إلى هذا الحد الأمور معلومة لكن الذي عقّد المشهد وزاده ضبابية على ضبابية، هو تلك المواقف الغربية الداعمة بقوة لمجموع نواب البرلمان الموقعين على المصادقة على حكومة الوفاق الوطني وعددهم فاق المائة نائب، والتنديد بما وصفته تلك المواقف الغربية بالمضايقات والتهديدات التي تعرض لها النواب الداعمون للحكومة رغم نفي حصول ذلك من طرف أكثر من عضو معارض للحكومة.
مواقف غربية جاءت من الخارجية الأمريكية والمبعوث الدولي لدى ليبيا والسفارة الأمريكية لدى ليبيا ومسؤولين إيطاليين وبريطانيين، مواقف يصر الغرب على الترويج لها من شأنها أن تفتح الباب على مصراعيه لعدة سيناريوهات لفرض الحكومة ،ضمنها تمادي المجتمع الدولي والقوى العظمى الاعتراف بالمائة برلماني الموقعين على اعتماد حكومة الوفاق. ومن ثمة الاستغناء كليا عن جلسة المصادقة من قبل البرلمان الواقع تحت سيطرة الأقلية الرافضة.
سيناريو آخر يترجم الصراع الدائر بين تياري الإسلام السياسي والتيار العلماني المدعوم خارجيا من فرنسا والاشتراكيين وحليفهم حفتر ولأقلية صلب مجلس النواب وعضوين داخل المجلس الرئاسي.
وهناك سيناريو متوقع أيضا يهدف لدعم قوات حفتر بالأسلحة والخبرات وقد انطلقت فرنسا في تنفيذ خطة في الغرض تتضمن إرسال ما بين 150 و200 رجل من وحدة المعلومات وإنشاء غرفة عمليات للقيادة العامة للجيش.
تعدّد الاحتمالات
أصبح من شبه المؤكد بعد الانباء المتداولة عن تواجد قوات خاصة فرنسية في بنغازي استعداد الغرب لكل الاحتمالات في ليبيا في حال فشل وتعثر التسوية السياسية. بما في ذلك التحالف مع حلفاء ليبيين داخل ليبيا . ويبدو أن الجنرال حفتر نجح في استمالة بعض الدول الأوروبية ليكون شريكا يعتمدون عليه لمحاربة الإرهاب في ليبيا وخاصة فرنسا وذلك بعد أحداث باريس الإرهابية ، فكان أن انضمت فرنسا إلى إيطاليا وبريطانيا الداعية إلى إعطاء دور مهم لحفتر مستقبلا. حيث سبق لتقارير استخباراتية غربية ومحلية ليبية تأكيد تواجد خبراء عسكريين بريطانيين شرق ليبيا كما أقرت إيطاليا بإرسال خبراء أمن إلى مصراتة.
أما الولايات المتحدة فقد سبق لها أن أنزلت قوة خاصة في قاعدة الوطية غرب طرابلس وسحبت تلك القوة ووفق تسريبات وقتها فإن القوة قد حملت معها أجهزة عسكرية للكتيبة المسيطرة على القاعدة وهي التي تلقت التدريب داخل الولايات المتحدة.
لتبقى الخلاصة أن الحضور العسكري الغربي في ليبيا واقع تحسّبا لأي طارئ مع ملاحظة أن الغرب لا يثق كثيرا في تيار الإسلام السياسي وربما وجد ضالته في شخص الجنرال خليفة حفتر ليكون الحليف رقم واحد.
وهذا الخيار تدعمه دول الإقليم المهمة ومصر أحد تلك الأطراف الداعمة له وذلك ما يتمسك به أعضاء البرلمان الرافضون للحكومة وعضو المجلس الرئاسي القطراني والأسود الذين رفعوا فيتو أمام تعيين المهدي البرغثي وزيرا للدفاع حفاظا على موقع حفتر.
في سياق آخر أكدت مصادر طبية ارتفاع حصيلة أحداث صبراتة وهجوم «داعش» الارهابي إلى 60 قتيلا من عناصر المجلس العسكري بالمدينة ومديرية أمنها والحصيلة مرشحة للارتفاع أكثر باعتبار الحالات الحرجة من بين الجرحى.