وشهدت عدة مدن امريكية غضبا متناميا رافقه خروج مظاهرات رافضة له الخطوة التي رأت فيها عديد الدول على غرار كندا وألمانيا وفرنسا وايضا منظمة الامم المتحدة خطوة غير «مدروسة « و»غير قانونية». القرار كان من بين أكثر الوعود الانتخابية التي طرحها ترامب خلال حملته الانتخابية اثارة للجدل ، إلاّ انّ التزامه بهذا القرار كان مفاجئا لغالبية الرأي العام الدولي والمتابعين للشأن الأمريكي باعتباره سابقة على غرار باقي برنامجه الانتخابي الذي يرى مراقبون أنه سائر في تنفيذه .
قرار خاطئ
في هذا السياق قال الكاتب والباحث العراقي المقيم في الولايات المتحدة الامريكية فوزي عبد الرحيم لـ«المغرب» أنّ تعليق قبول اللاجئين وإيقاف تأشيرات الدخول لبعض الدول العربية قرار خاطئ بمقاييس الدول المعنية ومقاييس الدولة الأمريكية نفسها ، مشيرا الى انه تعبير عن صعود اليمين الأمريكي ،مضيفا أن هذا هو الجزء الخارجي وسيكون هناك جزء داخلي يمس حياة الأمريكي. وتابع الكاتب العراقي «لكن من المتوقّع أن يواجه ترامب مقاومة شديدة لأنه لايملك خيار الاعتدال الذي لن يكسبه ويجعله يخسر حلفاءه اليمينيين،ثمّة معركة غير مسبوقة في امريكا قادمة قد تغير امريكا بشكله غير مسبوق».
وأضاف محدّثنا انّ وصول ترامب كان في إطار صراع وحراك داخلي لكنه يستخدم بعض المواضيع كالهجرة لخدمة تبرير برنامج سياسي اقتصادي داخلي، معتبرا ان الفئات التي يمثلها ترامب تريد مصادرة بعض الحقوق والامتيازات التي تحققت لجمهور واسع. وقال محدثنا ان ترامب جاء في شكل رد غير مباشر على قوى التغيير والإصلاح التي مثل جزءا منها المرشح الديمقراطي برني ساندرز، مضيفا إن ترامب سيحاول فرض مايسمى بأمريكا البيضاء .
تداعيات على اوروبا
وأضاف فوزي عبد الرحيم ان أوربا أكثر قربا وتأثرا بالعرب والمسلمين وهي تعاني من بعض نتائج الميراث الاستعماري القديم إضافة الى عواقب الجيرة لكن اليمين الأوروبي يحاول الاستقواء بترامب للصعود في أوروبا، وهذا أمر ليس سهلا وهناك تراث معاد لليمين لايمكن الاستهانة به ،عدا أن يكون ترامب معرضا للسقوط والفشل ما يجعل اليمين الأوروبي في وضع حرج على حد قوله.
وتابع عبد الرحيم ان الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي يمكن وصفها بالرأسمالية ..لكن ومع ذلك فإن النظام السياسي ومن أجل ديمومة هذه الدولة أنشأ بعض الحقوق التي تمكن عموم الناس من الحياة ضمن الحد الأدنى ،لكن وبمرور الزمن نشأت في المجتمع الأمريكي قوى اجتماعية وحقوق وقيم لم يعد ممكنا تجاهلها وهي في طريقها لتغيير امريكا..فجاء ترامب مدعوما من اليمين من أجل إيقاف التغيير ومصادرة كثير من الحقوق .وهو أمر يحدث حين تكون الأمور مهيئة لتغيير في صالح المجتمع فيأتي اليمين ليأخذ السلطة ، وذلك بسبب طبيعة اليمين عموما الذي لا خطوط حمراء أو أخلاقية أمامه عدا مصالحه في حين أن القوى الاجتماعية الأخرى تملك ضوابط عديدة تمنعها من الحركة المرنة».
وحذر محدثنا ان الولايات المتحدة مقبلة على مرحلة خطيرة مضيفا ان نجاح اليمين الأمريكي في فرض قرارات ذات طبيعة دائمة قد تغير امريكا بشكل نهائي، وهو أمر صعب التصور لكنه يبقى ممكنا في ظل ظروف معينة وفق تعبيره.
تأثيرات على الحرب ضد الارهاب
وتابع محدثنا «الشرق الأوسط وبشكل خاص الدول العربية والإسلامية تمر بمرحلة انتقالية مفتوحة على خيارات عدة ، ليس منها خيار جيد. فبعد تجارب الحكم المتنوعة والفاشلة، لا يبدو أن هناك تراكما معرفيا أو سياسيا أو تنظيميا يمكن معه توقع نتائج إيجابية،ولا أحد يستطيع توقع ماذا بعد الإسلاميين الذين هم أخر ما في ترسانة الفكر والثقافة العربية في الحكم؟ حيث يمثل الإرهاب الأصولي أحد خيارات هذه المجتمعات وان كان بشكل مستتر».
وأشار الباحث العراقي الى ان الارهاب كفكر عميق في حياتنا ، وجزء من المجتمعات العربية يؤيده ويبرره،حتى بعض أولئك الذين يدينونه، بالإضافة الى عجز الشعوب العربية الإسلامية عن ابتداع أشكال من الحكم والحياة تناسب العصر يجعله في تناقض شديد مع العالم بحيث تصل الكراهيّة الى الرغبة في الانفجار وسط العالم فقط لإيذائه احتجاجا على تخلفنا».
وتابع عبد الرحيم «الغرب ليس بريئا أو بعيدا عن ظروف تكوّن الإرهاب لذلك فان صعود ترامب ورغم أنه صعد على أساس شعارات لها علاقة بالمسلمين والعرب والهجرة،لايجب الربط بين الموضوعين بشكل مباشر،فالحالة الأمريكية هي حالة لها خصوصية تتعلق بطبيعة النظام والشعب الأمريكي حيث واجه النظام السياسي منذ زمن مشكلة الحاجة الى إصلاح النظام السياسي الذي عبر عن شيخوخته خاصة بعد حرب العراق» . وتابع ‘في هذه الأجواء يكون للإرهاب الأصولي القادم من الشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي دور مهم في تهيئة الأوربيين والأمريكيين لليمين مما يحمّل مجتمعاتنا مسؤولية القضاء الفعلي على الارهاب فكرا وممارسة من أجل تأهيل دولنا للحياة في عالم مسالم».