في ظل استشراء قانون القوّة: متى تضطلع المؤسسات بدورها في ليبيا ؟

في ظل بروز المؤسسات الموازية حكومتين: الأولى في طرابلس والثانية في طبرق ووجود المؤتمر الوطني العام ومجلس نواب في طبرق وجيشين واحد تابع لخليفة حفتر والآخر لتنظيم فجر ليبيا ، زد على ذلك انتشار المليشيات المسلحة وغيرها من التنظيمات المتطرّفة

كل ذلك جعل من القرارات الصّادرة عن الجهات الشرعية أو غير الشرعية غير سارية المفعول .

فحتى الهياكل التي جاء بها الاتفاق السياسي وهي المجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب كلها لم تغير الوضع الليبي الراهن، فقد رأينا كيف زحف هيثم التاجوري وميليشياته على مقر الاستخبارات بطريق المطار وسيطر عليه وطالب باعتقال مصطفى نوح مسؤول المخابرات العامة واستبداله بأحد الموالين له. كما أقدم المجلس الرئاسي على إصدار قرار بإحداث هيئة تسيير للمؤسسة الوطنية للنفط لكن رئيس مجلس إدارة المؤسسة الأسبق رفض تطبيق القرار وواصل عمله ليذعن المجلس الرئاسي ويقبل الأمر الواقع.

صورة أخرى تجسد سياسة فرض الأمر الواقع وهي المتعلقة بإقالة مجلس النواب لمحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير وتعويضه بعلي الحبري، فكانت النتيجة مواصلة المحافظ المقال لعمله في طرابلس والحبري في البيضاء وعلى مدى سنوات الفوضى صدرت عشرات القرارات تعلقت بمفتي الديار الليبية وسفراء ليبيا في مصر وإيطاليا وغيرهما كل هؤلاء ضربوا بقرارات إقالتهم عرض الحائط واستمروا في عملهم. ويرى متابعون للشأن الليبي أن ظاهرة قانون القوة الذي طغى على قوة القانون، قد أضرت كثيرا بهيبة الدولة وأصبح بإمكان أي شخص أو طرف أن يفرض ما يريد أو ينصب نفسه على رأس أي مؤسسة إذا ما كانت لديه قوة على الأرض.

صمت دولي
سياسيا فرض الأمر الواقع ساعد في انتشارها صمت المجتمع الدولي والأمم المتحدة من خلال بعثتها للدعم والمساندة في ليبيا ،حيث جرى غض الطرف على انقلاب المؤتمر الوطني العام المنتهي الولاية على مجلس النواب الذي جاء بعد انتخابات نزيهة. تحركت المجموعات المسلحة التابعة للإخوان وأعادت المؤتمر وطردت مجلس النواب.

كما صمت المجتمع الدولي إزاء سيطرة الجضران على الموانئ النفطية وغلقها لأربع سنوات، وكان سببا في خسارة خزينة الدولة لمائة مليون دولار. فرض الأمر الواقع ينطبق على المنافذ الحدودية البرية وحتى الجوية فالمعابر البرية تقع إما تحت سيطرة عصابات التهريب أو الجماعات المتشددة. ويجمع المراقبون على أن ظاهرة فرض الأمر الواقع تكاد تنفرد بها ليبيا بين الدول التي تشهد فوضى ونزاعات مسلحة.

معلوم أن الاتفاق السياسي فشل في معالجة سطوة القوة على قوة القانون وذلك طبيعي طالما لم يتم تفعيل أجهزة القضاء والشرطة والجيش، واستمرار أحكامها فتلك الأحكام لن ترى النور وتبقى حبرا على ورق والصورة تنطبق على أحكام الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا في طرابلس المتعلقة ببطلان جلسات البرلمان في طبرق.

يشار إلى ان تسريبات من طرابلس أكدت عزم المجلس الرئاسي أو المجلس الأعلى للدولة خلال الأيام القادمة القريبة إصدار قرار تعيين بديل لمحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير. غير أن عضو البرلمان إبراهيم الزغيد عن كتلة السيادة الوطنية عارض بشدة إصدار سلطات طرابلس لهذا القرار مؤكدا أن عملية تعيين محافظ مركزي للمصرف هي اختصاص دستوري للبرلمان مشيرا إلى أن الإعلان الدستوري إلى حدود اللحظة لا يوجد به جسم تشريعي أو تنفيذي اسمه مجلس رئاسي أو مجلس أعلى للدولة وإنما يوجد به مجلس نواب وحكومة منبثقة عنه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115