الباحث المختصّ في الشأن التركي سومر سلطان لـ«المغرب»: «عملية الاغتيال قدمت لأردوغان ذريعة للتنازلات التي قدّمها أو سيقدّمها في سوريا»

قال الكاتب المختص في الشأن التركي سومر سلطان في حديثه لـ«المغرب» انّ عملية الاغتيال التي استهدفت السفير الروسي في تركيا ستمنح روسيا فرصة للحصول على تنازلات تركية في الملف السوري ، مضيفا انّ نظام اردوغان غير مستعد في الوقت الحالي لتكرار تجربة الخصومة

مع موسكو على غرار حادثة الطائرة والخسائر الفادحة التي تكبدها في ذلك الوقت.

• ماهي قراءتكم لواقعة اغتيال السفير الروسي في تركيا ؟
لحد الان أستبعد أن يكون أحد أتباع الداعية الاسلامي فتح الله غولن خلف عملية الاغتيال كما قيل، رغم أن لغولن أتباعا كثيرين منبثين داخل الأجهزة الأمنية، وداخل الشرطة بشكل خاص. من ناحية التوقيت هناك نقطتان: أولا تزامن عملية الاغتيال مع قمة وزراء الخارجية «الروســـي والإيــراني والتركي» حول سوريا. وثانيا أنها تأتي في الذكرى السنوية لفضائح الفساد الشهيرة التي طالت وزراء ومسؤولين كبارا بينهم نجل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه.
في الحالتين الواقعة أتت لصالح أردوغان ، في المحور الأول وفرت له حجة وذريعة للتنازلات التي قدمها أو سيقدمها في الشأن السوري. وفي المحور الثاني تأتي لتغطي على هذا التاريخ المحرج له بشدة.

عندما حدثت أزمة الطائرة الشهيرة أواخر 2014 ان لم تخني الذاكرة، حدثت تطورات داخلية دفعت الروس لقراءة المشهد التركي بطريقة مغايرة. وقتها تم النظر الى جماعة غولن لأول مرة من منظور سياسي لا أمني ، وقام بوتين بإيفاد أحد المقربين منه، المفكر دوغين، الى أنقرة، وعاد الأخير بمقاربة تشير إلى خطر غولن . في السابق كانت الاستخبارات الروسية تنظر الى غولن وجماعته من منظور أمني من حيث استخدام مدارسه واجهة لجواسيس لـ«السي أي أي ».
تطورت هذه النظرة مع دراسات دوغين وأصبح لها منظور سياسي. هذه النظرة هي التي وفرت الأساس لبرود الدم الحالية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

• من هو الطرف الضالع في عملية الاغتيال حسب رأيكم ، وماهو تعليقكم على الانباء القائلة ان «جبهة فتح الشام» او «جبهة النصرة» سابقا تبنت الاغتيال؟
حتى لو تبنت «جبهة النصرة» الاغتيال فهناك طرف داخل الدولة التركية حرك القاتل وأبلغه بالمعلومات. فقد أظهرت تفاصيل حصلت عليها بعض وسائل الإعلام المحلية أن القاتل دخل نفس الصالة التي ارتكبت فيها الجريمة قبل يومين من ارتكابها، وجال في الصالة مستكشفا المكان لوضع خطة الاغتيال. والسؤال هو من الطرف الذي زوده بمعلومات عن تحركات السفير الروسي؟. اذن هناك جهة ما داخل الدولة التركية متضررة من التقارب مع روسيا.

• حسب رأيكم كيف سيكون تأثير الحادثة على العلاقات الروسية التركية التي شهدت عودة الى نسقها الطبيعي مؤخرا بعد حادثة اسقاط الطائرة منذ سنتين ؟
أعتقد أن الأمر معقّد ومن غير المستبعد ايضا ان يكون من تدبير اخوانيين داخل الحزب الحاكم ، واغتيال القاتل فورا امر مريب لأنها محاولة لمنعه من الحديث.
الروس أذكياء ، سيستخدمون الأمر لاستجلاب تنازلات من الاتراك في الملف السوري ، خاصة ان هناك وفدا من كبار ضباط الامن الروس سيشارك في التحقيقات.

• الى اي مدى يمكن ان يصل الخضوع او التنازل التركي في روسيا حسب رأيكم؟
أعتقد أن الروس سيجعلونه متدرجا وسلسا ، مبدئيا الامارة التركمانية الحالية الموجودة في ريف اللاذقية، والتي يديرها أتراك (هم أنفسهم من قتلوا الطيار الروسي الشهير) هذه الإمارة (أو الكانتون) ستزال من الوجود .
الاتراك غير مستعدين لتكرار تجربة الخصومة مع روسيا في حادثة الطائرة ، لان خسائرهم وقتها كانت فظيعة وتأثيراتها زلزلت الاقتصاد التركي .

• برأيكم كيف ستكون تداعيات ماحصل على الاستراتيجيات الدولية في المنطقة والاستراتيجية الأمريكية بصفة خاصة؟
أردوغان كان يراهن في البداية على فوز كلينتون في الانتخابات حتى أنه هاجم دونالد ترامب قبل فوزه في الانتخابات، وهاجم مشاريعه في إسطنبول ولكن بعد فوزه انعطف انعطافة حادة وبدأ بإرسال رسائل الغزل لترامب.
بهذا المعنى ترى تركيا أنها لن تصطدم بموقف أمريكي حازم جدا كون ترامب جاء حاملا وعود التقارب مع روسيا. علما ان مقاليد انقرة ما زالت في يد واشنطن، يعني ان واشنطن إذا غيرت رأيها وفرضته على أردوغان فإنه سيضطر للطاعة. رأينا هذا مثلا في قمة الامم المتحدة في نيويورك قبل أشهر وهو ما دفع تركيا وقتها الى التراجع عن ضمانات قدمتها للروس حول سوريا، إثر لقاء أوباما وأردوغان.

حاورته : وفاء العرفاوي

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115