التي تؤكد وجود مقترح يجول في البيت الابيض وقدمه سيباستيان غوركا، مساعد الرئيس دونالد ترامب، لتقسيم ليبيا ، من الشكوك حول الاستراتيجية الامريكية في ليبيا بعد ان وضحت ادارة البيت الابيض الجديدة نهجها في سوريا وذلك بتوجيهها ضربة جوية مفاجئة قصفت قاعدة جوية تابعة لنظام بشار الاسد.
وقالت صحيفة الغارديان التي نشرت المقترح ان غوركا قدم هذا المقترح لترامب قبل أسابيع من تنصيبه ، رئيسا للولايات المتحدة في 20 جانفي الماضي. وتشير نفس الصحيفة الى ان مساعد ترامب وصاحب هذه التصريحات التي اثارت جدلا واسعا ، سيباستيان غوركا مرشح لخلافة مارتن كوبلر كمبعوث خاص الى ليبيا . وعقب التصريحات حذرت إيطاليا من مخاطر، أي مقترح أمريكي بتقسيم دولة ليبيا إلى ثلاث دول على أساس أقاليمها القديمة. واعتبر وزير الخارجية الإيطالي التقسيم خطرا كبيرا على أمن بلاده وامن المنطقة .
ولطالما كانت ليبيا محور خطابات ترامب خلال حملته الانتخابية التي سبقت فوزه بالانتخابات باعتبارها من اهم الملفات التي تغيب عنها الحلول ويصعب التوصل الى التوافق بين فرقاء النزاع الداخلي. وانتقد ترامب انذاك سياسة خلفه باراك اوباما كما استغلها لمهاجمة منافسته هيلاري كلينتون باعتبار انها كانت وزيرة الخارجية تزامنا مع ماشهدته ليبيا من فوضى واقتتال .وقال ترامب في احد خطاباته المثيرة للجدل انه سيعمل على «التدخل العسكري في ليبيا التي أغرقتها هيلاري كلينتون في المشاكل من أجل القضاء على التنظيمات المتطرفة خاصة داعش».
وتعيش ليبيا منذ سنوات انقساما حادا خلف صراعا داميا حول السلطة ، تمخضت عنه ثلاث حكومات اثنتان في العاصمة طرابلس (الاولى حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج تلقى دعما دوليا والثانية حكومة الإنقاذ)، وثالثة في مدينة البيضاء شرقي البلاد ( وهي الحكومة المؤقتة التي ترفض التنحي) .
فرضية واردة
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي الليبي محمد علي المبروك في حديثه لـ«المغرب»انّ فرضية تقسيم ليبيا واردة ولن تعترضها اية صعوبة لعدم وجود قوة وطنية ، وأضاف ان ليبيا مهيأة من الآن لهذا التقسيم بوجود حكومة في الشرق الليبي وحكومة في الغرب الليبي وفراغ في الجنوب الليبي .
وعن ملامح سياسة ترامب الجديدة في ليبيا وإمكانية حدوث تدخل غربي وشيك قال الكاتب الليبي انّ الحالة الليبية متأزمة معقدة بسبب حكام ليبيا وهي حالة تؤثر على دول جوار ليبيا وعلى العالم خاصة من الناحية الامنية ، وتوجه سياسة ترامب في ليبيا هو توجه قومي وليس توجها انسانيا وسينظر الى المصالح الامريكية مع تغاضيه عن اي مصالح للشعب الليبي. وأشار الى انّ التدخل الاجنبي وارد مع انهيار جميع المبادرات والحلول وهو تدخل سيرسم اعادة الخريطة السياسية لدول شمال افريقيا بظهور بلدان جديدة والتأثير لن يقف عند ليبيا بل يشمل مصر وتونس بسبب الارتباط المباشر مع ليبيا اقتصاديا واجتماعيا وجغرافيا .
تعارض أوروبي أمريكي؟
وبخصوص تمسك دول مجموعة السبع بدعم اتفاق الصخيرات ومايمكن ان يخلقه ذلك من تعارض في السياسة الاوروبية والأمريكية في ليبيا اجاب محدّثنا «التعارض وارد جدا فالسياسة الامريكية تعتمد على الحسم اكثر ماتعتمد على المساعي، خصوصا اذا رأت امريكا ان هناك خطرا على أمنها القومي بينما السياسة الأوربية تعتمد على المساعي السياسية والنفس الطويل».
وعن الدور الروسي وامكانية حدوث التصادم بين موسكو وواشنطن في ليبيا قال محدّثنا انّ التصادم متوقع في ليبيا بين امريكا وروسيا، وهنا الخطر وسيجر منطقة شمال افريقيا الى حرب قد تكون حربا عالمية جديدة اذا اندفعت تحالفات مع امريكا وروسيا ، والسبب وفق تعبيره ان طرفي الصراع المتمثلين في حكومة الشرق الليبي تعتمد على التحالف مع روسيا سياسيا وعسكريا واقتصاديا وحكومة الغرب تعتمد على التحالف مع امريكا واوروبا عسكريا واقتصاديا وسياسيا وهو امر واضح للجميع .
وعقب تركيز امريكا قاعدة جوية في النيجر قرب الحدود مع الجنوب الليبي وامكانية بدء امريكا في تنفيذ استراتيجيتها في ليبيا اكّد محدّثنا انّ «المستهدف هو تنظيم «داعش» في الجنوب ،لان الجنوب الليبي منفذ مفتوح لتنظم الدولة ولغيره بينما لايوجد منفذ لتنظيم «داعش» الارهابي في شرق ليبيا وغربها بسبب السيطرة الامنية لدول شرق وغرب ليبيا اي دول الجوار ،ولاشك مع استهداف تنظيم الدولة بهذه القاعدة فقد يكون لها أهداف اخرى وهى التدخل في ليبيا او الاستعداد لاي تدخل روسي».
سياسة ناعمة
وعن موقف دول جوار ليبيا وخاصة الجزائر من مثل هذه الخطوة لتقسيم ليبيا اجاب المبروك ان دول الجوار تكتفي بسياسة ناعمة وهي سياسة غير مجدية في الوضع الليبي مع حكام تتقدم مصالحهم على كل المصالح الاخرى . ودعا الى ضرورة اتخاذ مواقف حاسمة حازمة وصارمة مع الوضع الليبي الذي انهك ليبيا وشعبها وبدأ تأثيره واضحا على دول الجوار . وتابع» لقد ادركت أوروبا ذلك باتخاذ سياسة العقاب لبعض حكام ليبيا بتجميد الارصدة والمنع من السفر وغيرها ولكنها لم تستمر لانشغالها بمشاكلها ، واستمرار هذه السياسة اللطيفة الناعمة لدول الجوار مع حكام ليبيا هو استمرار لتعقد الوضع الليبي وانتظار لموجات تأثير داهمة لدول الجوار» .
نفوذ امريكي في الجنوب
ورغم الجهود الدولية لحلحلة الازمة فشلت أطراف الصراع الليبي في الاحتكام الى اتفاق موحد ينهي سنوات من الاقتتال السياسي والعسكري ،وهو ما زاد من تداخل الادوار الخارجية في شؤون البلاد وصل حد طرح فرضية التدخل العسكري الاجنبي في اكثر من مناسبة نتيجة الفوضى السياسية وتنامي التهديد الارهابي على الاراضي الليبية . ويربط متابعون للشأن الليبي التدهور الامني والاقتتال العنيف الذي تعيش على وقعه ليبيا والذي احتدم مؤخرا بسعي المجتمع الدولي الى البحث عن حل ينهي هذا الصراع ويعيد المشهد السياسي الى مرحلة من الاستقرار تتم على اساسه اعادة بناء الدولة الديمقراطية .
ورغم نفي الدول الاوروبية الفاعلة في الميدان الليبي ونقصد امريكا وايطاليا وفرنسا وبريطانيا وروسيا ايضا ، نيتها التدخل العسكري في ليبيا ، ظهرت في الواجهة فرضية اخرى يرى مراقبون انها خطوة نحو بسط النفوذ الاجنبي اكثر داخل ليبيا ، حيث تداول تقرير اعلامي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» جاء فيه ان واشنطن تبني قاعدة جوية عسكرية لطائرات دون طيار في مدينة أغاديز بالنيجر بقيمة 50 مليون دولار لمراقبة الأوضاع في جنوب ليبيا.
وقالت نفس الصحيفة انه من المتوقع الانتهاء من أعمال البناء العام المقبل. وتعتزم واشنطن استخدام تلك القاعدة العسكرية للسماح لطائرات «ريبر» بتنفيذ طلعات جوية للاستطلاع قرب جنوب ليبيا لمراقبة تحركات عناصر تنظيم «داعش»، إذ تعتقد واشنطن أنهم فروا من سرت إلى الجنوب.
وأوضحت الصحيفة أن قوات العمليات الخاصة الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية «سي آي إيه» يعملون منذ أكثر من عام على تحديد مجموعات مسلحة ليبية يمكن للولايات المتحدة الوثوق بها ودعمها على الأرض لمحاربة عناصر «داعش»، مثلما فعلت وزارة الدفاع الأمريكية العام الماضي مع قوات مصراتة.