ما حصل في الانتخابات الرئاسية الامريكية وفوز دونالد ترامب.
• لو تقدمون لنا قراءتكم للمشهد السياسي الراهن في فرنسا ؟
المشهد السياسي الفرنسي حاليا يتكون من قوتين اساسيتين الاولى القوة اليسارية التي تحكم فرنسا والتي كانت تستعد في التمهيديات للحفاظ على الحكم ، وقوة يمينية بقيادة فرنسوا فيون ،وقوة يمينية متطرفة بقيادة مارين لوبان. لذلك فان التناوب السياسي يقول أن اليسار ونتيجة فشله في الحكم مع فرنسوا هولاند، فشل في إرضاء الفرنسيين وتحقيق تطلعاتهم الاجتماعية ومطالبهم وبالتالي جعل الطريق معبدا أمام اليمين .
وفي الحقيقة لا يمكن لأحد أن يتوقّع نتائج الانتخابات الرئاسيّة التي يفصلنا عنها 4 اشهر ،لأنّ جميع الاحتمالات تبقى مفتوحة ، بالإضافة الى انّ هذه الفترة قد تشهد عدّة تطورات وترجح كفة هذا المرشّح أو ذاك .
لكن نتيجة الصبغة التي تطغى على المشهد السياسي الحالي، فالخيار اما سيكون «يمينا تقليديا» يجسّده فيون أو «يمينا متطرفا» تجسده لوبان ،فاذا نظرنا الى الصبغة الشعبوية التي يتسم بها العالم الان البريكست في بريطانيا وخسارة ماتيو رينزي في استفتاء ايطاليا ، وفوز دونالد ترامب في امريكا ، كل هذا يشجع بعض القوى المتطرفة مثل مارين لوبان على النجاح .
• ماذا عن امكانية حدوث المفاجأة في الانتخابات الفرنسية على غرار الانتخابات الامريكية؟
احتمال ان يقع زلزال سياسي في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة وارد جدا وذلك عبر إمكانية فوز اليمين المتطرف بقصر الاليزيه. لا ننسى بان هناك تشابها كبيرا في المواقف الأيديولوجية لكل من دونالد ترامب ومارين لوبان .....لحد الساعة يبدو وسط المعلقين السياسيين منقسما على نفسه الى قسمين ...منهم من يرى ان العرض السياسي الذي تقدم به اليمين واليسار قد استنفد طاقاته وانه غير قادر على إقناع الفرنسيين بجدية مقارباته، ومن ثم انطلاقا من رياح الشعبوية والديماغوحية التي تهب على العالم .وانطلاقا من المعادلات التي تمخضت عنها وضعية الفرنسيين والاروبيين نتيجة الهلع الذي تسبب فيه الإرهاب والهجرة المتوحشة فان ذلك سيشكل ارضية قد تساعد على دفع شرائح واسعة من الفرنسيين الى احضان اليمين المتطرف ...بينما هناك من يرى ان المجتمع الفرنسي عندما يشعر بخطر اليمين المتطرف سيقف سدا منيعا أمامه عبر تعبئة الممتنعين عن التصويت وتشكيل ما عرف اعلاميا سياسيا في الماضي القريب بالجبهة الجمهورية .
• كيف ترون حظوظ مانويل فالس في الانتخابات في ظل تحديات المشهد الفرنسي؟
عندما قرر مانويل فالس النزول الى حلبة الانتخابات التمهيدية كان يعتقد في قرارة نفسه ان المهمة ستكون في متناوله ... كان متوجا بهالة رجل الدولة الذي تبوأ منصب وزير الداخلية صاحب الخطاب اليساري والقبضة الـحديدية وترأس الحكومة لمدة سنتين أظهر فيها قدرته على قيادة الدولة. كان فالس يظن ان هذا الوضع كاف لردع منافسيه خَصوصا أولئك الذين تنصلوا من مسؤولياتهم في عز المعركة واستقالوا من مناصبهم مثل أرنو منتبورغ وبونوا هامون. إلا ان رياح السياسة تجري بما لا يشتهيه منطق الانتخابات حيث وعلى بعد أيام قليلة من الدورة الأولى اظهر استطلاع للرأي ان مانويل فالس سيخسر المعركة امام أرنو مونتبورك وانه سيتعادل مع بونوا هامون. نزلت هذه النتائج كالصاعقة على فريق فالس الذي كان يعتبر مشاركته في هذه المعركة بمثابة نزهة.
• ماهي الاسباب التي جعلت نجم فالس يخفت بسرعة بعد ان كانت نتائج استطلاعات الرأي لصالحه؟
قد تساءل صناع الرأي العام الفرنسي عن الأسباب التي جعلت نجم مانويل فالس يفقد بهذه الطريقة من وهجه. أول هذه الأسباب ان رئيس الحكومة المستقيل مانويل فالس وجد صعوبة جمة في الخروج من الكمين الذي اسقطته فيه الظرفية السياسية ....كيف يدافع عن حصيلة الحكومة التي قادها وفي الوقت نفسه إعطاء الفرنسيين الانطباع ان لديه عرضا سياسيا جديدا يمكن من خلاله ان يستقطب ثقة الفرنسيين؟ . السبب الثاني الذي وجه ضربة موجعة لمصداقية فالس يكمن في مختلف التراجعات التي عبر عنها تجاه عدة مواضيع حساسة. فهو مثلا بعدما لجأ ست مرات الى المادة الاستثنائية المعروفة بتسعة وأربعين فاصل ثلاثة التي تسمح له بتمرير القوانين دون مناقشة برلمانية هاهو يقترح اليوم انه سيلغي هذا القانون فور وصوله الى قصر الاليزي..وبعدما وجه انتقادات لاذعة لما يعرف بقانون مارتين اوبري الذي يحدد ساعات العمل بخمسة و ثلاثين ساعة في الأسبوع هاهو الان يعد بأنه لن يغير هذا القانون الذي يتخذه اليمين كشعار كاسح للهجوم على مقاربة اليسار الاقتصادية و الاجتماعية .