ليبيا: مبادرة تونس لحل الأزمة : فرص النجاح والعقبات

تتجه الانظار الآن الى العاصمة التونسية التي تستعد لاحتضان أشغال القمة الثلاثية المصرية الجزائرية التونسية ، بحضور المبعوث الاممي والمبعوثين الخاصين للدول الكبرى لدى ليبيا.
ورغم التكتم

الشديد الذي اكتنف مضمون المبادرة التونسية التي قادها الرئيس الباجي قائد السبسي منذ اشهر ،يشير مراقبون الى أن قلق دول الجوار وعلى وجه التحديد الجزائر وتونس قد بلغ درجة عالية ازاء الملف الليبي المتوتر ، حيث ترفض الجزائر بقوة حدوث صدام وصراع مسلح غرب ليبيا بين قوات حفتر والمجموعات الموالية لحكومة الوفاق خاصة مع ظهور مؤشرات وبوادر لبداية ذلك النزاع في الجنوب.

وتدرك الجزائر أن ذلك الصراع المسلح سيدور بين القبائل الداعمة لحفتر وقبائل الطوارق الموالية للمجلس الرئاسي ، ومعنى هذا ان طوارق الجنوب الجزائري وشمال مالي سوف لن يبقوا مكتوفي الايدي ، وانما سيندفعون لنصرة أخوانهم طوارق ليبيا وهو ما لا يمكن أن تقبل به الجزائر لإمكانية توسع الحرب غرب ليبيا ووصولها الى خارج الحدود الجغرافية.

قلق جزائري سبق أن نقلته السلطات الى القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر خلال زيارته إلى الجزائر الذي أكّد وفق تقارير اعلامية عدم توقف قواته حتى تحرير طرابلس من المليشيات، وهو ما ضاعف قلق الجزائر من دعم دولة تشاد لحفتر وقواته وهو الذي يشاع أنه أدى زيارة سرية الى نجا مينا بهدف دعم التّعاون الأمني و العسكري بين الطرفين .

صعوبات أمام السرّاج
هذا عن قلق الجزائر أمّا تونس فقد تزايد قلقها خاصّة بعد شبه استحالة حصول حكومة السراج على ميزانيّة 2017 من المصرف المركزي لعوائق قانونية معلومة ، وفشل الرئاسي فرض سلطته بما يعني استفحال الفوضى.
وتدرك تونس أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال استمرار الفوضى في الجارة ليبيا باعتبار التداعيات الخطيرة على الاقتصاد التونسي والامن القومي للبلاد .

وانطلاقا مما تم ذكره يرى محللون ان الجزائر وتونس سوف تعملان أولا على اقناع الدول المجاورة لليبيا الداعمة لحفتر، وهي تشاد ومصر، لوقف ذلك الدعم والانضمام الى جهود تنفيذ الاتفاق السياسي ليس من خلال آلية جديدة لكن انطلاقا من الاتفاق السياسي نفسه ، إذ أن الاتفاق اشار إلى أنه في حال بروز خلاف في التطبيق بين الفرقاء يتم تشكيل فريق حوار مناصفة بين مجلس النواب والمجلس الاعلى للدّولة لحلّ الخلاف.

بمعنى أوضح فإن قمة تونس المتوقعة قريبا سوف يكون أحد مضامينها مخرجاتها تشكيل لجنة مشتركة من بين أعضاء البرلمان والمجلس الاعلى للدولة لحل نقاط الخلاف بين الرئاسي ومجلس النواب في طبرق، وهو ما لمح اليه رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بقوله أنّه يرفض التدخل الخارجي وان تكون ليبيا تحت الوصاية وأنّه يتمسّك بالحوار الليبي -الليبي منهجا لتجاوز الازمة السياسية .

إضافة الى ذلك وكما أشرنا سلفا سوف تعمل الدبلوماسية التونسية مدعومة بالدبلوماسية الجزائرية للضغط على دول الاقليم لوقف الدعم عن حفتر ،أما البعثة الأممية فلا خيار أمامها الا دعم المبادرة التونسية ودورها حاسم في ابعاد الحسم العسكري ودعم الجهود لإقناع دول بعينها الكف عن دعم طرف على حساب آخر ، وذلك عبر امكانية تفعيل العقوبات ضد معرقلي التسوية السياسية والعمل على اصدار قرار من مجلس الامن الدولي ينص على وقف اطلاق النار وارسال مراقبين دوليين يسهرون على تطبيق القرار .
ويجمع المتابعون على ان مبادرة تونس ليست كسابقاتها من المباردات واللقاءات الدولية فهي مبادرة جدية للغاية، واستغرق التحضير لها وقتا طويلا وتنسيقا بين تونس والجزائر ، إلا انّ العائق الاهم امامها يبقى الفرقاء الليبيون في حد ذاتهم .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115