بين الفرقاء مع الحفاظ على الثوابت التي أكد عليها على مدى الفترة السابقة وهي الغاء المادة الثامنة من الاحكام الإضافية للاتفاق السياسي والعودة لآلية رئيس ونائبين للمجلس الرئاسي وعودة اختصاص وصلاحية منصب القائد الأعلى للمؤسسة العسكرية لرئيس مجلس النواب.
معلوم بأن مجلس النواب كان الغى الاعتراف بالاتفاق السياسي والانسحاب من الحوار السياسي كرد فعل على هجوم ما يسمى سرايا الدفاع عن بنغازي على الهلال النفطي وسيطرتها – السرايا – على راس لانوف والسدرة ،لكن بسبب الانتقادات والضغوطات الخارجية تراجع البرلمان عن الغاء اعترافه بالاتفاق السياسي والرئاسي ليبقى على قرار الانسحاب من الحوار السياسي ، غير أن مجلس النواب ودوما جراء الضغوطات من الخارج اضطر للتراجع مرة ثانية عن خطة الانسحاب من الحوار وهو ما جرى في جلسة أول امس ، و يرى متابعون لمسار التسوية السلمية للأزمة الليبية أن البرلمان وكعادته لم يتخل عن اسلوب المماطلة والمناورة إذ نراه مرة يقاطع الحوار وأخرى يستدرك ويعود لطاولة التفاوض ، تكتيك أضاع الكثير من الوقت .
وساهم في إطالة عمر الأزمة السياسية الراهنة. ويشير المتابعون بان مجلس النواب واقع في حالة من التخبط ورئاسة عاجزة عن بلوغ الجلسات البرلمانية للنصاب القانوني فقرار الانسحاب من الحوار تم اتخاذه بحضور 34 نائبا ،وقرار العودة للحوار جرى بحضور 53 نائبا اضافة الى ذلك العجز عن بلوغ النصاب وقلة حضور النواب بلفت المتابعين النظر لتواصل غياب النائب الأول لرئيس مجلس النواب امحمد شعيب الذي لم يحضر الى طبرق مقر المجلس المؤقت منذ ديسمبر 2015 تاريخ التوقيع على وثيقة الاتفاق السياسي.
وكان شعيب في البداية قد برر عدم حضوره بالدواعي الامنية لكنه سرعان ما جاهر بولائه للسراج وانحيازه لمخرجات حوار الصخيرات كما انشق عن البرلمان اكثر من 80 نائبا من غرب وجنوب ليبيا. وأعلنوا افتتاح مقر موازي للبرلمان في العاصمة طرابلس ولمحوا الى إمكانية اجتماعهم ومنحهم الثقة لحكومة الوفاق ، ويجمع المراقبون على البرلمان وهو على ذلك الضعف والتخبط ومقاطعة العشرات من النواب. وبصدور حكم من الدائرة الدستورية بطرابلس بانتهاء عهدته ما كان له أن يواصل عمله لولا نجاحات المؤسسة العسكرية المنشقة عنه ودعم دول معينة لكن المستجدات الأخيرة ،وخاصة مخرجات الدورة الثامنة والعشرين للقمة العربية التي أكدت دعمها للسراج بانتقاد مجلس النواب ورئيسه وتجاهل السراج لدور الجيش ، كل ذلك أحرج رئاسة البرلمان وجعلها تراجع حساباتها وتذعن لإرادة المجتمع الدولي المصمم على فرض السراج والتمسك بخيار الحوار .
«سرايا الدفاع» تستعد لهجوم جديد
هذا سياسيا أما عسكريا فقد أشار العقيد مصطفى الشركسي آمر سرايا الدفاع عن بنغازي حصول قواته على صواريخ موجهة ومضادة للطائرات ، مضيفا بأن معركة السيطرة على الهلال النفطي تنتظرها جولات اخرى وان السرايا مصممة على بسط نفوذها على الموانئ من جانبها أكدت القيادة العامة للجيش وصول شاحنات اسلحة وذخيرة الى قاعدة الجفرة مقر السرايا على متن طائرة شحن عسكرية من نوع سي 130 – قطرية .
وأفادت القيادة العامة على لسان العقيد أحمد المسماري المتحدث باسمها بان الشحنات تضمنت أعدادا من المدرعات الحديثة و الاليات العسكرية وتوعدت قيادة قوات حفتر بسحق أي هجوم جديد على الموانئ النفطية ، وتوقع خبراء عسكريون نجاح السرايا هذه المرة في السيطرة على الهلال النفطي بأكمله إذ ان حيازة السرايا لصواريخ موجهة ومضادة للطيران سوف يقلل من تدخل طيران الكرامة القوة الضاربة للكرامة .
وفي هكذا مستجدات وتغيرات لفائدة السرايا يتبادر للذهن سؤال منطقي يتعلق بموقف حلفاء المشير حفتر وتحديدا مصر وروسيا بعد تصريح وتأكيد وزير الخارجية المصري سامح شكري عند لقائه نظيره الفرنسي بأن الجيش الوطني -يقصد قوات الكرامة- هو الطرف الوحيد الذي لديه سلطة الدفاع عن الهلال النفطي . والواضح أن مصر لن تسمح للسرايا المدعومة من تنظيم القاعدة بالسيطرة على قطاع النفط وتراقب مصر التطورات عن كثب ،وفي حال تأكدت من عزم السرايا شن هجوم جديد فمن المتوقع ان تتدخل بصفة مباشرة مستغلة في ذلك تفهم إدارة ترمب الذي أعلن دعمه الكامل لمصر ورئيسها وتأكيده بان الولايات المتحدة ومصر حليفان في محاربة الارهاب .