للحديث بقية: حلب ..انتصار بحجم الهزيمة

«حلب تباد ..حلب تنتصر» ..عبارتان تختزل قرابة ست سنوات من الانقسام والاقتتال في سوريا ..هذا الحراك الذي بدأ في منتصف مارس في 2011 وتحول فيما بعد الى حرب مخيفة دمرت كل شيء وفتحت البلاد امام كل من هب ودب من مشايخ السلفيين وإرهابييهم الى بعض الجيوش في الاقليم ..

وسرعان ما اضحت البلاد ساحة للنسخة الجديدة من الحرب الباردة بين روسيا وحلفائها من جهة والولايات المتحدة ومن يدور في فلكها من جهة اخرى..

طيلة تلك المدة ..كثير من المشاهد تغيرت ..فحلب الشهباء لم تعد هي نفسها التي تخطف انظار زائريها ...تدمر لبست ثوب الحداد...واليوم هناك آلاف اللاجئين جلهم من الاطفال وقعوا فريسة لمصير مجهول ...بلا تعليم ..دون أُسر ..عدا عما تعرض له البعض من خطف واغتصاب وعنف وتحرش في دول اللجوء ...البحر المتوسط ايضا غصت مياهه بجثث الاطفال واللاجئين ..وكأنه لا يريد ان يشبع نهمه من ارواح الضحايا ...

ما كان حتى الأمس القريب غريبا وغير اعتيادي بات مشهدا مألوفا ..اذ اصبح ارتياد الاطفال اللاجئين الشوارع التركية بحثا عن الطعام بين النفايات والقمامات امرا عاديا ...
وطوال السنوات الماضية تدير عديد الدول الاكثر استقرارا في المنطقة وجهها عن هؤلاء ..فلا تكاد تراهم او كأن معاناتهم لا تعنيها ..ولم تشفع لهم دماؤهم العربية ليلقوا العطف والرعاية من دول الجوار «النفطية»...

اليوم وفيما يدخل الجيش العربي السوري حلب ليحررها من المقاتلين سواء المتشددين الاسلاميين او غيرهم ..تتحدث المنظمات الحقوقية الدولية عن كارثة انسانية وعن اطفال ومدنيين وقعوا ضحايا المنظمات الارهابية بالدرجة الاولى وأيضا ضحايا الصراع الدائر بين النظام والمعارضة على مختلف اشكالها ومسمياتها ..

فمستقبل سوريا والمنطقة بات مربوطا بصفقات سرية تطبخ في عواصم القرار الغربي وما المعارك التي تدور في بعض احياء المدن إلا ورقات تستخدم لتغيير دفة المعادلات وميزان القوى في اية مفاوضات مقبلة..

بعد جنيف 1 وجنيف 2 وغيرها..تبين ان هناك فشلا في ادارة الملف السوري وعلى المستويين الانساني والسياسي ..ويتحمل ابناء البلد انفسهم -سواء النظام ام المعارضة- المسؤولية لأنهم فتحوا ديارهم لجيوش الغرباء..وجعلوها طريدة سهلة لأطماع الجماعات التكفيرية الهائمة والباحثة عن وكر تبث فيه افكارها السوداء ..

الانتصار الحقيقي في سوريا يبدأ ساعة اعلان وقف المعارك ويتوحد السوريون حول بوصلة واحدة هي الوطن ..وحينما يعود اللاجئون الى إعمار ما تهدم ..ويعود اطفال سوريا الى مدارسهم ليبدؤوا من مقاعد الدراسة معركة استعادة الانفاس والحياة والأمل مجددا ...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115