القانون الأمريكي «العدالة ضدّ رعاة الإرهاب»: قانون «جاستا» ومحنة العلاقات الأمريكية السعودية

تتواصل ردود الأفعال الخليجية والدولية على اقرار الكونغرس الامريكي ما بات يعرف بقانون «جاستا» الذي يتيح رفع دعاوى قضائية في المحاكم الامريكية ضد الدول التي يعتبرها البعض «راعية للارهاب » . ويعد القانون ضربة للعلاقات بين واشنطن والرياض المتوترة اصلا

منذ توقيع الاتفاق النووي الايراني في جويلية من عام 2015 .

وقد اعتبر امس بيان صدر عن الخارجية السعودية ان قانون «جاستا» يعد مصدر قلق كبير على الحصانة السيادية للدول . كما أصدرت عدد من دول مجلس التعاون بيانات عكست القلق البالغ من إقرار القانون الذي سوف يؤسس لسابقة خطيرة في العلاقات الدولية وسيهدد استقرار النظام العالمي لما سيترتب عليه من أضرار اقتصادية عالمية كبيرة، وسيحمل بواعث للفوضى وعدم الاستقرار في التعاملات الدولية -بحسب البيانات الصادرة- .

محاكمة الرياض؟
يتيح «قانون تطبيق العدالة على الدول الداعمة «للارهاب» او ما يعرف بجاستا ، للمحاكم الفيدرالية الامريكية النظر في دعاوى مدنية ضد أي دولة ذات سيادة، قدمت بعلمها دعمًا ماديًا للأفراد أو المنظمات التي يحتمل بنسبة كبيرة ارتكابها أعمالًا إرهابية. ويسمح خاصة لعائلات ضحايا تفجيرات 11 سبتمبر 2001 بمقاضاة الدول التي يثبت تورطها في العملية والحصول على تعويضات منها. ويشار الى ان 19 شخصا من منفذي الهجوم هم من الجنسية السعودية ولكن بعد التحقيقات الأمريكية، لم يكن هناك دليل قاطع يثبت تورط الحكومة السعودية، أو أي من المسؤولين بها في تمويل هذا الإرهاب. وقد صادق نواب الكونغرس الامريكي خلال مطلع الشهر الحالي على قانون جاستا، الا ان الرئيس اوباما رفضه ، واستخدم حق «الفيتو» ضده؛ بدعوى ‏أنه يخالف مبدأ الحصانة السيادية التي تحمي الدول من القضايا المدنية أو الجنائية.

كما وجه اوباما رسالة للكونغرس ضمنها مبررات رفضه لهذا القانون واهمها عدم رغبة الرئيس أوباما في مزيد من التدهور في العلاقات السعودية الأمريكية وهدم آخر جسور التواصل بين البلدين في ظل ما يواجهه الاقتصاد الأمريكي من أوضاع صعبة بهدف ضمان بقاء الأصول والسندات وأذون الخزانة والأوراق المالية السعودية المختلفة .

ويرى عديد المراقبين ان هذا القانون هو بمثابة صفعة قوية للعلاقات الامريكية السعودية والتي تشهد منذ فترة تغييرا منذ تسلم الملك سلمان ادارة الحكم ،واتباعه استراتيجية اكثر حزما تجاه خصومه في المنطقة ، وتمثل ذلك في التدخل المباشر في المناطق التي تعتبرها الرياض تدخل ضمن امنها القومي وفي مقدمتها اليمن..

اية تداعيات؟
بعد تطبيع العلاقات بين واشنطن وطهران ، يأتي هذا القانون ليزيد من تأزيم العلاقات المتوترة اصلا بين الادارة الامريكية والرياض . فبالرغم من التعاون القائم بين البلدين في مجال مكافحة الاٍرهاب وانضمام السعودية الى الائتلاف الذي تتزعه الولايات المتحدة ضد داعش الارهابي في المنطقة، الا ان هناك فتورا في العلاقات منذ تسلم اوباما الحكم . وتتخوف الاوساط السعودية من الآثار الاستراتيجية السلبية باعتبار ان هذا القانون يحمّل الرياض – بشكل غير مباشر - المسؤولية عن عمليات ارهابية نفذها سعوديون .
ولعل التأثير السلبي الاستراتيجي الاخطر يكمن في مجال النفط والأمن اضافة الى الامور الاقتصادية والمالية وهو ما حذرت منه إدارة اوباما أيضاً .. وقد اعتبرت بعض الجهات السعودية ،القانون طعنة في الظهر من حليف رئيسي ، خصوصا وان الاتهام يوجه الى دولة تتعاون معها أمريكا في مجال الأمن ومكافحة الاٍرهاب ..

في المقابل يرى بعض المتابعين ان الرياض لم تقم بما هو كافٍ في مكافحة الجماعات الإرهابية والتكفيرية خصوصا من حيث عدم القيام باجراءات أشد لمكافحة تمويل هذه الجماعات .
وهناك توقعات بان تقلص السعودية استثماراتها المالية في الولايات المتحدة بعد هذا القانون ، وقد لوحت سابقا بسحب أرصدتها واستثماراتها والتي تقدر بحوالي 750 مليار دولار.

ويعد إقرار القانون ضربة ايضا لاوباما الذي يستعد لترك البيت الأبيض ، رغم ان الفيتو الرئاسي الذي رفضه الكونغرس بمجلسيه لا يخدم اوباما انتخابياً . فالمزاج الشعبي الامريكي يرفض اي موقف من الادارة لصالح السعودية ، وبالتالي فان الفيتو الذي استخدمه اوباما يمكن ان يؤثر بشكل او بآخر على وتيرة السباق الانتخابي والمعركة الدعائية المحتدمة بين المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون ومنافسها الجمهوري ترامب.

ويرى الباحث اللبناني حسين حسن ان المملكة ستحاول استيعاب هذه المسألة بمعنى انها لن تذهب بعيداً في اجراءاتها ضد حليفها الاستراتيجي ويضيف في حديثه لـ « المغرب» قائلا :«لا يمكن ان تخاطر الرياض الى حد كبير في علاقاتها مع امريكا خصوصا في ظل اوضاع المنطقة ومنها حرب اليمن التي تقودها السعودية وحرب سوريا والمواجهة مع ايران وهي قضايا أساسية لا تستطيع المملكة مواجهتها من دون دعم أمريكي». مؤكدا ان انتقاد اوباما للقانون ينبع من مخاوف من ان تواجه الولايات المتحدة مستقبلا مئات الدعاوى بتهمة قتل مدنيين في الخارج ، سواء في عمليات أمنية او سواها وهو ما يمكن أيضاً ان يعرض دبلوماسييها في الخارج للخطرعلى حد قوله ».
ويتوقع الباحث ان يجد الأمريكيون مسارا يمكن من خلاله الحد من الضرر الذي الحقه القانون في علاقات البلدين.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115