الإمارات، تركيا وقطر لبحث سبل حلحلة الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا وخاصة توحيد المؤسسة العسكرية تحت قيادة موحدة تابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني.
وكانت عديد المبادرات ظهرت خلال الأسابيع الفارطة في الغرض ضمنها المبادرة الجزائرية التي تنص على بعث مجلس عسكري أعلى يتركب في عضويته من ثلاثة أعضاء من المجلس الرئاسي يضاف إليهم رئيس البرلمان عقيلة صالح والمشير خليفة حفتر. غير أن هذه المبادرة اصطدمت برفض المشير حفتر الاعتراف بالمجلس الرئاسي وحكومته إلا بعد المصادقة عليها من طرف مجلس النواب وكذلك ضرورة تضمين الاتفاق السياسي بالإعلان الدستوري.
ويرى متابعون لمسار تطبيق الاتفاق السياسي المتعثر بأن القائد العام للجيش الليبي حفتر بدأت مواقفه مؤخرا أكثر مرونة وقد استجاب لمطالب المجتمع الدولي سيما في ما يتعلق بتسليم الموانئ النفطية بالهلال النفطي بعد استعادتها من فرع حرس المنشآت النفطية بالمنطقة الوسطى تحت قيادة إبراهيم الجضران وتجنيب البلاد حربا أهلية طويلة.
ويجمع المتابعون على أن حفتر يسعى بكل جهده إلى حسن استغلال انتصارات قواته لجني مكاسب سياسية محليا ودوليا محليا بانه برهن للشعب الليبي حرصه ومحافظته على ثروة النفط ومحاربة الإرهاب ودوليا انه أكد للقوى العظمى: الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بأنه يحترم إرادة المجتمع الدولي وأنه لا نية له بالسيطرة على النفط وبدليل سرعة تسليم الموانئ النفطية إلى المؤسسة الوطنية للنفط وتولي قواته تأمين المواقع النفطية من مسافات بعيدة.
شعبية المشير خليفة حفتر تزايدت خاصة شرق ليبيا ففي عاصمة الثورة بنغازي بفضل عملية الكرامة التي أطلقها حفتر التم القضاء على المليشيات المسلحة والعصابات الخارجة عن القانون واستعادت بنغازي وجهها المشرق بينما كانت قبل عامين تنام وتصحو على وقائع قطع الرؤوس والاغتيالات والعبوات اللاصقة. بنغازي الآن تستعد لاستقبال مجلس النواب ومديرية أمن المدينة وتضع اللمسات الأخيرة لإعلان عودة البرلمان وانطلاق عملية إعادة إعمار المدينة.
لقد حاولت الجهات المضادة لحفتر تشويه صورة الجيش والتقليل من انتصاراته مستغلة وضعية 126 أسرة عالقة في قنفودة تعتبرها القيادة العامة رهائن لدى فلول الدواعش في قنفودة المحاصرة وأكد مصدر مقرب من الجيش بأن الاتصالات مستمرة بين القيادة العامة للجيش والإرهابيين بشكل غير مباشر من أجل إخراج تلك العائلات المحاصرة عبر منفذ وممر إنساني لكن دون حصول تقدم يذكر بسبب تصميم الإرهابيين على أن يكون الممر في اتجاه البحر وليس برا في اتجاه الجيش.
صورة أخرى من صور سعي الأطراف المحلية والدولية الى الاساءة للجيش وقياداته العامة وهي المتعلقة بإظهار حفتر بالضابط الباحث عن كرسي الحكم حيث يتم تحريف تصريحاته الإعلامية وتحميل زيارات القائد العام للجيش الخارجية ما لا تحتمل وفي هذا الإطار نفت الخارجية الروسية أن يكون المبعوث الرسمي لحفتر ورئيس مجلس النواب إلى موسكو قد نقل للقيادة الروسية طلب حفتر تزويده بالسلاح والذخائر.
يشار إلى أن المشير حفتر يحتفظ بعلاقات قوية مع الجارة مصر ودولة تشاد وعلاقة غامضة مع تونس والجزائر وعدائية مع السودان التي يتهمها بدعم الجماعات المتطرفة كما توجد من بين دول الجوار من تتعاون سرا مع حفتر لأسباب أمنية وعلى صلة بملف الإرهاب وتنظيم داعش الإرهابي.
وحال دول الجوار وموقفها من المشير حفتر لا يختلف كثيرا عن مواقف الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة فهذه فرنسا أقرت بوجود تعاون استخباراتي مع قوات شرق ليبيا بعد واقعة هلاك ثلاثة من جنودها في سقوط مروحية شهر أوت الماضي. كذلك الولايات المتحدة لا تستطيع إنكار حقيقة معلومة وهي احتضانها لحفتر لعشرين عاما كلاجئ لديها وحيازته للجنسية الأمريكية. كما أن الولايات المتحدة بفضل تواجد مخابراتها وسيطرتها على أجواء ومياه ليبيا البحرية لا تستطيع إنكار علمها بتحركات قوات حفتر نحوا لهلال النفطي وغارات طيران الكرامة على درنة. صمت الأمريكان على نشاطات قوات حفتر وغض الطرف عنها يعطي الدليل على موافقة ضمنية أمريكية وضوء أخضر لكن ذلك لا يخفي تعبير المسؤولين في البيت الأبيض عن قلقهم وغضبهم أحيانا من تصرفات حفتر وميوله للتعاون مع روسيا.
المحصلة أن القوى الكبرى أصبحت على قناعة بأن حلحلة أزمة ليبيا رهينة إدماج القائد العام للجيش في المشهد السياسي القادم لكن وفق أي آلية وصيغة ممكنة؟
ذلك هو الشغل الشاغل الآن للمجتمع الدولي وهو ما سوف يتطرق إليه المجتمعون مطلع الأسبوع القادم في العاصمة الفرنسية باريس وما كان المبعوث الدولي مارتن كوبلر مهّد إليه خلال جولاته وزياراته الأخيرة إلى دول خليجية وشرق أوسطية مثل دولة الإمارات وقطر وغيرها..
سجون خارج سيطرة الدولة
فيما عبر مصدر عن قلق بالغ لدى المنظمات الحقوقية وعائلات المحتجزين يتواصل مشهد الإيقافات خارج إطار القانون وظاهرة السجون التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة بمختلف مناطق ليبيا. وكشفت مصادر من مؤسسة الإصلاح وتأهيل الجهة الرسمية في ليبيا المسؤولة عن البحوث أن السجن الوحيد التابع للدولة وتشرف الشرطة القضائية غرب البلاد هو سجن صرمان غرب طرابلس الذي يشكو حالة من الاكتظاظ وتعطيل محاكمة الموقوفين من سياسيين وعسكريين كما يوجد سجن الهضبة وهو تحت نفوذ وإدارة الجماعة الليبية المقاتلة وتحتضن مصراتة لوحدها حوالي 30 % من السجناء وهم أيضا يعانون من الانتهاكات وأماكن اعتقالهم تابعة للمليشيات ومن المفارقات أن الجيش في بنغازي لديه سجون يديرها وهي تعاني ما تعانيه باقي سجون ليبيا.
أما تنظيم داعش الإرهابي فلديه هو الآخر سجونه في سرت وفيها تمارس شتى أنواع التعذيب وكانت القيادة العامة للجيش في بنغازي اكتشفت عند تمشيطها منطقة القوارشة البيوت التي كان الإرهابيون يشغلونها. حكاية البحوث السرية والبحوث الواقعة في ليبيا طويلة ولا تنتهي والمقلق هو صمت بعثة الأمم المتحدة حيال معاناة حوالي18 ألف سجين ومعتقل تعسفا ودون محاكمات. والسؤال المطروح هل تنفرج أزمة سجناء ليبيا بتفعيل العفو العام وإطلاق المصالحة الشاملة؟