أمريكا و«إسرائيل» والمحكمة الجنائية الدولية

المحكمة الجنائية الدولية تأسست سنة 2002 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء. تعمل هذه المحكمة على إتمام الأجهزة القضائية الموجودة في كل بلد، فهي لا تستطيع أن

تقوم بدورها القضائي ما لم تبد المحاكم الوطنية رغبتها في التحقيق أو الادعاء ضد تلك القضايا، وهي منظمة دولية دائمة، تسعى إلى وضع حد للثقافة العالمية المتمثلة في الإفلات من العقوبة، فالمحكمة الجنائية الدولية هي أول هيئة قضائية دولية تحظى بولاية عالمية، وبزمن غير محدد، لمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الفظائع بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري.
«اسرائيل» لم تصادق على نظام محكمة الجنايات وبالرغم من ذلك فإنها قلقة من إمكانية مقاضاة مستوطنيها وضباطها وجنودها وقادتها أمام المحكمة الجنائية الدولية، لذلك شكّلت طاقما خاصا لتقديم المشورة القضائية لعدد من السياسيين والضباط حول كيفية مواجهة احتمال تقديم دعاوى ضدهم .
ومن سبل مواجهة «اسرائيل» لمحكمة الجنايات الدولية عدم المصادقة علي المعاهدة أولاً، وتعزيز التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية لعرقلة عمل المحكمة، واللجوء إلى محاكمات صورية للجنود الإسرائيليين الذين يرتكبون جرائم ضد الإنسانية المعذبة في فلسطين لإحباط تقديمهم إلى المحكمة الدولية. كما أجرى المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية اتصالات مع منظمات حقوقية إسرائيلية لإقناعها بعدم الوشاية إلى هيئات دولية بأفعال جيش الاحتلال ضد المواطنين الفلسطينيين. اما الدول العربية قد تقاعست عن المصادقة على معاهدة المحكمة الجنائية الدولية بالرغم من الفرصة التي توفرها لمحاسبة المجرمين الصهاينة علي مجازرهم المتواصلة ضد الشعب العربي الفلسطيني، وبالرغم من أنّ نصوص المعاهدة لاتتعارض مع دساتير الدول العربية أو مع القضاء الوطني لأي قطر عربي، وكل ما هنالك أنّ الدول العربية مطالبة بإجراء بعض التعديلات التشريعية في قوانينها الجنائية على ضوء النظام الأساسي للمحكمة الدولية.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد استنكفت عن المصادقة علي المعاهدة لأنها لاتستطيع التحكم بقراراتها، حيث أنّ نظام المحكمة الجنائية الدولية يجرّدها من سلاح الفيتو الذي تستخدمه في مجلس الأمن الدولي. ومن المفارقات الملفتة للانتباه أنّ إدارة الرئيس الأمريكي السابق وقّعت المعاهدة لأنّ ذلك، حسب تعبير كلينتون، يقع ضمن تقاليد الريادة الأخلاقية الأمريكية في العالم ، بينما رفضت إدارة الرئيس بوش المصادقة على المعاهدة بل الانسحاب منها نهائيا والدعوة إلى إنزال العقوبات بالدول التي صادقت عليها !!. وتعارض الإدارة والقوى المحافظة في الكونغرس المحكمة باعتبارها تشكل تهديدا للسيادة الوطنية . فقد قال وزير الدفاع رامسفيلد لست مقتنعا بأنّ مسؤولين عسكريين أو مدنيين من وزارة الدفاع أو من أية وزارة أخرى في الحكومة الأمريكية سيكونون بمنأى عن النشاطات المحتملة لهذه المحكمـة، ويبدو أنّ الرفض الأمريكي لقيام المحكمة يعود لأسباب خاصة هي تفادي أي خطر أو تهديد قد يلحق وكلاء الشبكات الأمريكية والعاملين فيها والمنخرطين في نشاطات وفعاليات سرية أو مكشوفة يمكن أن تطالها المساءلة والملاحقة القضائية الدولية. كما أنّ النهج العام السائد للإدارة الأمريكية الحالية هو إضعاف النظام الدولي، وتفادي أية التزامات متعددة الأطراف، والتطلع إلى فرض هيمنة أحادية الطرف على العالم كما تجلى أخيرا في سلسلة المواقف من العديد من الاتفاقيات الدولية، إضافة إلى السياسات الأمريكية المؤيدة للإجرام الصهيوني في فلسطين.
إذن ،ما هي الصعوبات التي تواجه دولة فلسطين بعد انضمامها لمحكمة الجنايات الدولية ؟
ان إنضمام دولة فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية لا يمكنها من محاكمة أو محاسبة «إسرائيل» لأنها ليست عضوا في اتفاقية روما (النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية). الا عبر قرار صادر عن مجلس الامن يطلب من المدعي العام للمحكمة من ملاحقة مجرمى الحرب الاسرائيليين على جرائمهم ضد الشعب الفلسطني. وهذا لن يحصل بسبب الفيتو الامريكي.
1 - انضمام دولة فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية يعطي الحق ل»اسرائيل» رفع دعوى قضائية ضد النشطاء الفلسطينيين العسكريين منهم والسياسيين في المقاومة الفلسطينية باعتبارهم مسؤولين عن كافة العمليات الفدائية (الإنتحارية) في تل ابيب وغيرها. وستكون الملاحقة محددة زمنيا منذ سنة 2002 وما بعدها.وليس قبل ذلك.
2 - ملاحقة المسؤولين عن إطلاق الصواريخ تجاه البلدات والمستوطنات داخل الخط الأخضر من ارض 1948 من الفلسطينيين.
3 - قيام «اسرائيل» بطلب تعويضات بجبر الضرر عن ضحاياها فى كافة الاعمال التي تسببت في مقتل اسرائيليين بسبب نشاط المقاومة,اضافة الى تعويضات عن الخسائر المادية والاقتصادية الخ. حيث تنص المادة 91 من البروتوكول الإضافي الأول لسنة 1977 على الالتزام بدفع تعويض عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني.
4 - ستوضع أسماء الفلسطينيين – قيادة - أو جنود - أو رؤساء - أو وزراء - من المطلوبين للعدالة الدولية على لائحة الملاحقة باعتبارهم مجرمي حرب.ستتم ملاحقتهم دوليا من طرف الدول الأعضاء في نظام روما.
5 - من واجب دولة فلسطين القيام بملاءمة قانونها الداخلي الوطني مع القانون الدولي والنظام الأساسي للمحكمة,وعليه يجب إن تقوم دولة فلسطين بإلغاء قانون حكم الإعدام.وكذلك ملاءمة القانون الجنائي الداخلي مع الدولي.
6 - دولة فلسطين ملزمة تسليم الأشخاص المتهمين كمجرمي حرب إلى المحكمة الجنائية الدولية مهما كان منصبهم - قائد سياسي - قائد عسكري - رئيس الدولة - رئيس الوزراء - وزير- ضابط - جندي...الخ حيث لا حصانة لارتكابهم جرائم ضد الإنسانية.ويتم ملاحقتهم بشكل شخصي وليس بصفتهم الرسمية التى لا تمنحهم الحصانة من الملاحقة والمحاكمة.
7 - تتحمل دولة فلسطين كافة النفقات المالية أثناء سير وانعقاد المحكمة الجنائية الدولية.
وهناك امور أخرى مثال ضرورة موافقة المجلس التشريعي ومصادقته على الانضمام للمحكمة.وان يقوم كذلك بالغاء قوانين او تعديلها حتى لا تتعارض مع اتفاقية روما لسنة 1998ومن اجل التوجه لهذه المحكمة يجب توافر الشروط التالية مجتمعة:
1. يجب أن تقام الدعوى باسم الدولة.
2. يجب أن تكون الدولة التي تقيم الدعوى طرفا موقعا ومصادقا على اتفاقية روما.
3. ويجب أن تكون الدولة المدعى ضدها طرفا في تلك الاتفاقية.
وعلى ضوء ذلك فإن خيار ملاحقة ومقاضاة مجرمي الحرب الإسرائيليين قائم على قرار من مجلس الأمن الدولي ويصدر القرار بموجب الفصل السابع ولكن من المعروف أن التوجه لمجلس الأمن حاليا سوف يصطدم بالفيتو الأمريكي. لكن ما يهمنا من ناحية القانون هو توثيق جرائم الحرب وتقديمها لجهات الاختصاص في الوقت المناسب لان جرائم الحرب لا تسقط مع مرور الزمن.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115