استفتاء كركوك ...هل هو بداية تقسيم العراق؟

أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بعيد لقائه بوفد يمثل إقليم كردستان الشمالي موافقته على إجراء إحصاء سكاني في كركوك يمهد الطريق نحو إجراء استفتاء عام يحدد مصيرها السياسي ...في وقت يخوض فيه الجيش العراقي حربا ضروسا ضد جماعات داعش الارهابية .

يشار الى ان المادة 140 من الدستور العراقي الجديد المصوت عليه بإستفتاء شعبي في اكتوبر عام 2005 تنص على القيام بإحصاء وتنتهي بإستفتاء في كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها لتحديد إرادة مواطنيها..
وكركوك خامس اكبر مدينة في العراق وتضم قوميات مختلفة تحتوي على العرب والأكراد. وبعد سقوط النظام العراقي سنة 2003 جرت محاولات عديدة من اجل الحاقها بكردستان العراق ..ومؤخرا رفع الاكراد علمهم فوق المباني مصرين على اجراء استفتاء حول استقلال اقليم كردستان.

تقرير المصير أم أزمة جديدة؟
«المكونات التي تتواجد في محافظة كركوك هي التي ستقرر مستقبل ومصير المحافظة» هذا ما اكده رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني في تصريحه امس ..مشيرا الى ان «داعش» الارهابي كان قد احتل المدينة سنة 2014 قبل ان تتمكن قوات البيشمركة من طرده...واثار رفع العلم جدلا واسعا اذ صوّت مجلس محافظة كركوك بمقاطعة الاعضاء التركمان والعرب على رفع علم اقليم كردستان بجانب العلم العراقي في المحافظة، فيما صوّت مجلس النواب على رفض القرار مؤكدًا على وجوب رفع العلم العراقي فقط في محافظة كركوك.

يقول الباحث والكاتب العراقي نصيف جاسم حسين ان لكل شعب حق تقرير المصير وهو لا يمكن الجدال فيه ويضيف لـ « المغرب» قائلا:«أعتقد إن ما تحقق للأكراد في إقليم كردستان العراق خاصة بعد 2003 هو حالة أفضل من دولة مستقلة-وسيعترض بعض الأصدقاء الأكراد على هذا الطرح- لأن سلطات الإقليم تسيطر وتصدر الآن ما يقع تحت سيطرتها من ثروات في إقليم كردستان، وتأخذ بالإضافة الى ذلك 17 % سنويا من ميزانية الدولة الإتحادية وهي حالة شاذة في الفيدراليات حيث من المفترض أن تعطي الأقاليم أو الولايات نسبة من وارداتها إلى السلطات الإتحادية للقيام بأعمالها وممارسة سلطاتها.»

وتابع ان بعض الأطراف الكردية تسعى وتدفع بإتجاه الإنفصال، مشيرا الى ان الظرف ليس مؤات لهذه الخطوة حيث ثمة الكثير من العوائق السياسية التي تحول دون تنفيذها ومن أهمها إعتراضات الدول المؤثرة في المنطقة مثل تركيا وإيران اللتين يعيش على أراضيها اضعاف عدد الأكراد في كردستان العراق ما يهدد وحدة أراضيها وإستقرارها.

واشار محدثنا الى ان التقسيم فكرة موجودة في أذهان بعض الباحثين عن السلطة من الطبقة السياسية التي ظهرت الى السطح بعد الإحتلال، واضاف :«لا اقصد بذلك الأحزاب الكردية وحدها، بل أغلب السياسيين العراقيين ممن يحاولون إقناع الشارع والأمريكان بفكرتهم، لافتقارهم الى برامج تنموية يمكن أن تجمع العراقيين بإتجاهات أخرى غير التركيز على تقوية النزعات المذهبية والقومية». وقال إن من حق شعب العراق بما في ذلك الأكراد على سياسييهم منحهم فرصة ووقت للسلام والإلتفات الى عوائلهم وبناء مستقبلهم بسلام،وان ما

يحدد خيارات العراقيين هو حسم خياراتنا بين أن نبني عراق واحد تحت سقف «عراقي» واحد عابر لهذه الولاءات.

اية سيناريوهات
وعن السيناريوهات التي تنتظر العراق قال :«يجب ان نتحضر لقيام ثلاث دويلات مجهرية لا وزن لها بين جيرانها الأقوياء تتقاذفها اراداتهم كيفما شاءوا.اضافة الى الحروب بين هذه الدويلات الصغيرة قد تمتد عشرات السنين تستهلك ما تبقى من شبابهم ومن ثرواتهم بعد ما استهلكت حروب صدام الجزء الأكبر منها.وأيضا حروب داخل هذه الدويلات بين القوى المتصارعة فيها والتي تحاول ان تسحق الاخرى تماما، للسيطرة على الدويلة التي لن ترى السلام الداخلي لفترة زمنية طويلة.

وقال ان السيناريو الارجح يبقى انهيار البنى التحتية لكل هذه الدويلات الثلاث بفعل الحروب الداخلية وما بين هذه الدويلات، وبفعل تسخير أغلب موارد الدويلات لإدامة هذه الحروب التي سوف لن ينتصر فيها أحد، لأن ذلك يعني تدويل تلك الحروب بأن تأخذ مدى أوسع. وحذر من غرق هذه الدويلات بالتخلف الذي قد يستمر عشرات السنين لعدم قدرة اي منها على ادامة استراتيجية تعليم او تنمية مستدامة في ظل حروب وصراعات داخلية وخارجية مستمرة. وكذا انتشار الفقر والمرض بين أغلب سكان هذه المناطق لنفس الاسباب أعلاه ما يجعلها أقل امكانية لتحقيق أي قدر من استقلالية قرارها السياسي لأنها ستكون معتمدة كليا على ما تقدمه لها دول من صدقات لا تسمن ولا تغني من جوع، بالاضافة الى انها ستكون مشروطة باملاءات معينة».
وحذر محدثنا من ان السير نحو سيناريو التقسيم قد يجعل الصراع الاقليمي الخفي يتجذر اكثر على الساحة العراقية وبأدوات عراقية معتبرا ان القتلى هم عراقيون فقط .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115