والزهراء والبكر والتحرير، ولربما -ان طالت بهم المعركة وتلاشت وعود العودة -سيجدون انفسهم رغما عنهم في مواجهة مباشرة مع رحلة الهجرة الى الخارج ..الى السراب الاوروبي ..
منذ عام 2011 وصلت أعداد المهجرين بسبب الحروب والصراعات إلى أرقام قياسية، حيث يواجه ملايين الرجال والنساء والأطفال في الشرق الاوسط مستقبلاً غامضاً. وقد حذرت منظمة «الانقاذ الدولية» من ارتفاع عدد المهجرين من منازلهم حول العالم إلى 100 مليون شخص. وأشارت المنظمة على لسان رئيسها امس إلى وجود 65 مليون شخص حول العالم، تركوا مناطق سكناهم وهاجروا أو اضطروا للجوء، لعدة أسباب على رأسها «البحث عن فرص اقتصادية أفضل، ثم النزاعات المسلحة، والتغير المناخي». ويستوجب ذلك البحث عن اطار يتم خلاله حوكمة الهجرة بين الاطراف والدول المعنية..وقد تضمن تقرير صدر اول امس خلاصة النتائج التي توصل اليها الاجتماع الشبه الاقليمي للهجرة واللاجئين والذي احتضنته تونس مؤخرا بتمويل من الاتحاد الاوروبي وبمشاركة اكثر من 80 ممثلا
عن منظمات ومؤسسات تعنى بقضايا الهجرة واللاجئين .
فمع تصاعد اعداد اللاجئين وبخاصة من سوريا والعراق واليمن وغيرها من دول الشرق الاوسط فان ذلك يستوجب على الاطراف المعنية -سواء المحلية او الاقليمية او الدولية- تشكيل اطار اساسي للتنسيق في اطار خطة التنمية المستدامة لعام 2030 . وقد حددت المنظمة الدولية للهجرة الخطوط العريضة من خلال اطارها «حوكمة الهجرة «وعرفته بانه العنصر الاساسي لتسهيل هجرة وتنقل الاشخاص..فيما يتعلق بالمستوى الثاني للهجرة وخاصة في منطقة البحر الابيض المتوسط يؤكد التقرير على دور الاتحاد الاوروبي فيما يخص سياسة الهجرة.
اما المستوى الثالث من حوكمة الهجرة فيتمثل في المستوى الوطني والذي يروجه المركز الدولي لتنمية سياسات الهجرة (ICMPD )من خلال برنامج يوميد للهجرة 4 . وهو يشدد على اهمية التنسيق بين المؤسسات فيما يتعلق بالبيانات والمعلومات .. ويبين التقرير ان هناك خمسة مبادئ تتحكم بعملية حوكمة الهجرة على المستويين المحلي والاقليمي.وتتلخص بفهم أهمية الهجرة في جدول أعمال التنمية ، بما في ذلك أدوار ومسؤوليات كل كيان يتعامل مع الهجرة من أجل ضمان التنسيق في السياقات المحلية. وهنا يطرح تساؤل حول مدى استعداد البلدان المشاركة والسلطات ذات الصلة لتحديد الهجرة كأولوية رئيسية . ووضع برامج لدعم البلدان لتعزيز قدراتها في حوكمة الهجرة .
ويدعم الاتحاد الاوروبي هذه البرامج في اطار الاستراتيجية التي وضعها قادته لمواجهة احدى اكثر الملفات تعقيدا خلال السنوات الماضية وهو ملف الهجرة غير الشرعية ..وربما يبقى التساؤل الاهم فيما يتعلق بهذا الملف الحارق هو مدى قدرة الاتحاد الاوروبي على لعب دور ريادي ينهي النزاعات المحتدمة في الشرق الاوسط «الجديد» ؟ لان انهاء النزاعات بالطرق السلمية وعدم تأجيج الصراع سيؤدي – بشكل او بآخر – الى التقليص من اعداد المهاجرين من بلدان الحروب والى اغلاق الساحات التي باتت موبوءة امنيا وتوفر بيئة خصبة لعمل شبكات تهريب البشر واللاجئين والاتجار بهم..وخاصة من الشرق الاوسط وذلك بعد قرابة الخمس سنوات من تفجر هذا «الزلزال العربي» . ..