و إن يبقى إيمانويل مكرون و مارين لوبان في طليعة السباق ب22 % لكل منهما فإن جون لوك ميلونشون مرشح حركة «فرنسا المتمردة» سجل تقدما واضحا وصل فيه لأول مرة منذ انطلاق الحملة الإنتخابية إلى نســـــبة 20 % وهو الرقم الذي يعتبره خبراء مؤسسات سبر الآراء حاسما في حظوظ النجاح باعتبار أن «نسبة الخطأ» في النتائج تصل إلى 7،2 %. المرشح اليميني فرنسوا فيون سجل هو الآخر تقدما نسبيا بنقطة جعلته يصل إلى 19 % وينافس بذلك المرشحين الآخرين.
تقهقر مارين لوبان و إيمانويل مكرون يفتح المجال قبل عشرة أيام من الإستحقاق الإنتخابي إلى تكهنات جديدة تعطي ميلنشون وفيون حظوظا جديدة، الأول بعد أن نجح في تخفيف صورة الزعيم الراديكالي التي تلاحقه و الثاني بعد أن قبل حزبه أن يدعمه بالرغم من فضيحة «بينيلوب غايت» التي زج فيها مناصريه. العنصر الثاني الذي يزيد من ضبابية التكهنات هو نسبة الناخبين المترددين الذين لم يحسموا بعد اختيارهم لأحد المرشحـــين وهو ينـــــــاهز 30 % من عدد الناخبين. ذلك يسمح بسيناريوهات مختلفة تمكن كل المرشحين الأربعة من العمل على تحقيق نجاح أصبح ممكنا.
خروج الحزب الإشتراكي من المشهد؟
منذ أسابيع تسجل كل استطلاعات الرأي، بالرغم من التحفظات المشروعة تجاه هذه الإستطلاعات، تراجع بونوا هامون مرشح الحزب الإشتراكي الفرنسي بالرغم من قلة الشخصيات الإشتراكية التي أعلنت مناصرتها للمرشح إيمانويل مكرون. و لم ينجح هذا الأخير في الفوز بأصوات الذين تخلوا عن مكرون. بل نجح جون لوك ميلنشون في جذب عدد هام من اليساريين نحوه مما جعل هامون يتقهقر إلى نسبة 5،7 % بعيدا عن النسبة التي تمكنه من البقاء في السباق.
وهو ما جعل الرئيس فرنسوا هولاند يخرج من عزلته ويساهم برأيه في الحوار الدائر في عملية يائسة، من ناحية، للحد من صعود جون لوك ميلنشون ومن ناحية أخرى، لإعانة بونوا هامون مرشح حزبه لتفادي عزوف الإشتراكيين عنه. هذا الموقف الرئاسي تلقاه الرأي العام الفرنسي في صورة صرخة رئاسية ضد امكانية انسحاب الحزب الإشتراكي من الرئاسية ... ثم من التمثيلية الإنتخابية في تشريعية شهر جوان وهو ما قد يشكل خروجا من الحياة السياسية التي شارك فيها الحزب في تأسيس النظام السياسي للجمهورية الخامسة.
هل ينجح فرنسوا فيون؟
منذ أن تخلى فرنسوا فيون عن سياسة الدفاع عن نفسه في قضية «بينيلوب غايت» و شرع في التركيز على مشروعه السياسي، تمكن من استرجاع بعض المساندين لحزب الجمهوريين مما مكنه من الحصول على 19 % في استطلاع الرأي. و استرجع فيون تدريجيا صورته الأولى التي نحتها، صورة المرشح اليميني القادر على إدارة الدولة. و يشير الخبراء أن لفيون خزان من الناخبين في حزب الجمهوريين، الذين التحقوا بإيمانويل مكرون، في غياب مرشح يميني تقليدي، يمكن لهم في الأيام الأخيرة المتبقية أن يرجعوا للبيت اليميني الواحد.وهو ما يعمل في اتجاهه كل الزعماء الجمهوريين بما في ذلك ألان جوبي.
هل ينجح جون لوك ميلنشون في رهانه؟
أسبوع قبل الإنتخابات يتقدم جون لوك ميلنشون للناخبين في ثوب جديد عمل على نسجه منذ اسابيع. و تشير الأرقام أن الرأي العام اليساري بدأ يتحرك شيئا فشيئا نحو مساندته في هذا السباق على الرئاسية بعد أن اقتنع بعدم نجاعة مساندة المرشح الإشتراكي. و عمل ميلنشون على استخدام التقنيات الحديثة للتواصل مع الجمهور بإنشائه لقناة تلفزيونية على شبكة يوتوب تمكن من خلالها من التواصل المباشر مع الجمهور بعيدا عن المحاصصة التي تتحكم فيها القنوات التلفزيونية. والنجاح الذي أصبح ممكنا حسب استطلاعات الرأي لميلنشون في صعوده للدور الثاني من الإنتخابات سوف يسجل كزلزال جديد في الحياة السياسية الفرنسية يهدم الأسس التي قام عليها نظام الجمهورية الخامسة و يفتح الباب أمام الجمهورية السادسة التي يعمل من أجلها الزعيم اليساري الراديكالي.