• لو تقدمون لنا قراءتكم لتصريحات الرئيس الامريكي دونالد ترامب المتضاربة حول اقامة مناطق امنة في سوريا ؟
الجميع يعلم ان هذه المنطقة كانت حلم الدول الغربية منذ ست سنوات وبخاصة الولايات المتحدة وتركيا لذلك ساهمت الاخيرة في تلك الفترة بإقامة مخيمات على حدودها قبل اندلاع الازمة السورية بحجة تدخلها في سوريا اتخاذها كحصان طروادة لتبرير تدخلها بدواعي تحت شعارات الانسانية ، لكن نتيجة المتغيرات الاقليمية والدولية وصمود الجيش السوري والحسم العسكري بالإضافة الى مسار المصالحات المحلية التي تتم داخل سوريا ، كل ذلك اوصل هذا المشروع الى طريق مسدود.
• هل سيجد ترامب الدعم الداخلي والخارجي لمثل هذه الخطوة ؟
الادارة الأمريكية الحالية وحلفاؤها لن تذهب –وفق اعتقادي- الى الموافقة على مثل هذا المشروع وذلك لعدة اسباب اولها ان هذا القرار يحتاج الى موافقة مجلس الامن وهو امر مستحيل الحصول في هذا الوقت مع وجود الفيتو الروسي الصيني ثانيا وزارة الدفاع الامريكية تدرك العواقب الخطيرة لمثل هذا القرار ، وقد تشعل فتيل الحرب العالمية الثالثة وإذا اصر ترامب – رغم أنّ الأرجح هو تراجعه- فاعتقد انه سيدخل في حرب نفوذ مع مؤسسات الدولة العميقة داخل الولايات المتحدة الامريكية وبالتالي سنشهد تزايد الصراع الدائر بين الجناحين العسكري والسياسي وخاصة بين البنتاغون وإدارة البيت الابيض.
• برأيكم هل تغيرت الاستراتيجية الامريكية تجاه المعادلة السورية عقب صعود ترامب للحكم؟
الأجندات الامريكية توضع منذ زمن لزيادة نفوذها في العالم، إلا ان تسمياتها تتبدل من استراتيجية الحرب الناعمة الى استراتيجية الحرب الوقائية الى استراتيجية التوسع من خلال ما يسمى بالثورات الملونة ،الان هذه الاستراتيجيات تهدف الى تحقيق امن الكيان الاسرائيلي والسعي الى تعزيز هيمنة الولايات المتحدة الامريكي .استراتيجية امريكا اليوم هي تغير نتيجة الواقعية السياسية المرتبطة بحاجات الضرورة وليس نتيجة إرادة التغير في الادارة الامريكية ،بسبب عودة الدب الروسي الى الساحة الدولية ونشأة تحالفات دولية من شانها التأثير في شكل النظام العالمي نتحدث مثلا عن مجموعة بريكس مثلا التي تمتلك امكانيات وموارد قد تغير من ملامح النظام الدولي سياسيا اقتصاديا وعسكريا ،سيما ان هذا الحلف يمتلك قدرات نووية ومقدرات اقتصادية وقوة سياسية داخل مجلس الامن ، بالتالي استراتيجية امريكا بالنسبة للنظام الدولي خاضعة لهذه الاعتبارات.
اما في سوريا حتى الان لاتزال هناك ضبابية في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه سوريا، فترامب يصرح احيانا تصريحات متضاربة اولا دعا الى ضرورة انشاء مناطق امنة في سوريا ثم بعد يومين يدعو الى ضرورة تشكيل حلف امريكي روسي لمواجهة تنظيم «داعش» الارهابي ، هذا يظهر اولا عدم امتلاك ترامب لخلفية سياسية تاريخية ، ثانيا حجم التناقض داخل الادارة الامريكية وثالثا عدم امتلاك الادارة الامريكية ادوات فعالة لحل الازمة السورية .
• ماذا بعد «الاستانة» ؟ هل بات الطريق ممهدا امام الحل السياسي؟
هذا كان واضحا حتى قبل الاستانة، توفير ارادات دول اقليمية ودولية من خلال الالتزام بوقف العمليات القتالية وتهيئة الاجواء لإطلاق العملية السياسية بين السوريين.
حتى الان لا تتوفر هذه الارادة الدولية والإقليمية مثلا عندما يقول ديمستورا انه سيقوم بتشكيل وفد المعارضة في حال لم تستطع تشكيل وفدها حتى الثامن من فيفري الجاري ، يسعى من خلال ذلك الى ربط المعارضة بهيئة الائتلاف المعارض او بعض المعارضين الذين يرتبطون بأطراف وأجندات خارجية.
أيضا صراع المجموعات في الشمال السوري هو يعبر عن صراع مصالح الدول ومن يعتقد ان المجموعات المسلحة تنفذ بنود الاستانة فهو مخطئ لان جبهة النصرة هي التي امتلكت زمام المبادرة ونجحت في القضاء على المجموعات المسلحة التي سارعت للانضمام تحت عباءة احرار الشام وهنا لابد من التوقف للإشارة لنقطتين:اولا قدرة هذه المجموعات على تنفيذ التزامها بمحاربة نصرة وداعش ومدى قوتها في ذلك الأمر الذي نجم عنه اظهار ضعفها ومدى اعتمادها سابقا على النصرة لتحقيق مصالحها.
ثانيا عدم قدرة تركيا المتعهد لهذه المجموعات على الضغط عليها الأمر الذي يقلل من نفوذها وقوتها بالتزامن مع تزايد التهديدات الإرهابية داخلها.
حاورته: وفاء العرفاوي