سوف تكون لها تداعيات على العلاقة مع حكومة باراك أوباما ومع السباق نحو البيت الأبيض خاصة في ما يتعلق بنحت الإستراتيجية الأمريكية ضد الإرهاب.
نص مشروع القانون يطلب من وزارة الخارجية تصنيف حركة الإخوان كحركة أجنبية إرهابية. ويشمل هذا الإجراء منع دخول تراب الولايات المتحدة لكل عنصر ينتمي الى هذا التنظيم من غير الأمريكيين وتتبع كل من يقدم مساعدة مادية للإخوان عدليا. يسمح كذلك القانون لوزارة المالية بمطالبة البنوك و المؤسسات المالية بإيقاف كل العمليات المالية التابعة للإخوان المسلمين. وصادق 17 نائبا مقابل 10 على هذا المشروع. وفي صورة رفضت وزارة الخارجية هذا القانون فعليها أن تذكر بالتدقيق الاسباب التي تعتبرها كافية ، حسب القانون، لعدم إدراج الإخوان المسلمين في قائمة الحركات الإرهابية.
يعتبر المحللون في واشنطن أن توقيت هذه المصادقة ليس غريبا عن تداعيات الحملة الانتخابية داخل الحزب الجمهوري المهيمن على الكونغرس، إذ يعطي المرشح تاد كروز دفعا في السباق ضد دونالد ترومب. وهو من ناحية أخرى يكثف في الضغط على جون كيري وزير الخارجية حتى يغير موقفه من الإخوان خاصة أن الحزب الجمهوري الذي له علاقات متينة مع المملكة العربية السعودية سبق و أن عبّر عن عدم رضاه عن سياسة الرئيس أوباما وهيلاري كلينتن الداعمة للإخوان المسلمين بعد اندلاع الربيع العربي على حساب الحلفاء العرب التقليديين.
ملف التحالف مع الإخوان
ارتكز مشروع القانون على جملة من المعطيات التاريخية و السياسية التي تم ذكرها في النص المقدم للكونغرس. وشمل ذلك معطيات داخلية منها قرار حكومة الرئيس أوباما نفسه إدراج بعض الأشخاص في قائمة الإرهابيين وهم تابعون للإخوان مثل مراسل قناة الجزيرة في إسلاماباد أحمد زيدان. و يذكر النص كذلك تنظيم محاكمة عام 2008 من قبل وزارة العدل ضد شبكات الإخوان المسلمين الذي ثبت أنهم مولوا و جهزوا أشخاصا و وسائل إعلام لفائدة حركة حماس المدرجة في قائمة الإرهاب.
وذكر نص القانون كل العلاقات عبر التاريخ بين الإرهابيين التابعين لتنظيم القاعدة و الذين لهم جذور في الإنتماء الى حركة الإخوان المسلمين في مصر مثل أيمن الظواهري. و اعتبر القانون أن عددا من الأشخاص و من فروع التنظيم في العالم شاركوا في أعمال إرهابية في الولايات المتحدة و في الشرق الأوسط. واعتبر النائب تاد كروز راعي هذا القانون أن «حركة الإخوان المسلمين تشكل خطرا حقيقيا على الأمن القومي الأمريكي» بالرغم من أن حكومة باراك أوباما استقبلت في واشنطن عددا من قادة هذا التنظيم».
واستند صانعو هذا المشروع الى تقرير للمخابرات الأمريكية حول العلاقات الهيكلية بين عدد من الجمعيات والمؤسسات الأمريكية و حركة الإخوان المسلمين. وخاصة أنه أقام الدليل على أن بعض قادة الإخوان قاموا بتمويل عمليات إرهابية انطلاقا من الأراضي الأمريكية. و صرح روبار مولار المدير الأسبق للأف بي أي (جهاز الأمن الفدرالي) عام 2011 مع اندلاع الثورات العربية قائلا: « يمكن لي أن أقول أن عناصر من الإخوان المسلمين ساندوا الإرهاب هنا و في الخارج.»
من جهة أخرى ذكر بعض المسؤولين الجمهوريين أن الحكومة الحالية قد عينت في أجهزة الدولة عناصر من الإخوان المسلمين الأمريكيين مثل محمد الإبياري وفاليري جارات وغيرهما ممن أسندت اليهم مسؤوليات في وزارة الخارجية في عهد هيلاري كلينتن. وعبر النائب الجمهوري السابق في الكونغرس عن غضبه عندما استقبل الرئيس أوباما في البيت البيض 14 عنصرا من الإخوان المسلمين الذين يديرون مؤسسات أمريكية تابعة للتنظيم منهم أزهر عزيز رئيس الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية و هدى الشيشتاوي من المؤتمر الإسلامي للشؤون العامة.
تداعيات استراتيجية في الأفق
إعتبار حركة الإخوان المسلمين وفروعها في العالم حركة إرهابية يغير من الإستراتيجيا الأمريكية المقبلة في حال عدم تمكن الحزب الديمقراطي من الحفاظ على البيت الأبيض. الموقف الجمهوري الطبيعي يستند الى مساندة حلفائه في أوروبا والشرق الوسط لفائدة دعم «إسرائيل» من جهة ومقاومة المد الروسي في المنطقة من جهة ثانية. خمس دول تعتبر اليوم الإخوان المسلمين حركة ارهابية وهي مصر والسعودية و الإمارات العربية و سوريا و روسيا .الموقف السعودي و الإماراتي المساند لمصر في حربها على الإخوان أدخل المنطقة في صراعات جديدة. و تنوي كل من كندا و بريطانيا العظمى اتخاذ نفس القرار.
إن تغيّر الموقف الأمريكي من الإخوان سوف تكون له تداعيات في سوريا وشمال إفريقيا. إما في سوريا أين تتواجد جبهة النصرة المقاتلة المدعومة من الإخوان عبر قطر و تركيا مصنفة كحركة إرهابية لا يشملها قرار وقف إطلاق النار، والشق السياسي الممثل في الإئتلاف السوري سوف يتم تقزيم دوره وتحييد شخصياته الفاعلة في المفاوضات حول المرحلة الإنتقالية.
أما في شمال إفريقيا، فحركة الإخوان متواجدة بصيغ مختلفة. في مصر يرزح التنظيم تحت قمع حكومة عبد الفتاح السيسي. مصر المتحالفة مع السعودية سوف تجد نفسها في وضع أسلم مع رجوع العلاقات الطبيعية مع الولايات المتحدة خاصة أن الحكومة الأمريكية الحالية ليست راضية عن التوجه الحالي لحكومة السيسي في مقاومته للإخوان بعد إقالة محمد مرسي. في المغرب قام الإسلاميون بحلف مع الملك محمد السادس لحكم البلاد و ليس هنالك مؤشر لضلوعهم في عمليات إرهابية أو في علاقات مشبوهة.
في تونس عمل الموقف الأمريكي على إيجاد ظروف الإستقرار وتشجيع كل الإحزاب على العمل معا لتسوية المشاكل القائمة. وتغير الموقف نسبيا تجاه الإسلاميين في حركة النهضة بعد أن تسامحوا مع أنصار الشريعة في هجومهم عل السفارة الأمريكية. لكن بقاءهم في الحكم يخضع للإرادة الأمريكية الرامية لمشاركة الإسلاميين في الحكم في دول الربيع العربي إعتمادا على نظرية تعتبر الإخوان المسلمين «حركة إسلامية معتدلة». وتغيير الموقف الأمريكي سوف تتغير المعطيات.
أما ليبيا فهي الملف القادم الذي تعدّ له الحكومة الأمريكية الحالية تدخلا عسكريا متعدد الأطراف للقضاء على إمكانية تكوين دولة إسلامية على الأراضي الليبية. التدخل الأمريكي لتشريك فجر ليبيا في الحكم يقابله اليوم التعنت المصري- السعودي وهو مؤشر على إمكانية تغيير التوازنات أواخر هذه السنة. لكن الحكومة الأمريكية الحالية عازمة على إنهاء الملف الليبي في أقرب الآجال. وهو ما يدل على أن المنطقة برمتها قادمة على تقلبات إقليمية بين الأسابيع القادمة ونهاية السنة.