علاء فاروق الكاتب المتخصص في الشؤون الليبية لـ«المغرب»: «يجب تفعيل الحوار الليبي-الليبي دون تدخلات دولية أو إقليمية»

قال الباحث المتخصص في الشؤون الليبية علاء فاروق ان لا مؤشرات تؤكد قرب نهاية الصراع العسكري في ليبيا ، مؤكدا ان من يتحكم في المعادلة السياسية في الداخل الليبي هي المجموعات المسلحة والتي يختبئ خلفها السياسيون، وبعد ذلك يأتي رجال الأعمال .. ويرى فاروق

ان المشير خليفة حفتر استطاع فرض نفسه على المعادلة السياسية، بعد سيطرة قواته على الموانئ النفطية وطرد قوات ابراهيم الجضران وتوقع بان يكون له دور في الحكومة المزمع تشكيلها .

• اولا لو تنقل لنا الوضع في ليبيا اليوم؟
الوضع في ليبيا الان معقد وشائك، فما بين الصراع السياسي بين الشرق والغرب، إلى ازمات الازدواجية في المؤسسات وازمة الثنائيات ، فهناك جهتان تشريعيتان متنازعتان حتى الان، وثلاث حكومات، اثنتان في طرابلس وثالثة في مدينة البيضاء، وجيشان، رئاسة أركان في طرابلس واخرى في المنطقة الشرقية، وما بين هذه الصراعات الكبرى، صراعات قبلية ومناطقية وأصوات تنادي بالانقسام والعودة الى ثلاثة أقاليم وهم دعاة الفيدرالية في الشرق، أضف إلى ذلك أزمات اقتصادية متتالية من ازمة سيولة وازمة تصدير النفط، إلى ازمات إقليمية يؤججها الوضع في ليبيا مع الجارة تونس وكذلك الجزائر من هروب متطرفين عبر الحدود.

• اذن الى اين يسير الصراع بين الفرقاء السياسيين في ظل هذا المشهد؟
الصراع الدائر ذو شقين، الاول سياسي: وهو بين فرقاء سياسيين كل منهم يدعي الشرعية ويستند الى روافد تؤيده، وينحصر بين المؤتمر الوطني العام في طرابلس والذي عاد الى المشهد من جديد بعد الاستيلاء على قصور الضيافة وطرد مجلس الدولة، وبين مجلس النواب في مدينة طبرق، والذي يرفض منح حكومة الوفاق الثقة حتى الآن ويتنازع الشرعية مع المؤتمر، وسياسي أيضا بين ثلاث حكومات متناحرة، وشق عسكري: قوات خليفة حفتر في الشرق، وبين قوات مصراتة وطرابلس ومن يدور في فلكهم في الغرب، وبين القوتين صولات وجولات، لكن أين يسير الصراع؟ فالسياسي يصب حتى الآن في مصلحة اتفاق الصخيرات ومخرجاته المتمثلة في حكومة الوفاق الوطني والمجلس الأعلى للدولة كونها تلقى مساندة دولية وإقليمية، العسكري لا توجد مؤشرات على نهايته أو وجهته.

• من يتحكم في المعادلة السياسية وكيف هي ادوار الداخل والخارج؟
من يتحكم في المعادلة السياسية في الداخل الليبي هي المجموعات المسلحة، والتي يختبئ خلفها السياسيون، فأي فصيل تسانده مجموعات مسلحة كبرى تجده مسيطرا وله نفوذه، وبعد ذلك يأتي رجال الأعمال وهم يديرون الدفة السياسية من وراء حجاب، وأغلبهم في الخارج وبعضهم كانوا تابعين لنظام معمر القذافي، وهم من يثيرون القلاقل في الداخل الليبي.

أما أدوار الخارج، فلها بعدان، الأول: دولي، وهو يساند بقوة الاتفاق السياسي الموقع في مدينة الصخيرات المغربية، ويدعم بشكل غير علني لقوات حفتر، وبعد إقليمي: وهو منقسم، فمثلا دولتا مصر والإمارات تدعمان حكومة الوفاق، لكنهما في الوقت نفسه تدعمان خليفة حفتر الرافض للحكومة، وهما تدعمان حفتر عسكريا، وهناك موقف تونسي – جزائري وهو دعم الاتفاق السياسي ورفض دعم أي طرف على حساب الآخر، وتشجيعهما على استمرار عملية الحوار السياسي بين أطراف الأزمة الليبية.

• هل هناك خارطة طريق لحل الازمة الليبية وطنيا ؟
لا توجد خارطة طريق واضحة حتى الآن، لكن يمكن صياغتها بسهولة، بتفعيل ملف المصالحة الوطنية وتفعيل المنظومة الأمنية الموحدة التي يمكنها ردع أي خارج عن الوفاق، وقبل كل ذلك تفعيل الحوار الليبي-الليبي دون تدخلات دولية أو إقليمية.

• اين وصلت المعركة ضد داعش في سرت واين يتمركز هذا التنظيم الارهابي اليوم؟
المعركة التي تقودها قوات البنيان المرصوص في مدينة سرت ضد تنظيم داعش في مراحلها الأخيرة، لكن ما يعرقل الحسم فيها، هو قلة الامكانيات العسكرية وعدم دعم الحكومة للمقاتلين الثوار هناك، بالاضافة إلى قدرة التنظيم الارهابي على التكيف والتشكل والاختباء داخل سرت أو بالقرب منها، وتكوين ما يسمى بخلايا نائمة داعمة له، وبالاطلاع على تصريحات زعماء هذا التنظيم يتأكد لنا وجود خلايا لهم في بعض المدن المجاورة وخاصة المدن الصحراوية التي تعد مرتعا لهؤلاء المقاتلين، وهم ما يسمونهم “كتائب الصحراء” وهي مجموعات أجنبية تدفقت لمساندة التنظيم حسب تصريحات زعمائه، لكن المعركة ستحسم فقط عندما تكون هناك دولة قوية وموحدة، وليست المشكلة في انتهاء التنظيم في سرت بل الأهم القضاء عليه في كل ربوع ليبيا.

• كيف تقيمون دور الامم المتحدة في ليبيا؟
دور الأمم المتحدة في رعاية الحوار الليبي والوصول الى اتفاق سياسي هو دور مهم وإيجابي، لكن تدخلات بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا ومبعوثيها في كافة شؤون الليبيين وتجاوز صلاحياتهم هو المرفوض في الداخل الليبي وهو ما يعتبره الليبيون وصاية من الخارج، كذلك الممارسات التي يقوم بها المبعوث الحالي مارتن كوبلر عليها كثير من علامات الاستفهام، خاصة زياراته للإمارات ومصر كثيرا ولقاؤه خليفة حفتر وإصراره على فرضه على المشهد، كل هذا يجعل مصداقية البعثة على المحك.

• وما هو دور حفتر في المعادلة السياسية في ليبيا؟ وما رأيكم في «الانتصارات» التي يعلن عنها ؟
هذه الانتصارات نسمع بها منذ انطلاق عملية الكرامة في 2014 ولا جديد فيها، وارى انها مجرد “شو” اعلامي يحاول حفتر به مراوغة الداخل والخارج ومناورتهم من أجل بقائه في المشهد وعدم محاكمته على الجرائم التي ارتكبت في الشرق الليبي.
ورغم جرائمه المتكررة، فإنه استطاع وفي غفلة من الزمن فرض نفسه على المعادلة السياسية، بعد سيطرة قواته على الموانئ النفطية وطرد قوات ابراهيم الجضران وهذا ما أعاده الى المشهد من جديد، ودفع بعض الأطراف الى التواصل معه، أتوقع ان يكون له دور في الحكومة المزمع تشكيلها لكن هذا سيقابل برفض داخلي كبير.

• لماذا تجددت الاشتباكات القبيلة في مدينة سبها جنوب ليبيا؟
كما قلت هي اشتباكات قبلية وليست الأولى او الأخيرة، فمن المعروف تاريخيا ان قبيلتي القذاذفة وأولاد سليمان في حالة عداء شديد، ورغم ان سبب الاشتباكات الأخيرة تافه جدا إلا أنها تؤكد عمق الأزمة بين القبيلتين المالكتين للسلاح والنفوذ، وأحب هنا ان أقول إن الأزمة في طريقها الى الحل، لقد تواصلت مع بعض الأعيان الليبيين القائمين بالمصالحة بين القبيلتين وقالوا إنهم توصلوا إلى اتفاق مبدئي لوقف إطلاق النار وأن الأزمة اوشكت على الحل، وهذه الأمور تتكرر كثيرا في الداخل الليبي وكلها نتاج طبيعي للوضع الأمني المتأزم وحالة الثنائيات المؤسسية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115