اجتماع لندن يقترح تشكيل «مجلس أعلى للإنفاق»: ليبيا.. من الوصاية السياسية إلى الوصاية الاقتصادية

جاء الاجتماع الدولي -ذو الطابع الاقتصادي- الذي استضافته العاصمة البريطانية لندن على امتداد يومين بخصوص الأزمة الليبية ليطرح نقاط استفهام عديدة حول نوايا الاجتماع وأهدافه . ورغم الترحيب الأممي بالاجتماع الذي وصفه المبعوث الدولي في ليبيا مارتن كوبلر ، بالمُثمر

لاقى الاجتماع تباينا في ردود الفعل المحلية بين رفض شق أول لمخرجاته معتبرين انها محاولة من المجتمع الدولي لفرض وصاية اقتصادية على البلاد بعد الفشل في إنجاح التسوية السياسية التي مرّ على التوافق عليها أكثر من سنة ، وبين شق آخر أبدى تفاؤلا مشوبا بالتردّد بدخول الاقتصاد الليبي مرحلة جديدة خصوصا بعد تعطل سير الحياة العادية لليبيين مع وجود أزمة سيولة مالية منذ شهر مارس المنقضي.

وشهد الاجتماع الذي احتضنته بريطانيا مشاركة مسؤولين من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وايطاليا والمملكة العربية السعودية والإمارات ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر ورئيس المجلس الرئاسي فائز السراج . حيث اعتبر رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج، انه شارك في الاجتماع الوزاري المقام بلندن بهدف «الوقوف بشكل مباشر على كافة المقترحات التي من شأنها المساهمة في حلحلة الأزمة الاقتصادية، والاستفادة بالخبرات الدولية في هذا المجال». وتمخض الاجتماع عن اقتراح بتشكيل جسم جديد يهتم بالشأن الاقتصادي بصفة خاصة تحت مسمى «المجلس الأعلى للإنفاق». وأرجع المشتركون قرار تشكيل هذا المجلس الى الأزمة الاقتصادية التي تخيم على ليبيا منذ 6 سنوات بالإضافة إلى تعثّر العملية السياسية رغم مرور أكثر من سنة على الاتفاق السياسي التاريخي في الصخيرات في 17 سبتمبر 2016.

من المجلس الرئاسي إلى مجلس الإنفاق
ويربط متابعون للشأن الليبي قرار تشكيل «مجلس أعلى للإنفاق» بفشل المجتمع الدولي الداعم لحكومة الوحدة بقيادة فايز السراج في فرض بنود التسوية السياسية المتفق عليها ، وبسط الأمن والاستقرار في البلاد التي تقبع في نفق مظلم منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي سنة 2011.

ورغم مرور أكثر من عام على تسلّم حكومة الوحدة الليبية عملها في العاصمة طرابلس، إلاّ أنّ الخلافات لاتزال تُعرقل بدء نشاطها بالمستوى المطلوب والكافي لتحقيق اختراقات في المشهد السياسي الذي لطالما شابته الفوضى والانقسام لما يفوق الـ6 سنوات . وتعي حكومة فايز السراج أنّ العراقيل والصعوبات التي تواجهها في سيرها نحو إعادة الاستقرار إلى البلاد تزايدت منذ استلام مهامها ،إلاّ أن استمرار الخلافات وعودة بذور الصراع إلى الواجهة ،علاوة على استمرار ازدواجية السلطة في ليبيا ،كل ذلك وضعها في وضع صعب يفرض عليها ضرورة تجاوز هذه المرحلة الحرجة مما يجعلها تعتمد كثيرا على دعم المجتمع الدولي الذي تستمد منه شرعيتها.

ويرى مراقبون أن تزامن الفوضى السياسية في ليبيا خلال هذه الفترة مع بروز دور كبير للميليشيات المسلحة باختلاف ولاءاتها ، ستزيد من التحديات المحدقة بالبلاد خصوصا وان حكومة الوحدة اللّيبية مافتئت- منذ أن تمّ الإعلان عن تشكيلها يوم 17 ديسمبر2015 تواجه تحدّيات الدّاخل والخارج ممّا حال دون نجاحها في تفعيل دورها في إدارة شؤون ليبيا وتجاوز الخلافات السياسية. ولعل سيطرة ميليشيات تابعة لجماعة إبراهيم الجضران لسنوات على الثروة النفطية في البلاد ، قد زادت معضلة المشهد الاقتصادي في ليبيا حيث شهد الاقتصاد انتكاسة خطيرة بعد أنّ كان من بين أقوى الاقتصاديات القائمة على النفط في العالم .

ونجحت قوات تابعة للمشير خليفة حفتر في استرجاع الهلال النفطي من أيدي قوات حرس المنشآت النفطية التابعة لإبراهيم الجظران يوم 11 سبتمبر المنقضي وهو ماخلف انقساما محليا ودوليا كبيرين حول الخطوة وتأثيراتها على الخلاف بين المؤسسة العسكرية بقيادة حفتر والمجلس الرئاسي بقيادة فايز السراج.

وصاية اقتصادية
وعن محاولة المجتمع الدولي فرض وصاية اقتصادية على ليبيا قال وزير الداخلية الليبي الأسبق د. محمد الشيخ في تصريح لـ»المغرب» أنّ الشواهد المتوفرة توحي بذلك ، مشيرا إلى أنّ تبني أطراف دوليّة لها ثقل سياسي واقتصادي ، ومؤسسات مصرفية معنية بالاقتصاد والصناديق السيادية دون ريب سيكون لها نتائج تصب في هذا التوجه إذا أخذنا في الاعتبار تجاهل استدعاء مجلس النواب بالرغم من انه المؤسسة التشريعية المنوط بها الموافقة على قانون الميزانية ».

وقال الشيخ «إنّ إنشاء مجلس أعلى للإنفاق في ليبيا ، لن يحل الأزمة» مضيفا أن الأزمة الليبية لن يحلّها....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115