بالتزامن مع ذلك يستعد اعضاء مجلس النواب المقاطعون للبرلمان لعقد جلسة في طرابلس مكتملة النصاب القانوني لمنح حكومة الوفاق الثقة متجاهلين سعي دول الجوار وبعثة الأمم المتحدة لطرح مبادرة جديدة مضمونها انشاء حكومة وفاق منفصلة عن الرّئاسي ، وإدخال تغييرات على وثيقة الاتفاق وإقرار مجلس رئاسي برئيس ونائبين والحسم في مسألة القائد العام للجيش الليبي .
في سياق المناورة دوما أعلن النائب عن المنطقة الجنوبية صالح همة مقاطعة نواب الجنوب للبرلمان احتجاجا على تدهور الاوضاع الأمنية والمعيشية في المناطق الجنوبية ،وكان بيان صادر عن نواب الجنوب انتقد أداء الجهات التنفيذية من مجلس رئاسي وحكومة مؤقتة وحكومة إنقاذ وطني وكذلك أداء مجلس النواب المجلس الأعلى للدّولة وتجاهلهم جميعا لمعاناة سكان اقليم فزان .
معلوم بأنّ اقليم فزان تحوّل منذ أشهر الى ساحة صراع ونزاع بين الفرقاء فمدينة سبها تتواجد فيها أكبر قوّتين مسلّحتين مختلفتين، وهما القوة الثالثة المتحركة التابعة للمجلس الرئاسي واللواء 12 التابع لقوات حفتر وقد نجح أعيان وحكماء سبها في تحاشي صدام مسلّح بينهما غير أنّ التوتّر يبقى قائما وشرارة النزاع قد تنطلق في أي لحظة .
من جانبه حشد المجلس الرئاسي قواته العسكرية بالجفرة التي تحوّلت الى ما يشبه قاعدة عمليات بينما تتمركز قوات حفتر ببراك الشاطئ .
واقع يراه المراقبون لا يشجع على انجاح المبادرات الجارية من طرف دول الجوار لايجاد مخرج للأزمة الراهنة ، الأطراف المحليّة كلما اقترب الحل لجأت الى التأجيج ،وخلط الاوراق من جديد وهو ما من شـأنه التشويش على اصحاب المبادرات الخارجية و بعثة الامم المتحدة .
وعن أسباب عرقلة التسوية السياسية ذكر المبعوث الاممي مارتن كوبلر على هامش زياراته الى مصر بأن فشل الرئاسي في تنفيذ الترتيبات الامنية وحل أزمات المواطن ،وايضا سيطرة المليشيات على غرب ليبيا هي أهم اسباب فشل جهود البعثة وهي المرة الاولى التي يقر فيها كوبلر بأن الغرب الليبي واقع تحت نفوذ مليشيات مسلحة .
سلسلة جلسات لمجلس النواب
إلى ذلك انطلق البرلمان برئاسة المستشار عقيلة صالح و بحضور نائبه في عقد سلسلة جلسات بدأت منذ يوم الاثنين ،وبحضور 80 عضوا لمناقشة الاتفاق السياسي وفحوى المبادرة المصرية – التونسية – الجزائرية والمتضمنة اعتماد مجلس رئاسي برئيس ونائبين حكومة منفصلة عن الرئاسي ورئاسة البرلمان على المؤسسة العسكرية وافاد المتحدث الاعلامي باسم مجلس النواب أن مسالة تغيير لجنة الحوار مطروحة للنقاش على النواب .
و كان عبد الله المصري رئيس ديوان مجلس النواب كشف عن قرب فتح فرع للبرلمان في طرابلس ومتى سمحت الظروف الامنية بذلك، وحذر المصري المنظمات والأطراف المحلية المحلية والدولية من عواقب التعامل مع الفرع الذي افتتحه النواب المؤيدون للمجلس الرئاسي مؤكدا في ذات السياق بطلان و عدم دستورية أي قرارات او خطوات تصدر عن فرع مجلس النواب المزعوم في طرابلس .
الشد والجذب يتواصل بين الفرقاء الليبيين دونما تقدير للعواقب بينما تستفحل ازمات المواطن يوما بعد آخر بسبب تغول المليشيات وغياب الدولة ، حيث عمدت مجموعة مسلحة بالزاوية مؤخرا الى غلق محطة الغاز احتجاجا على اختطاف مجموعة من ابناء الزاوية في ورشفانة .ونتج عن غلق تلك المحطة انقطاع التيار الكهربائي على الغرب والجنوب الليبي بأكمله وغرقت تلك المدن والمناطق في ظلام حالك لأيام وضع ترتب عنه وفاة 6 أطفال في مستشفيات طرابلس وعدد آخر في مستشفيات الجنوب .
سطوة المليشيات كانت ايضا سببا مباشرا في استمرار غلق الطريق الساحلي الرابط بين الزاوية وورشفانة للعام الثاني على التوالي وعلى صلة بالأوضاع الصعبة التي تعرفها البلاد وسطوة المليشيات وخاصة سيطرتها على طرابلس.
حراك اقليمي
ويجمع المتابعون للحراك الذي تعرفه دول الجوار والسعي لتقديم مقترح حكومة وفاق وطني أنه من الصعب جد انجاح أي حكومة قادمة تتخذ من طرابلس مقرا لها ، باعتبار أنها ستكون رهينة لدى المليشيات لن تعمل بأريحية واستقلالية .
ويذكر المتابعون بما جرى لرئيس الحكومة الاسبق علي زيدان من اختطاف من داخل غرفة نومه بالفندق وكذلك ما وقع لرئيس المؤتمر الوطني النوري بوسهمين عندما تم اختطافه.ويرى هؤلاء المتابعون للشأن الأمني في طرابلس ضرورة مباشرة الحكومة القادمة عملها من اي مدينة ليبية غير طرابلس ان أرادت النجاح .
نقطة اخرى على غاية من الاهمية وهي التي اشار اليها أكثر من طرف داعم لعملية الكرامة تمثل شرط نجاح المرحلة القادمة وهي ضرورة انضمام المؤسسة العسكرية التابعة لمجلس النواب الى المشاورات السياسية الهادفة لإيجاد حل للأزمة، وتتعلق طبيعة مشاركة القيادة العسكرية في تحديد الجهة الشرعية المسلحة فإذا كان المجتمع الدولي يعترف الآن بان قوات حفتر تحارب الارهاب فما عليه إلا ان يعترف بأنها شرعية وهي جيش وطني وفق مايراه متابعون.