الأصل في الخطاب الدّيني هو الاعتدال لا التطرّف والتشدّد

يعتبر الدين روح الانسان وهديه، ومنذ أن وجدت البشرية والإنسان يبحث عن إلاه يعبده، ودين يوحّده، ورحمة الله بعبده ان هداه الى معرفة خالقه وتوحيده، فللدين أهمية بالغة في حياة الفرد، حيث يؤدب تصرفاته، ويهذب تعاملاته، وبالدين فهم الانسان نشأته

وماضيه، وارتأى الى معرفة غاية خلقه ووجوده ومصيره.

فالدين هو الذى يحلّ ألغاز الوجود ويجيب عن أسئلة الإنسان الكبرى والخالدة من أين أنا؟ و إلى أين أمضى؟ ولم؟ والدين هو نداء لفطرة الانسان التي خلق عليها . فالإيمان الدينى فطرة عامه فى البشر، والدين ضروري للإنسان فهو الذى يمنحه الحوافز التى تدفعه الى الخير، كما أن الدين يمنحه الروادع التي تردع الإنسان عن اقتراف الشر والرذيلة، وارتكاب الجريمة بأنواعها، خشية حساب الله عز وجل ، وعقابه فى الدنيا والآخرة. كما يقيم الدين أوثق الروابط بين الإنسان وأخيه الإنسان بحيث يتجاوز الدم واللون واللغة والإقليم والطبقة، ويجعل الناس إخوة بعضهم لبعض، و يجعل لأخيه ما يحب لنفسه.

وتتحمل دور العبادة من كنائس ومساجد مسؤولية كبيرة في قيادة المجتمع المدني، فالأديان يجب أن تتحالف وتكرس خطابا دينيا موحدا من أجل وضع أسس أخلاقية وروحية مشتركة، وهذا التحالف والخطاب يجب ألاّ يرمي إلى تصادم، بل يهدف إلى تحرير الإنسان وتحقيق الخير له في مختلف القطاعات ونواحي الحياة، اضافة لنشر الثقة والمسامحة والتضامن، كما عليه أن يسمو إلى تجدد روحي وأخلاقي، بعيدًا عن العنف والكراهية.

إن أهمية الخطاب الديني تنبع من تعريف الانسان سر وغاية وجوده في الارض، ومن أين، وإلى أين يسير، ولماذا؟، ومختلف الاديان السماوية كلها تؤكد أن سر وجود الإنسان أن يعبد الله، والعبادة في أدق تعاريفها هي «طاعة طوعية ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية»، فالخطاب الديني يجب أن يبني الإنسان المؤمن على فهم عميق، ونظرة موضوعية، فهي قيمة علمية، وأن نجعله يتمسك بالخلق، لأن الإيمان هو الخلق، والأنبياء جميعاً إنما بعثوا ليتمموا مكارم الأخلاق، فكلمة مؤمن تعني أنها مرتبة علمية، وخُلقية، وجمالية، ويجب لهذا الإنسان الذي يعبد خالق الأكوان أن يؤمن بكل خلية في جسمه، وبكل قطرة في دمه أن الإنسان أخو الإنسان.

كما إن الأصل في الخطاب الديني هو الاعتدال، لكن طرأت على الأمة مراحل علا فيها أصوات التطرّف، والمجتمع الانساني بطبيعته يوجد فيه المتطرف والمعتدل حسب ظروف ونفسيات تتعلق بالمتطرف والمعتدل نفسه، لكن في حالة استقرار الأمة فإن أصحاب الغلو لا يجدون مجالاً للتمدد في مساحة الأمة، بل ينحصرون على أنفسهم و يتبوتقون بحيث لا يكون لهم أثر على واقع الأمة، إلى أن تمر الأمة بمراحل ضعف، فإذا مرت الأمة بمرحلة ضعف بدأت فرصة التمدد للآراء الشاذة استغلالاً للضعف، فالمتشدد لا يمكن أن يستمر، فالتطرف.....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115