وقد أثارت آلية اختيار المجلس الأعلى للدولة فرق الحوار السياسي جملة من الأسئلة ، منها ما يتعلق بمدى قدرة الدوائر الانتخابية إجراء الانتخابات للتصويت على المترشحين لعضوية لجنة الحوار سيما بالمدن التي تعرف صراعات مسلحة ، مثل درنة وسبها كما أن قرار الأعلى للدولة بتسمية 4 أعضاء من لجنة الحوار يمكن أن تعترضه عقبات وعراقيل عديدة.
واضح وجلي بان تشكيل لجنة الحوار السياسي سواء في طرابلس وطبرق سوف لن يكون سلسا وسهلا، باعتبار أن رئاسة مجلس النواب اختارت بعد فريقها المحاور ورفض آلية التعيين بعد تفويض من طرف 33 نائبا بالبرلمان وعبر جلسة رسمية، مما جعل النواب الغائبين عن تلك الجلسة يعارضون تكليف رئاسة المجلس تعيين وفد الحوار السياسي. وأمام هكذا صعوبات وتجاذبات فان ميلاد لجنة الحوار سيكون عسيرا محليا، أما دوليا فان المبعوث الاممي مارتن كوبلر الذي يستعد لمغادرة منصبه قريبا، كثف من مشاوراته واتصالاته مع القوى الإقليمية ودول الجوار من اجل تحقيق انجاز ما ولو كان محدودا على طريق حلحلة الأزمة وتجاوز حالة الجمود التي أصابت العملية السياسية ويسعى كوبلر في هذا السياق لحفظ ماء الوجه.
ويراهن كوبلر على دول الجوار العربية التي سبق لها أن طرحت مبادرة ثلاثية نالت الدعم الدولي . يشار إلى أن الجزائر مؤهلة للعب دور ايجابي لإنهاء الأزمة السياسية في ليبيا ولو أن التوافق بينها وبين مصر مازال بعيد المنال والسبب هو موقف مصر من مستقبل المشير حفتر. صحيح وان قائد الكرامة له علاقات جيدة مع الجزائر ومصر وسبق له زيارة الدولتين . كما سبق للوزير الجزائري أن زار قائد الكرامة مؤخرا غير أن الجزائر وبدوافع أمنية وسياسية، تعيد التواصل مع حفتر باعتبار آن لحفتر قبائل موالية في أقصى غرب ليبيا شمالا وجنوبا والزنتان . وفي تلك المناطق يتواجد جزء هام من امازيغ ليبيا . وتدرك الجزائر أن عدم تواصلها مع حفتر هناك سيقوي الامازيغ بالجبل الغربي المتاخم لحدود الجزائر. المحصلة الجزائر مجبرة على التعاون مع حفتر لمحاصرة نفوذ امازيغ ليبيا كما تدرك بان تواصل حالة ضعف الدولة في ليبيا معناه مزيد المتاعب الأمنية على حدودها الجنوبية. المخاوف الأمنية تسيطر على الجزائر ودفعت بمئات الآلاف من جنودها إلى الجنوب واضطرت مؤخرا لإجراء اكبر مناورات عسكرية قرب الحدود المشتركة مع ليبيا .
كما قبلت الجزائر التواصل مع حفتر لكن بشروط منها منع حفتر من مهاجمة مصراتة وطرابلس من اجل إثبات حسن نيتها وشبه دعمها لطرابلس ومصراتة .
وفي هكذا مقارنة بالسياسة الخارجية المصرية اتجاه ليبيا ويجوز ويجمع المراقبون على ان كلا من الجزائر وايطاليا مؤهلتين الآن للعب دور الوسيط بفضل القبول المحلي وبفضل الدعم الدولي وتفويض أمريكي صريح واستعداد روسي لمساندة ايطاليا.
أهمية اجتماع دول الجوار القادم
على صلة بذلك الطرح أشارت تسريبات ديبلوماسية من العاصمة الجزائرية عن إعداد مجموعة جديدة للاتفاق السياسي مضمونها تعديلات على الإتفاق السابق تكفل الابقاء على المجلس الرئاسي وضمان منصب لحفتر وتوسيع قاعدة الحوار السياسي. وتراهن الخارجية الجزائرية على مخرجات اللقاء الأخير الذي يجمع عقيلة صالح وعبد الرحمان السويحلي في العاصمة الايطالية روما.
الجدير بالملاحظة بان رئيس مجلس النواب يتمسك بضرورة إيجاد ممثل الجيش ضمن الرئاسي القادم من خلال منح منصب نائب رئيس الرئاسي لعلي القطراني . وكان رئيس مجلس النواب اختار وعين عبد السلام رئيس وفد لجنة الحوار وهو معروف بدعمه للجيش، ويجمع المتابعون على أن احد الشروط نجاح اجتماع دول الجوار القادم في الجزائر هو إعطاء ضمانات وإيجاد الحد الأدنى لعنصر الثقة بين الفرقاء.