إذ نجد الولايات المتحدة تسعى للضغط على الاتحاد الأوروبي من خلال ملفات الهجرة غير الشرعية والمخدرات والإرهاب، في المقابل نلاحظ بأن فرنسا وألمانيا تعتمدان إستراتيجية الدفاع عن الاتحاد الأوروبي ،لكن ومع اختلاف كلا الإستراتيجيتين نجد أنهما يحاربان التواجد الروسي في جنوب البحر المتوسط. وبالتالي فإن القضية الليبية أصبحت أكبر مما يروج له فلو كانت الأزمة ليبية – ليبية لأمكن لليبيين حلها وتسويتها في وقت قصير. ويرى مراقبون بأن حوار الصخيرات يجسد مدى تدخل القوى العظمى في الملف الليبي عبر السفراء
والمبعوثين ورغم تواصل حوار الصخيرات لأكثر من سنة لم يتوصل إلى تسوية حقيقية وإنما أفضى إلى اتفاق سياسي على درجة كبيرة من الهشاشة والضعف باعتراف بعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا التي هندست الاتفاق.
أما الحديث عن مطامع غربية في ثروات ليبيا فهو كذلك غير واقعي فلا نفط ولا غاز ليبيا ومواردها تمثل شيئا مهما في الاقتصاد العالمي فثروات وموارد ليبيا مهمة بالنسبة للدولة في حجم الأخيرة ديمغرافيا.
لكن الذي يدفع القوى الكبرى للمسك بالملف الليبي ومن هناك إيجاد موطئ قدم وضمان عملاء وحلفاء في الداخل الليبي هو الموقع الجيوستراتيجي لليبيا. هذا الصراع ينحصر بين الولايات المتحدة، فرنسا، إيطاليا وبريطانيا وروسيا.
الولايات المتحدة وبريطانيا تمكنتا من ربط التواصل من خلال بوابة إخوان ليبيا حيث تميزت السفيرة الأمريكية ديبورا جونز بنشاطات كثيرة وكانت لها صولات وجولات ثم جاء المبعوث الأمريكي الخاص لدى ليبيا جونتان ونير ليواصل المهمة. وعلى نفس الخطى عمل سفير بريطانيا.
إيطاليا المستعمر السابق لليبيا تمكنت من إنشاء ما يشبه القاعدة العسكرية أو هي نواة لقاعدة عسكرية في مصراتة تحت غطاء بعث مستشفى ميداني عسكري وإرسالها لحوالي 400 عسكري يتمركزون الآن في الكلية الحربية مصراتة.
فرنسا من جهتها لم تنكر تقديمها دعما لوجستيا للبنيان المرصوص وقوات حفتر في نفس الوقت لكن سياسيا تبدو باريس أقرب وأكثر ميولا لمجلس النواب طبرق والمؤسسة العسكرية المنبثقة عنه.
روسيا على الخط
وبين هذا وذاك ظهرت روسيا على ساحة الأحداث العسكرية الليبية بدعم معلن لقوات حفتر وحال مندوب روسيا الدائم لدى مجلس الأمن الدولي دون فرض عقوبات دولية ضد الجنرال حفتر على خلفية سيطرته على الموانئ النفطية. ويجمع المتابعون بأن الأزمة الليبية على ما هي عليه من تدخل خارجي لا يمكن تصور انفراجها قريبا.
في هذا السياق ذكر يونس فنوش عضو مجلس النواب في تصريحات إعلامية بأنّ المسؤولية تقع في الدرجة الأولى على المؤسسة العسكرية التي عليها أن تسيطر على كل التراب الليبي ،وتقضي على الإرهاب والجماعات المسلحة والخارجين عن القانون وتهيئ الأرضية لانطلاق بناء الدولة المدنية الديمقراطية وطمأنة الشعب والمجتمع الدولي بعدم وجود رغبة في حكم ليبيا وممارسة السياسة. أما ثانيا فيضيف يونس فنوش عضو البرلمان فالدور موكول للنخب السياسية والكفاءات الوطنية للتقدم لبناء دولة ليبيا الحديثة.
معلوم أن القائد العام للجيش المشير حفتر سبق أن أعلن أن الجيش يقف بعيدا عن التجاذبات السياسية ،لكن البعض يشكك في تصريحات حفتر ويؤكد بأن الأخير يحلم باستنساخ السيناريو المصري. وأول خطوة قام بها حفتر هي إطلاقه لعملية الكرامة والظهور بمظهر المنقذ لليبيا من الإرهاب ومن تنظيم الإخوان ،وزادت ترقية حفتر إلى رتبة مشير من طرف رئيس البرلمان القائد الأعلى للقوات المسلحة الرجل في تغذية الحلم بأن يكون سيسي ليبيا ولو أن عبد الفتاح السيسي جاء إلى كرسي الحكم عبر صندوق الاقتراع وانتفاضة شعبية عارمة أطاحت بتنظيم الإخوان المسلمين.