انطلاق عملية «غضب الفرات» العسكرية: الامتداد الجيوسياسي لمعركتي «الرقة» و«الموصل»

على خطى معركة تحرير مدينة الموصل العراقية من قبضة تنظيم «داعش» الإرهابي ، يأتي إعلان قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية انطلاق عملية استعادة «الرقة» السورية ليعلن بدء ثاني اكبر معركة ضدّ هذا التنظيم الإرهابي وذلك باستهداف ثاني اكبر معقل من معاقله الرئيسية في سوريا.

يشار إلى انّ قوات سوريا الديمقراطية (وهي تحالف فصائل عربية وكردية سورية) مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية ، وإعلانها انطلاق عملية «غضب الفرات» لاستعادة الرقة هو بالتأكيد بعد تنسيق مع واشنطن باعتبار انّ هذه القوات لطالما وصفت بأنها الذراع العسكري لأمريكا على ارض المعركة في سوريا.وتضم قوات سوريا الديمقراطية أغلبية كردية مما يجعل واشنطن بين مطرقة تقديم الدعم لها وسندان امتصاص الغضب التركي ، حيث أشعلت تصريحات متحدث باسم القوات حول عدم وجود دور تركي في معركة الرقة غضب أنقرة وهو ما سعت واشنطن إلى التقليل من أهميته بالقول أن الدور التركي لن يكون عسكريا .

ويرى مراقبون أن العداء التاريخي بين تركيا والأكراد ستظهر معالمه جلية في معركة استعادة «الرقة» ، خصوصا أن أنقرة أطلقت منذ أشهر عملية «درع الفرات» لتطهير حدودها على الشمال السوري من الأكراد ومقاتلي «داعش» على حدّ سواء.
امتداد المعركتين

من جهته قال الباحث والمحلل السياسي العراقي هشام الموزاني في حديثه لـ«المغرب» أنّ لمعركة الرقة والموصل امتدادا جيوسياسيا واحدا، مشيرا إلى انّ تقدم القوات العراقية السريع والمفاجئ قطع طرق الاتصال بينهما من قبل القوات العراقية ليصبح من المريح لقوات سوريا الديمقراطية البدء بعملية تطويق واقتحام الرقة لكي لايصبح لـ›داعش› الإرهابي أي مركز حضري ممكن أن يعتمد عليه لوجستيا وذلك عبر تقييد حركتها وشل قدراته على القيام بهجومات كبيرة على حدّ تعبيره.

وعن تأثيرات تحرير الرقة على مجريات المعادلة في سوريا أجاب محدّثنا أنّ «القضية الكردية السورية دخلت منعطفا كبيرا خصوصا مع الميول الانفصالية والدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية والتي عصبها الرئيس الكُرد .. أنّ دخول سوريا الديمقراطية كعمود موازنة جديد في شمال وشمال شرق سوريا سيخلق منطقة خارج النفوذ الدمشقي وربما يؤسس لإقليم شبيه بإقليم كردستان العراق مما يعني قضم للأراضي والنفوذ الدمشقي وربما يمتد إلى مناطق عربية قريبة «.

وعن المستفيد الأول من طرد «داعش» من الرقة قال الموزاني متابعة الخارطة السياسية تحيلنا إلى أنّ الرقة ستقطع طريق إمداد إيراني عراقي سوري، وهذا الإمداد مهم بالنسبة لسوريا الأسد، معتبرا أنّ «الروس والسوريين وبدرجة اقل الإيرانيين لا ينظرون بارتياح للتحركات الكرديّة. ولكن عموما حلب هي الأولوية الآن للروس وللسوريين.. أمّا الإيرانيين فأولويتهم تبقى العاصمة دمشق . وربما ستكون طرق إمدادات الغاز الإيراني عبر كردستان العراق ثم شمال شرق سوريا موضوعا جيوسياسيا مهما، ولكنه ليس مصيريا بالنسبة للإيرانيين فلديهم طرق بديلة... ولكن قطع الهلال الشيعي من هذه المنطقة له أهمّيته ولكن غير المصيرية» وفق تعبيره. وعن إمكانية الصدام التركي الكردي في سوريا قال الباحث العراقي أنّ الأتراك تم تحييدهم وإرضائهم ببعض مناطق النفوذ القريبة من حدودهم ، متابعا أن الأتراك في الوقت الراهن لا يملكون أوراق ضغط حقيقية .وأضاف محدثنا الضغط الأمريكي لم يعط للأتراك دورا مصيريا لا في معركة الموصل ولا في معركة الرقة .

ماذا بعد «داعش»؟ومصير تنظيم هل ينتهي «داعش» قال محدّثنا أنّ «الأفكار المتطرفة لاتموت» ، قائلا أن «داعش» وجه القاعدة والقاعدة من رحم التكفير والهجرة، والتكفير والهجرة وليدة الإخوان على حدّ قوله .وأشار إلى انّ التمظهرات تختلف وحجم التطرف يختلف أيضا ـ مضيفا انّ هذه التمظهرات ستبقى تتجدد خصوصا في أوضاع سياسية واجتماعية عربية وإسلامية ولدت للتطرف والتهميش والإقصاء.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115