وبرهان غليون هو مفكر فرنسي سوري وأستاذ علم الاجتماع السياسي ومدير مركز دراسات الشرق المعاصر في جامعة السوربون بالعاصمة الفرنسية باريس ورئيس المجلس الوطني السوري السابق. ويعتبر برهان غليون من أبرز المعارضين لنظام الرئيس بشار الأسد.
• لو تقدمون لنا قراءتكم للمشهد الراهن في سوريا ؟
بعد ست سنوات من اطلاق يد التحالف الثلاثي الاسدي الايراني الروسي ضد الشعب السوري لإجباره على القبول بحكم الأسد الدموي، لأول مرة حاول التحالف الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة أن يتدخل لتغيير مسار الأحداث ويعيد مراجعة سياسته السورية والشرق أوسطية عموما. وليس السبب في ذلك ان جميع الاهداف الغربية قد تحققت بتحطيم ثورة الديمقراطية وحرمان الشعب السوري من حقه في تقرير مصيره وقيادة سياسة وطنية مستقلة، وتدمير سوريا كقوة اقليمية قادرة على التأثير في المنطقة في المستقبل بصورة مستقلة، وضمان ما تسميه اسرائيل مصالحها في سوريا لعقود طويلة. ترك الحرب مستمرة بعد ذلك لم يعد يخدم سوى مصالح ايران وروسيا. وإيران لا تخفي نواياها في الحاق سورية بالعراق وجعلهما مناطق نفوذ خاصة بها وأدوات لسيطرتها الاقليمية. كما ان روسيا تعتقد انها نجحت لأول مرة في امتلاك قواعد عسكرية ثابتة على المتوسط. وهذا بالتأكيد ليس في مصلحة الغرب.
• ماتعليقكم على الضربة الامريكية الاخيرة ماهي ابعادها وتداعياتها على المعادلة السورية ؟
غيرت هذه الضربة بالتأكيد التوازنات الاستراتيجية الاقليمية بمقدار ما أدخلت واشنطن في المعركة الدائرة حول رسم مصير سوريا. وبالتالي قلبت الطاولة على الحليفين الايراني والروسي. وأطلقت ديناميكية جديدة للمفاوضات أو للحرب.
كيف ترون الخطوة الامريكية القادمة في سوريا وهل يمكن ان تتكرر الضربة بدعم دولي ؟
بالتأكيد يمكن أن تتكرر الضربة إذا لم يفهم الطرف الآخر أن ميزان القوة الذي قام على انسحاب امريكا من الصراع قد انتهى وأن هناك معطيات جديدة ينبغي اخذها بالحسبان. وأولها أن سوريا لا يمكن أن تكون محافظة ايرانية ولا منصة لإطلاق الصواريخ الروسية. لكن بالرغم من التوتر الحاصل بين روسيا والولايات المتحدة اعتقد ان الامر سيتجه نحو التفاهم بين القوتين الكبريين، سواء بعد ضربات اخرى على القواعد السورية والايرانية، وهذا لن يزعج الروس كثيرا بالضرورة إذا كان هناك تفاهم عريض، أو من دون ذلك.
• بحث زعماء مجموعة السبع وتوافقوا حول سوريا دون الاسد ،برأيكم هل قربت ساعة الاستغناء عن بشار الاسد؟
بشار الأسد انهى وظيفته الرئيسية منذ سنوات. وهو منذ عام 2012 غطاء للتدخل الايراني والتدخل الروسي اي لمشروعين لا علاقة لهما بسوريا وشعبها، مشروعي احتلال بالمعنى الحرفي للكلمة.
• هل سينجح الغرب في اقناع روسيا بالتخلي عن دعم النظام السوري مقابل ضمانات اخرى ؟؟
اذا وصل الأمر إلى وضع اشارة استفهام حول هذين الاحتلالين فلن يبق للأسد أي أمل في الوجود. حتى ايران وروسيا لن يهمهما مصيره. لكن حسم مصير الاحتلالين لم ينته بعد .
• كيف تتوقعون مستقبل الشرق الاوسط في ظل حكم ترامب؟
مستقبل الشرق الأوسط والمشرق منه بشكل خاص سيء وكارثي مع ترامب ومن دونه، والسبب ان الطرف العربي فيه، وهو الممثل للأكثرية السكانية والجغرافية والثقافية، مهلهل في كل بنياته وتشكيلاته وفاقد للرؤية والإرادة والهدف والوعي. كل عنصر فيه يسعى إلى حماية نفسه أو ما تبقى له من مصالح وهمية، على مستوى النظم ومستوى النخب والجماعات. والواقع لم يعد هناك وجود حقيقي فيه لا لهيكل دولة بالمعنى الصحيح للكلمة ولا لهيكل امة وشعب وهوية. هو في حالة تفكك متفاقم. لن يصلح حاله إلا عندما يخرج من أزمة الهوية التي يعرفها ويعيد تنظيم نفسه داخل كل بلد وعلى مستوى البلدان والدول. وهذا يحتاج لنخب وطنية وثقافية أكثر شعورا بالمسؤولية تجاه شعوبها وأكثر وعيا واستقلالا فكريا وسياسيا.