مع قرب استعادة قوات الأسد «حلب»: في فرضيات الصدام بين النظام السوري وتركيا في الرقة

يزيد تقدم القوات السورية في مدينة حلب وسيطرتها على مساحات واسعة من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في أحياء المدينة الشرقية في الآونة الأخيرة، من فرضيات حدوث صدام مباشر بين قوات النظام والقوات التركية في المرحلة التي ستلي انتهاء معركة حلب وبداية

معركة تحرير الرقة المعقل الرئيسي لتنظيم «داعش» في سوريا .

وتشير تقارير اعلامية الى انّ النظام السوري وبدعم جوي روسي مكثف تمكن من استعادة اغلب قرى مدينة حلب وهو مايجعل حسم المعركة وشيكا ، في وقت تشتد فيه الازمة الانسانية التي أدت الى نزوح مئات الالاف وبقاء اعداد كبيرة اخرى محاصرة داخل مناطق الاشتباك . ومن المتوقع أن يكون مجلس الامن الدولي قد بت في وقت متأخر امس في مشروع قرار لوقف اطلاق النار في حلب، وسط تحذيرات دولية من كارثية الظروف الانسانية هناك.

وتعتبر حلب مركزا مهما للنشاط الاقتصادي في شمالي سوريا، و لا تبعد عن الحدود التركية سوى بنحو ثلاثين ميلا أو نحو 50 كيلومترا. ونتيجة لذلك، فإن السيطرة على حلب تعدّ نقطة قوة للطرف الفائز. المزايا الأهم التي تتيحها السيطرة على المدينة هي تأمين خطوط الإمدادات.ويعد ممر أعزاز، الممر الحيوي الذي كان يستخدمه المقاتلون ويربط بين بلدة كيليس في جنوب تركيا ومدينة حلب السورية.

تداعيات معركة حلب
ويحذّر مراقبون مما سيلي معركة حلب وهي توجه قوات النظام السوري نحو بلدة الباب وجرابلس في اتجاه الرقة ، مع العلم ان تركيا بدأت منذ اشهر عملية عسكرية تسمى «درع الفرات « لطرد تنظيم «داعش» والأكراد على حد سواء من مدينة «جرابلس» ومدينة الباب الحدوديتين واللتين تحملان اهمية إستراتيجية بالغة حيث تسعى تركيا الى تأمين المنطقة الواصلة بين جرابلس ومارع غربا، بما يعني انها قررت أن تضع قدمها بشكل مباشر في المنطقة الممتدة من الفرات شرقا إلى كنتون وعفرين غربا أو ما يعرف بإقليم «روج آفا» وبالتالي ضرب نفوذ الاكراد وتحجيم دورهم في سوريا .

وتعتبر مدينة الباب، التي تقع على بعد 50 كيلومترا جنوب غربي منبج ومدينة جرابلس، ذات اهمية بالغة نظرا لقربها من مدينة الرقة . وبعد ان استطاعت قوات «درع الفرات» التابعة لتركيا السيطرة عليها خلال الاشهر القليلة الفارطة ، ومع قرب سيطرة قوات النظام السوري على مدينة حلب يتوقع مراقبون ان تبدأ جبهة صدام جديدة بين قوات الاسد والقوات التركية باتجاه الرقة أبرز معاقل تنظيم «داعش» في سوريا .

يشار الى انّ قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية أعلنت منذ فترة انطلاق عملية عسكرية لاستعادة «الرقة» السورية تحت مسمى «غضب الفرات» ، ويشار إلى انّ قوات سوريا الديمقراطية (وهي تحالف فصائل عربية وكردية سورية) مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية ، وإعلانها انطلاق عملية «غضب الفرات» لاستعادة الرقة هو بالتأكيد بعد تنسيق مع واشنطن باعتبار انّ هذه القوات لطالما وصفت بأنها الذراع العسكري لأمريكا على ارض المعركة في سوريا.وتضم قوات سوريا الديمقراطية أغلبية كردية مما يجعل واشنطن بين مطرقة تقديم الدعم لها وسندان امتصاص الغضب التركي ، حيث أشعلت تصريحات متحدث باسم القوات حول عدم وجود دور تركي في معركة الرقة غضب أنقرة وهو ما سعت واشنطن إلى التقليل من أهميته بالقول أن الدور التركي لن يكون عسكريا .
ويرى مراقبون أن العداء التاريخي بين تركيا والأكراد ستظهر معالمه جلية في معركة استعادة «الرقة» ، خصوصا أن أنقرة أطلقت منذ أشهر عملية «درع الفرات» لتطهير حدودها على الشمال السوري من الأكراد ومقاتلي «داعش» على حدّ سواء.

فرضيات المواجهة
وفي هذا السياق وعن امكانية حدوث تصادم بين الجيش السوري والتركي ببلدة الباب وجرابلس في اتجاه الرقة قال الباحث والكاتب العراقي نصيف جاسم حسين في حديثه لـ»المغرب أنّ احتمالية نشوب حرب بين الجيشين مستبعدة نوعا ما ، واستدرك الكاتب العراقي القول بأنه ستكون هناك عمليات عسكرية محدودة النطاق للجيش التركي داخل الحدود السورية مشيرا الى انّ تركيا تعاني أزمات داخلية كبيرة وتلاعب «أردوغان فقد يفقد حلفاءه في الداخل والخارج وقد يرى ان في عمليات من هذا النوع يكمن بقاؤه بل تنامي سلطته».
واعتبر محدّثنا ان ذلك يؤكد وجود تصاعد في وتيرة الاجراءات والخطوات باتجاه دكتاتورية مطلقة لأردوغان وحزبه في تركيا ، وهذا يحتاج الى اشغال الرأي العام التركي الداخلي بحدث خارجي وفق تعبيره.
وقال الباحث العراقي «الحدث لن يتطوّر الى حرب شاملة لأنّ ذلك من شأنه إحداث شرخ كبير في علاقات تركيا مع العالم الخارجي وخاصّة روسيا وإيران وأوربا الغربية».

وعن تداعيات تقدم قوات النظام في حلب اجاب محدّثنا أنّ النظام يعزز وجوده ويعزز سيطرته بعد ان فقدها في مناطق عديدة سابقة ، مُشيرا الى انّ المعادلة السورية تغيرت منذ زمن وليس باستعادته لحلب بل تغيّرت حين دخل الرّوس على خط المواجهة على حدّ قوله .
وأشار جاسم حسين الى أنّ روسيا ليس باستطاعتها تحمل خسارة عسكريّة وسياسية كبيرة خاصّة في هذا الوقت الذي يسعى فيه بوتين لاستعادة دور الاتّحاد السوفياتي السابق على الساحة الدولية ، وتابع «بقية اللاعبين باستثناء الولايات المتحدة لا يمكن صمود دورهم طويلا ضد الرغبة الروسية في تعزيز دورها في المنطقة والولايات المتحدة بصدد تغيير موقفها من الأزمة السوريّة خاصّة بعد فوز ترامب ، المواقف والأدوار الإقليمية مهمة لكنها لا ترقى لمستوى التحالف مع الجماعات الإرهابية هي ادوار لتحريك الدمى الدّور الروسي دور حليف لا يخشى إعلان موقفه المُتحالف مع النظام السّوري عكس بقية الأطراف.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115