يؤكد مراقبون وجود نقاط تشابه كبيرة بين ما تدعو اليه لوبان وما دعا اليه الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب لعل ابرزها العداء الواضح تجاه المسلمين والمهاجرين.
ولمعرفة اوجه التشابه بين لوبان وترامب يجب اولا الاشارة الى اهم ماطالب به الطرفان خلال حملتيهما الانتخابية ، فبقدر ما كان مفاجئا صعود ترامب الى سدّة الحكم في الولايات المتحدة الامريكية ومن قبله «البريكست» وخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي ، لايستبعد متابعون للشأن الفرنسي المتوتر ونتيجة الانقسام الحاد في الشارع ، نجاح اليمينية المتطرفة في دخول قصر الاليزيه.
الهجرة وسياسات العزلة
فخلال حملتها الانتخابية تعهدت لوبان بتأمين حدود بلادها أمام الإرهاب وغلق ابواب الهجرة الى فرنسا اذ تقول لوبان ‘’أن الجنسية الفرنسية يجب ان تكون «اما وراثية او مستحقة» ، في حين دعا ترامب خلال حملته إلى تشييد جدار عازل على الحدود مع جارته الشمالية المكسيك للحد من تدفق المهاجرين وهو مابدأ بتنفيذه فعليا بعد توقيعه مرسوما في الغرض يوم 25 جانفي المنقضي .
وبالإضافة الى تشدّد خطاب لوبان ازاء ملف الهجرة فان لوبان تؤكد خلال خطاباتها انها تتحدث باسم الشعب الفرنسي داعية الى تغليب مصلحته على كل شيء في تشابه كبير مع خطاب ترامب الذي دعا فيه الى اعادة المجد الى امريكا العظمى وتغليب مصلحتها الداخلية على كل مصالح العالم . ايضا تعرف المرشحة اليمينة المتطرفة بعدائها الواضح والكبير للمسلمين اذ قالت في كلمة القتها في باريس «اذا جئتم الى بلادنا، لا تتوقعوا ان نعتني بكم وان يحصل اطفالكم على تعليم مجاني. لقد انتهى زمن اللعب’’ . ولطالما ربطت مارين لوبان بين الهجرة الى فرنسا والتطرف والإسلام وعقب هجمات نوفمبر2015 طالبت لوبان «بطرد الاجانب الذين ينادون بالكراهية من فرسا» والى ‘’سحب الجنسية الفرنسية من المسلمين الذين يحملون جنسيات مزدوجة ويروجون لأفكار متطرفة’’.
ومن جانبه ربط ترامب خلال خطاب تنصيبه الارهاب بالمسلمين علاوة على اصداره قرارا بمنع مواطني 7 دول اسلامية من دخول الولايات المتحدة الامريكية إلاّ أنّ المحكمة العليا الامريكية ابطلت مفعول القرار الذي اعتبر من اكثر القوانين اثارة للجدل.
على صعيد متصل يرى مراقبون وجود توافق بين رؤية ترامب وشعارها «أمريكا أولا» متبنيا بذلك سياسة شعبوية قائمة على الانعزالية والتشدد والإنغلاق ، دعا خلالها الى تغيير مستقبل الامريكيين المنسيين واحداث تغييرات في النظام التعليمي بما يتيح للأمريكيين الحصول على وظائف .
وكان خطاب ترامب قد اثار جدلا واسعا بعد ان قال فيه «نحن اليوم لا ننقل السلطة من إدارة إلى أخرى أو من حزب إلى آخر، بل نحن نتداول السلطة من واشنطن إليكم أنتم أيها الشعب الأمريكي واشنطن ازدهرت ولكن الشعب لم يشاطرها الثروة، ولكن كل هذا سوف يتغير لأن هذه اللحظة هي لحظتكم.. إنه يومكم.. انه احتفالكم.. والولايات المتحدة هي بلدكم».
حزب مارين لوبان الفرنسي قال خلال حملة مرشحته للرئاسية «إن الوظائف والإعانات الاجتماعية والمساكن المدعمة والمدارس وغيرها من الخدمات العامة يجب ان توفر للمواطنين الفرنسيين قبل أنّ تمنح «للأجانب’’. وهي دلالة يقول مراقبون انها توضح نية لوبان امتطاء درب الشعبوية التي اتبعها ترامب للوصول الى سدة الحكم في اقوى دول العالم ، اذ يرى متابعون للشأن الفرنسي انّ لوبان تحاول بجهد كبير رسم صورة المدافعة عن العمال والفلاحين في اذهان الناخبين.
النزعة اليمينية في أوروبا
من جانبه قال الكاتب المختص في العلاقات الدولية د. جاسم البديوي في حديثه لـ’’المغرب» انّ العالم يمر بأزمة هي الأسوا منذ العصور الوسطى، مظهرها الاصطفاف الذي يتقسم العالم بين اليمين المتطرف والخوف من المهاجرين وبين المتنورين وهو مظهر واضح في الانقسام الثقافي الاجتماعي والسياسي المتأتي من مشكلة المهاجرين وداعش والارهاب وتنامي قوى الكراهية وانقسام العالم الى معسكرين شرق وغرب والتحالفات المنقسمة بين المتطرفين وبين المتنورين.
وحذّر محدثنا من المستقبل القريب الذي يلفه خوف على الهوية الحضارية للغرب في ظل تنامي نفوذ التطرف اليميني وتوجه الغرب والفرنسيين مؤخرا للتصويت لمرشحي اليمين المتطرف سببه خوف الفرنسيين من ظاهرة الارهاب وبحثهم عن الامن في خطابات المرشحين وهو ما استغلته مارين لوبان ومن قبلها دونالد ترامب وفق تعبيره.
وتابع البديوي «عندما يخاف الانسان يبحث عن الحماية وبالنتيجة هم استطاعوا التركيز على وتر حساس المهاجرين الهجرة وفرض تقييدات على تحركاتهم هذا كله سببه الخوف وهو ما خوّل لهم الارتماء في احضان التطرف»
وعن توقعاته بصعود لوبان في الانتخابات الفرنسية اجاب محدثنا انه « من المتوقع ان يكون معقل الحرية فرنسا التي تحمل صفة التسامح والحرية ومبادئ الثورة الفرنسية التي درست ، فرنسا التي بزغت منها انوار الحرية والعدالة والعدالة الاجتماعية والمساواة من المتوقع ان تختطف الان هذه الحرية والعدالة والمبادئ لصالح جهة تستفيد من التصعيد مع الاخر في ظل تصدر التيارات المتطرفة في الغرب المشهد السياسي وهو ما ينذر بالسوء وبالتراجع في الوعد بالمساواة للبشرية».