فادي الحسيني الباحث في العلاقات الدولية لـ«المغرب»: «نتجه إلى «سايكس بيكو» جديد مبنيّ على معطيات عرقية وطائفية»

قال فادي الحسيني الدبلوماسي الفلسطيني والباحث في العلاقات الدولية ان هناك تقسيمات جديدة بدأت تتضح في المنطقة في ظل تحالفات إقليمية متقلبة لدرجة غير مسبوقة. ورأى في حديثه لـ «المغرب» مباشرة من مقر إقامته في اسطنبول انه من المبكر الحكم على انتخاب دونالد ترامب

مشيرا إلى أن السياسة الخارجية الأمريكية لن تنحرف بعيداً تماماً عما سبق لان صناعة السياسة الخارجية للولايات المتحدة لا تتعلق بحزب ما بل بمراكز صنع القرار .

• ما هي تداعيات فوز ترامب على العالم الإسلامي والعربي؟
أقول دائماً أن السياسة الخارجية الأمريكية لا تعتمد بشكل مطلق على أسم الرئيس أو حتى الحزب الذي يحكم، بل هي خطوط عريضة ترسمها سلفاً الدولة العميقة في هذا البلد. والخطوط العريضة هذه لا تُبنى بشكل فوري، بل هي عملية طويلة، يتم التحضير لها سلفاً، ويتم تعديلها وفقاً للتطورات والظروف. مراكز صنع القرار التي تراقب، وتُحلل، وتستقدم الخبراء العرب والمسلمين لكي يدرسوا أو يعملوا لديها، هي إحدى أذرع الدولة العميقة التي تقوم بهذا العمل. وبالعودة إلى انتخاب دونالد ترامب، أرى أنه من المبكر الحكم على تداعيات فوزه، وخاصة إن كان الحكم مقتصراً على تصريحاته إبان الحملة الانتخابية، التي عادة ما تأتي لترضي شرائح يعلم أنها ستخدم حظوظه الانتخابية. ولكن من الواضح أن دونالد ترامب لا يكن صداقة أو محبة للعالمين العربي والإسلامي. وعليه، فإنني لا أتوقع أن تنحرف السياسة الخارجية الأمريكية بعيداً تماماً عما سبق للأسباب التي ذكرتها آنفاً، ولكنني أرى أن كثيراً من الفتور سيكون في مستقبل هذه العلاقات العربية والأمريكية آخذين البعد الشخصي لترامب نفسه.

• هل تتوقعون أن تحمل سياسة ترامب تغييرا في ابرز الملفات الشائكة في العالم العربي مثل سوريا وليبيا وغيرها؟
في ما يخص الملف السوري، من الواضح أن ترامب ليس لديه «شهية» كبيرة حيال تدخل أوسع في سوريا، وهو أمر يتقاطع مع الرأي السائد في الدولة العميقة التي ترى وجود أمريكي محدود على هذه الجبهة. هذا الرأي تدعمه عدة حقائق، أولها الشكل الحالي للتدخل الأمريكي هناك، والذي يقتصر على دعم لوجيستي وتسليح للمعارضة (50 عنصرا من القوات الأمريكية يكون دورها استشاريا كما أعلنت الإدارة الأمريكية)، وثانيها أن التحالف الدولي بقيادة أمريكا ضد داعش هو تحالف شكلي لم يؤثر حقيقة في وجود وتوسع داعش الارهابي، والعامل الذي أثر في وجود داعش هو الدخول الروسي الفعلي في مجريات الأمور. ومن هنا، أعتقد أن الدور الأمريكي لن يكون أوسع من ذلك، إلاّ أن تطور الأمور في اتجاه حسم الملف لمصلحة المعسكر الروسي، فسيحتم حينها على ترامب وإدارته القيام بدور أكبر لضمان حصة في سوريا الجديدة.

• وفي ما يخص القضية الفلسطينية ما هي الخطوط العريضة لسياسة ترامب في هذا الملف ؟
حول الملف الفلسطيني موقف ترامب واضح وهو التأييد الصارخ لإسرائيل، ولكنني أستبعد أن يستطيع ترامب فرض حل على الفلسطينيين، لأنه كما أسلفنا الأمر لا يتعلق بترامب وحده، فهناك سياسة أمريكية ممنهجة ومنذ سنين لم تر بعد أن الوقت قد حان لفرض حل على أي من الطرفين. أرى أن ترامب قد يحاول تحريك عملية السلام، وهو ما يفعله أي رئيس أمريكي جديد. يحاول، ويستمر، ولكن يصل في النهاية الى ذات الخلاصة، فتتوقف العملية برمتها.

• وإلى أين يسير الشرق الأوسط؟ هل نحن أمام سايكس بيكو جديد؟
للأسف تقول جميع المؤشرات بأننا نتجه الى سايكس بيكو جديد، مبني على معطيات عرقية وطائفية، قوى خارجية أشعلتها، والعرب والمسلمون أنفسهم وقدوها. التقسيمات بدت جلية، أما التحالفات الإقليمية فبدت متقلبة لدرجة غير مسبوقة، فترى دولا تتقارب بسرعة فائقة، وتتباعد بسرعة أكبر. للأسف ابتعد سكان المنطقة عن الثقافة الأصيلة في التعايش المشترك والمحبة والتكافل والتآخي، ولم يعد أي طرف من مكونات مجتمعاتنا يتحمل وجود الطرف الآخر، أو حتى أن يستمع لرأيه، فتفتّتت الهمم، وتفرقت النفوس، ويبقى الخاسر الأكبر هو مستقبل أبناء هذه المنطقة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115