المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا أشار إلى تحقيق «تقدم» خلال الجولة الخامسة، رغم إقراره بأن مفاوضات السلام الحقيقية لم تبدأ بعد. وقال دي ميستورا في مؤتمر صحفي إنّ جميع الأطراف وافقت على العودة إلى جنيف لجولة سادسة، في موعد لم يحدد بعد. وأضاف «تحدثنا بشكل رئيسي في صلب الموضوع (...) جميع المدعوين كانوا جديين ومندفعين». وتابع أنه «في أي عملية تفاوض هناك قضايا تحتاج إلى تحضير قبل بدء مفاوضات السلام الحقيقية. ومن الواضح أننا لم نصل إلى تلك المرحلة بعد».
ورغم ذلك، أشار دي ميستورا إلى «تقدم متزايد»، قائلا «في نهاية الجولة الرابعة فيفري قلت إن القطار كان في المحطة. يمكننا القول إن القطار بدأ بمغادرة المحطة، ببطء، ولكن بثبات». وأعلن المبعوث الأممي أنه سيتوجه نهاية الأسبوع المقبل إلى نيويورك لتقديم تقريره إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ومناقشة الجولة المقبلة. وردا على سؤال حول شائعات عن رحيله، قال دي ميستورا «عندما تسمعون ذلك مني أو من الأمين العام، عليكم عندها أن تأخذوا ذلك بشكل جدي».
وناقش المفاوضون أربعة مواضيع هي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب. ويعتبر الوفد الحكومي أن بند مكافحة الإرهاب له الأولوية المطلقة، بينما تصر المعارضة على بحث الانتقال السياسي بوصفه مظلة شاملة للعناوين الأخرى.
تبادل الاهانات
وتبادل مفاوضو الحكومة والمعارضة السورية الإهانات ووصفوا بعضهم بعضا بالإرهابيين والمراهقين بعد جولة من محادثات السلام استغرقت ثمانية أيام في جنيف. ولا يلتقي الجانبان وجها لوجه لكنهما يتفاوضان عبر مبعوث الأمم المتحدة ستافان دي ميستورا ويوجهان انتقاداتهما الحادة أمام كاميرات التلفزيون بعد كل اجتماع معه.
وقال رئيس وفد المعارضة نصر الحريري إن «النظام الإرهابي» للرئيس بشار الأسد رفض مناقشة الانتقال السياسي خلال جولة محادثات بقيادة الأمم المتحدة وأضاف أن الأسد مجرم حرب ينبغي أن يتنحى باسم السلام. وأضاف للصحفيين «النظام حتى هذه اللحظة يرفض مناقشة أي شيء ما عدا التمسك بخطابه الفارغ حول محاربة الإرهاب وهو أول من نسق وجذب الإرهاب إلى المنطقة في حين يستمر في استخدام الأسلحة واستهداف المدنيين والحصار والتجويع والأسلحة الكيماوية». وتابع قائلا «لا يمكن حدوث سلام بدون عدالة». وأضاف «لا ينبغي أن تكون المحاسبة على الجرائم بندا تفاوضيا... لن نهدأ حتى نضع مرتكبي الجرائم في سوريا أمام العدالة». وقال الحريري إنه يبحث عن شريك في المفاوضات يضع مصالح الشعب السوري أولا. لكنه أشار إلى «تقدم نسبي».
بينما قال رئيس وفد الحكومة بشار الجعفري «ليس لدينا شريك وطني، ولا توجد إرادة سياسية لدى رعاة الإرهاب». وسخر الجعفري من وفد المعارضة ووصفهم بالمراهقين الذين يظنون أنهم يظهرون في برنامج للمواهب في التلفزيون مثل (آراب آيدول) و (ذا فويس). وقال الجعفري «هؤلاء لا يريدون مكافحة الإرهاب ولا حلا سياسيا إلا إذا كان على مقاس أوهامهم التي أثبتت السنوات والحقائق أنها لم ولن تتحقق، ولم يكن على ألسنتهم إلا كلمة واحدة أو وهم واحد ألا وهو أن نسلمهم مفاتيح سوريا والسلطة».
ووصفهم أيضا بأنهم «مرتزقة» لم يتلقوا فيما يبدو تعليمات ممن يحركونهم سوى مواصلة دعم الإرهاب وإشاعة الفوضى في جولات التفاوض. وأكد الجعفري أن وفده سلم لدي ميستورا وثائق بشأن كل جوانب المحادثات، وهي الانتخابات والدستور وإصلاح نظام الحكم ومكافحة الإرهاب، إلا أن المعارضة لم ترد. وقال الجعفري «كنا نتوق إلى إحراز تقدم أكبر أو تقدم على الأقل في هذه الجولة، ولكن هذا لم يحصل. إلا أن النقاش شمل كل السلات الأربع زائد ورقة المبادئ الأساسية (ورقة الوفد الحكومي)، وهذا نعتبره جيدا بحد ذاته». وشدد على ضرورة إنجاح المفاوضات التي تتم في أستانة برعاية إيران وروسيا، مغفلا تسمية تركيا، ومعتبرا أنها ستساهم في إنجاح مفاوضات جنيف-6 التي لم يحدد موعد لها بعد.
مفاوضات عقيمة
وكانت مفاوضات أستانة قد ركزت على تثبيت وقف إطلاق النار على الأرض، ولم تشارك فصائل المعارضة في الجولة الأخيرة منها احتجاجا على خرق وقف النار في مناطق عدة.
كانت الولايات المتحدة وروسيا تدعمان في الأصل محادثات جنيف التي بدأت بشكل متقطع العام الماضي قبل أن تنهار بسبب تصاعد المعارك. وينظر إلى روسيا على نطاق واسع بوصفها من يملك ميزان القوى في الصراع بينما تراجعت الولايات المتحدة عن تأييدها العلني لمقاتلي المعارضة.
وقالت نيكي هالي سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة أمس الخميس إن الأولوية لم تعد «لإزاحة الأسد». وقال الحريري إن الولايات المتحدة لا تزال صديقة لهم ولم يطرأ تغيير جذري. بينما قال الجعفري إن هيلي جديدة وتحتاج للوقت «كي تهضم وقائع الحوار السوري». وتابع قائلا «مستقبل سوريا يقرره السوريون أنفسهم وليس السفيرة الأمريكية ولا غيرها».