفه بالحرب بالوكالة .
اما في الملف الليبي فان واشنطن سوف تمارس ضغوطات على كل من حفتر والسراج من اجل التوافق وإنهاء الصراع بين طرابلس وطبرق.
هذا ومارست الدول العظمى ضغوطات مستمرة وأعطت تعليمات صارمة للقيادات العسكرية المتصارعة في الجنوب للتقيد بمواقعها وعدم التصعيد الى حين بلوغ التسوية النهائية . ولايستبعد مراقبون ان يكون التصعيد العسكري في سبها مصطنعا من المخابرات الغربية لاجل اجبار السراج وحفتر على تقديم تنازلات وذلك لاستحالة الحسم العسكري .
يشار الى انّ المبعوث الاممي مارتن كوبلر وصل الى العاصمة السودانية الخرطوم للقاء الرئيس عمر البشير ووزير خارجيته وذلك تمهيدا لانعقاد الاجتماع الـ11 لوزراء خارجية دول جوار ليبيا في الثامن من ماي الجاري ، وقبل زيارته للخرطوم التقى كوبلر مع محمود حجازي رئيس اركان الجيش المصري وبحث معه اخر التطورات على الساحة الليبية.