معطيات اقترنت كذلك مع اتهامات صريحة من سلطات طبرق لدولة قطر بدعم المليشيات المسلحة الموالية للرئاسي وكانت الخارجية القطرية أصدرت بيانا فندت فيه تلك الاتهامات مؤكدة دعمها للتوافق بين جميع الأطراف المحلية للأزمة السياسية في ليبيا ، معلوم بأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي انسحب من اجتماع القمة العربية عند القاء أمير قطر كلمته ليكشف بذلك عن عمق الخلاف وتباين المواقف بين دولتين فاعلتين في الساحة الليبية .
مشهد وصورة انسحاب الرئيس المصري اعتبر مراقبون انه يعطي الدليل على ان توافق الفرقاء الليبيين مازال بعيد المنال والتحقيق طالما أن الأطراف الخارجية هي الأخرى يغيب التوافق فيما بينها إزاء الازمة الليبية، حيث يعتبر كل طرف خارجي ان الجهة الموالية له في الداخل الليبي هي الشرعية ولا يعترف بالجهة الاخرى ومن المفارقات ان الأطراف الخارجية تؤكد بان الاتفاق السياسي هو الإطار لحل الأزمة السياسية .ويلفت المراقبون بان هذا الاتفاق السياسي وعلى ضعفه وهشاشته الظاهرة وعلى الرغم من تضمينه بالمنظومة القانونية الأممية يصطدم محليا بأربعة احكام قضائية تنفي صفة الشرعية عن رئيس المجلس الرئاسي احد أهم الأجسام الناتجة عنه ، في ظل ذلك يواصل مجلس النواب رفضه تمرير حكومة الوفاق ويطالب بتعديل الاتفاق السياسي .
وتتحفظ الجارة الكبرى مصر على تركيبة الرئاسي الحالية و تصطف خلفها دولة الإمارات العربية والاردن والسعودية ، في حين تحاول دول اخرى مثل الجزائر وتونس لعب دور الوساطة لتجاوز الازمة الراهنة.
لذلك فانّ تباين المواقف بين الأطراف الخارجية هو أحد اهم اسباب تواصل الأزمة ولم يقتصر ذلك التباين على دول الجوار والإقليم بل شمل الدول الغربية فالإتحاد الاوروبي منقسمة مواقفه وهذا ما افشل عملية صوفيا البحرية لمكافحة الهجرة غير الشرعية ، ودفع بايطاليا لتوقيع مذكرة تفاهم مع المجلس الرئاسي لوقف الهجرة تجاه جنوب ايطاليا .
ولربما كانت نقطة الضوء الوحيدة في نفق ودهاليز الأزمة الليبية شبه توافق الولايات المتحدة وروسيا شرط التزام الأخيرة بمحاربة الارهاب لكن مرة اخرى برزت دلائل ومؤشرات نسف هذا التوافق بين أكبر قوتين في العالم بسبب غياب الثقة بينهما، إذ عبر المسؤولون الامريكان عن قلقهم من امكانية اندفاع موسكو العسكري لدعم حليفها المشير خليفة حفتر .
سلبية الأمم المتحدة
وسط هذه التجاذبات ودخول أكثر من لاعب لحلبة الصراع الليبي برز غياب الأمم المتحدة التي تراجع دورها بشكل غريب و لافت ، حيث وبعد أن أقر الجميع بفشل المبعوث الحالي مارتن كوبلر ولم يعد له قبول لدى الفرقاء المحليين، حاول الامين العام للأمم المتحدة الجديد تدارك ضعف البعثة الأممية بتغيير كوبلر غير أنه فشل بسبب الفيتو الأمريكي .وهكذا بقيت دار لقمان على ماهي عليه من ضعف ، الفراغ غير المعلن الذي تركته الامم المتحدة حاولت منظمات اقليمية مثل الجامعة العربية ، الاتحاد الافريقي والاتحاد الأوروبي عقد عديد الاجتماعات الثنائية والثلاثية والرباعية لحلحلة الازمة لكنها اصطدمت دوما لغياب الرغبة والارادة لدى الفرقاء المحليين بالتقدم نحو الوفاق .
تشابك خيوط نسيج الازمة السياسية في ليبيا يخطىء من يعتقد أن الحل فيها المصالحة الوطنية وعودة النازحين في الخارج والداخل وغير ذلك من الأزمات، وإنما مفتاح و حل ازمة ليبيا توافق دولي يمهد الطريق لتوافق داخلي ودون تحقيق ذلك فلن يكون هناك مخرج من نفق الأزمة .