وبدأت جولة المفاوضات جنيف 4 قبل 8 ايام في سويسرا ، بعد اكثر من شهر على انعقاد مفاوضات السلام منتصف الشهر جانفي المنقضي في العاصمة الكازاخستانية «آستانة» برعاية تركية روسية إيرانية . وانعقد اجتماع الـ«أستانة» -التي كانت لأول مرة وجهة احتضان مفاوضات السّلام حول سوريا - لحشد موافقة الأطراف المعنيّة بالصراع لإرساء وقف شامل لإطلاق النار، يستثني تنظيمي «داعش» و«جبهة فتح الشام» أو «جبهة النصرة سابقا» ، بالإضافة الى اقرار حل سياسي للأزمة السورية برعاية روسية تركية بعيدا عن الحلول ذات الطابع العسكري بسعي من روسيا وتركيا وإيران . وبعد الأستانة عادت الأمم المتّحدة الى جنيف4 لمناقشة عدّة بنود منها وضع دستور جديد وإجراء انتخابات وإصلاح نظام الحكم. إلاّ انّ المفاوضات منذ انطلاقها شهدت انقساما واضحا بين وفدي المعارضة والنظام حيث لم يتمّ أي لقاء مباشر بين ممثلي الجهتين إلا خلال مراسم الافتتاح ممّا زاد من تعميق الفجوة بين الطرفين. الشكوك تحوم حول فرص نجاح المؤتمر إذ يؤكّد متابعون انّ جنيف 4 لم يحقق أي اختراق نتيجة استمرار التصعيد العسكري على الميدان وتمسك المعارضة برحيل الاسد ، ومن جهة اخرى اصرار وفد النظام على ادراج بند مكافحة الارهاب ضمن البنود المطروحة للنقاش. وفي حين اتهم رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري المعارضة بأخذ العملية السياسية «رهينة» لرفضها إدراج الإرهاب على جدول الأعمال، اعتبرت المعارضة الطلب الحكومي «مماطلة» حيث أن مكافحة الإرهاب لا تحتاج إلى مفاوضات داعية الى ضرورة اخراج بشار الأسد من اية تسوية او عملية انتقالية مرتقبة .
ويرى مراقبون ان هذا التعنت من الطرفين كان كفيلا بجعل اهداف المفاوضات مجرد حبر على ورق على غرار باقي الاجتماعات التي بحثت الملف السوري ولم تحمل النتائج المتوقعة منها .
يشار الى ان مفاوضات جينيف 4 سعت الى ارساء اتفاق بين الأطراف المتصارعة على دستور جديد تعقبه انتخابات في أفق تحقيق توافق بشأن عملية انتقال سياسي، لكن لم تستطع المعارضة والحكومة السورية الاتفاق على جدول أعمال للمفاوضات المقبلة.
تعقيدات مستمرة
وتزامنت المفاوضات التي شهدت حضورا روسيا وإيرانيا بالإضافة الى ممثلي المعارضة والنظام وبرعاية البعثة الاممية في سوريا مع احتدام الاقتتال على الأرض من أجل استعادة السيطرة على مدينة الرقة بهدف تحريرها من قبضة ما يسمى بتنظيم «داعش» ، علاوة على استعادة النظام سيطرته على مدينة تدمر الاثرية بعد اشهر من سيطرة تنظيم «داعش» الارهابي عليها. ويرى مراقبون ان التطورات الميدانية التي تحسب لصالح النظام السوري تمنحه ورقة ضغط جديدة لفرض تنازلات على الطرف المقابل في المفاوضات .
من جهته قال الباحث العراقي صدام الجميلي لـ«المغرب» انّ «حلّ الأزمة السوريّة يكمن على أرض الواقع وليس قي قاعات المؤتمرات لعدّة أسباب ، اولها صعوبة حصر مطالب الفرقاء في جولة واحد او في مؤتمر واحد ، كما انّ الفاعلين والمؤثرين في المعادلة السورية لا يلتزمون بالآراء الدولية مما جعل النقاش عقيما خلال جولات الحوار المتتالية لانعدام ثقة الأطراف المشاركة في بعضها البعض».
وعن تأثير المتغيرات على الميدان على نتائج هذا المؤتمر ، قال محدثنا ان النتائج واضحة مضيفا ان بقاء الأسد بالنسبة لإيران لا مساومة عليه ـ، وبالتالي لن تتقبل أطراف عديدة هذا الأمر وهذا ما سيكون سببا في فشل المفاوضات وفق تعبيره.
وعن امكانية وجود تنازلات قال محدّثنا ان احتمال ان تقدم بعض فصائل المعارضة تنازلات وارد ، مضيفا انه من جهة النظام السوري لن يكون هناك تنازلات كبيرة .
واشار الجميلي الى ان «روسيا تسعى لحلحلة الموضوع فيما إيران تسعى لتعقيده،اما الدور الأمريكي في عهد ترامب فان الادارة البيضاوية تفضل بقاء الأسد على المليشيات الراديكالية المتطرفة ».