أمريكا تقصف سوريا بـ59 صاروخا ..ردود فعل متباينة وترحيب اسرائيلي:; ترامب وملامح استراتيجيته في سوريا ... خارطة طريق جديدة نحو التقسيم وخلط الأوراق

سفينتان تابعتان للبحرية الامريكية في البحر المتوسط تطلقان 59 صاروخا من طراز توماهوك تستهدف قاعدة الشعيرات السورية في مشهد يكشف بعض ملامح الاستراتيجية الامريكية الجديدة في سوريا ...وهي العودة مجددا الى الخيار العسكري وبقوة..

ساعات بعد الهجوم الكيميائي على خان شيخون ..جاء رد الرئيس الامريكي دونالد ترامب سريعا في عملية استعراض للقوة العسكرية، في وقت اكد فيه البنتاغون أن الغارات استهدفت طائرات وحظائر طائرات محصنة ومناطق لتخزين الوقود، دون أن يحدد حجم الخسائر ...فيما وصف الجيش السوري ما حصل بأنه عدوان امريكي وان الرد سيكون الاستمرار في «سحق الإرهاب» واستعادة السلام والأمن في عموم البلاد».

اثارت الضربة ردود فعل دولية متباينة فقد اعتبر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الهجوم الأمريكي عدوانا على دولة ذات سيادة، وانتهاكا للقانون الدولي، واعلنت موسكو تعليق اتفاق مع القوات الأمريكية يهدف إلى تلافي الحوادث الجوية في الأجواء السورية كما أدانت إيران الهجوم. في المقابل رحبت السعودية و تحالف المعارضة السورية الرئيسي بقصف القاعدة الجوية ودعا رئيس وفد المعارضة السورية، محمد علوش، امس إلى ضربات جوية دولية على كل القواعد الجوية السورية ، في حين وصف الرئيس التركي، الضربة بأنها رد إيجابي على “جريمة حرب”. ولعل رد الفعل الابرز جاء من رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي قال ان الرئيس ترامب وجه رسالة قوية، وتمنى أن يكون لها صدى في طهران. وكذلك جاءت مواقف بريطانيا والمانيا وفرنسا مؤيدة للضربات الجوية..

الاسباب
«ثلاثة اسباب وراء الضربة الامريكية ..فشل داخلي ذريع ومغريات عربية وحاجة اسرائيلية” ، هذا ما اكده المفكر العربي فيصل جلول في تعليقه على الضربة الامريكية واوضح ان الهجوم الكيميائي في خان شيخون ليس عفويا بل هو من النوع الذي يمهد لتغيير او لموقف خطير ..وهذا ما حدث بالفعل فيما يتعلق بالرد الامريكي السريع ..اما عن تداعيات هذه الخطوة فاردف جلول بان ترامب لا يمكن له ان يغامر في سوريا ..معتبرا ان رد الفعل الروسي المنتظر هو من سيحفظ او يبدد استثمار موسكو في الازمة السورية..
وترى اطراف تابعة للنظام السوري ان هذه الضربة من شأنها ان تعرقل تقدم الجيش السوري صوب ادلب اين تقبع جماعات داعش الارهابية وان الغارات الامريكية تخدم أهداف تنظيم داعش ومجموعات مسلحة إرهابية أخرى». وذكرت مصادر وتقارير اعلامية من سوريا ان ما يسمى بداعش الارهابي شن هجوما على منطقة الفرقلس قرب مطار الشعيرات مستغلا الهجوم الصاروخي الأميركي على المطار للتوسع في المنطقة بحسب المصادر الاعلامية.
وحقيقة الحال فان هذه الضربة وكذا تصريح وزير الخارجية الأمريكي اول امس والذي قال فيه بانه” لا دور للأسد في مستقبل سوريا” يبدد المواقف الامريكية التي تم تداولها اياما بعد تولي ترامب قيادة البلاد والتي اشرت حينها الى بداية تغير في الموقف الامريكي . ويبقى لغز الكيميائي محيرا دون وجود ادلة تؤكد او تنفي تورط جيش النظام السوري بهكذا جريمة ومجزرة ..وكانت رواية لافروف تؤكد بان جبهة النصرة كانت تحتفظ بمخازن كيميائية في خان شيخون ..

خلط الاوراق؟
من جانبه اكد الكاتب والمحلل السياسي اللبناني قاسم قصير في حديثه لـ « المغرب» ان الضربة الامريكية تؤشر الى وجود استراتيجية امريكية جديدة تختلف عن سياسة اوباما ..وقال :» ادارة ترامب لا مانع لديها بالعمل العسكري لاستعادة هيبة امريكا واعادة التوازن لسوريا مع روسيا وايران».في هذا السياق يرى ان الضربة الامريكية رسالة واضحة للجميع ان واشنطن حاضرة بقوة في المنطقة ولن تسمح بترك الامور لإيران وروسيا وحزب الله وهي تريد فرض حلول سياسية تناسب مصلحتها وتريد منع ايران وحزب الله من تحقيق تطور استراتيجي في العراق وسوريا واعادة وصل العراق بسوريا. واشار محدثنا الى ان ما جرى يسقط الرهان من ترامب لمصلحة الاسد ونظامه فترامب يريد تعزيز شعبيته في امريكا وكذا استعادة دور بلاده في المنطقة والعالم
وفيما يخص رد الفعل الروسي أجاب :«لا يبدو ان هناك رد روسي عملي فالروس اخذوا علما بالغارة وهم اصدروا مواقف منددة وسيقتصر الامر على ذلك وستكون هناك مفاوضات جديدة حول ادارة الملف السوري».

اتمام المشروع الأمريكي
في المقابل رأى الباحث والكاتب السوري الكردي زيد سفوك ان الضربات الامريكية هي لاتمام المشروع الامريكي في سوريا وبأنها لن تتنازل عن اهدافها ، وان كانت تحت ذريعة الرد على المجزرة الكيميائية التي حصلت في (خان شيخون). واضاف :” فالقوات الأمريكية متواجدة على الارض في سوريا من منطقة ديريك وصولا الى الرقة وهناك قواعد عسكرية مع كبار ضباطها لها في الحسكة ، بينها وبين مناطق عسكرية للنظام مئات الامتار ، فقط لكن الامريكان سياستهم من ناحية استخدام القوة واضحة دائما الا وهي يجب ان تكون الضربة كرد فعل لأخذ الشرعية من المجتمع الدولي وعدم وضع ثغرة على سياستها امام شعوب العالم ، امريكا لا تريد اسقاط النظام ومشروعها واضح ومستمرة بتنفيذه “. وقال ان المشهد الان بعد الضربات مجرد اعلام كثيف وردود افعال هوائية فقط لا غير ، على الارض جميع القوى مستمرة بسياستها كما هو مخطط له من قِبل الامريكان والروس . واضاف :
«امريكا لم تعد بحاجة للمجزرة لتتدخل في سوريا لأنها بالأساس متواجدة من قبل ، مبينا ان خارطة التقسيم مستمرة وخلط الاوراق من قبل تركيا وايران وبعض الايادي الخارجية لن يؤثر ابدا الا على الشعب فقط وهو وحده يدفع الضريبة».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115