الذي عرفته البلاد منذ استقلالها في 1956 رغم اختلاف الاسباب والسياقات، اضراب عام يُنفّذ قبل أيام قليلة من احياء ذكرى 26 جانفي 1978 او ما يُعرف بـ«أحداث الخميس الأسود» التي عرفتها البلاد خلال الاضراب العام الاول الذي نفّذه الاتحاد العام التونسي للشغل بقيادة الحبيب عاشور آنذاك.
خلال تلك الفترة كان النظام البورقيبي يعتبر ان كل المنظمات الوطنية بما فيها اتحاد الشغل جزء لا يتجزّا من الحزب والدولة المتداخلان، وكان امين عام اتحاد الشغل في تلك الفترة الحبيب عاشور عضوا في اللجنة المركزية والديوان السياسي للحزب الاشتراكي الدستوري قبل ان يستقيل في 1978 ويُنهي الارتباط بين الاتحاد والحزب ويؤسّس ما اصبح يُعرف بالخطّ العاشوري داخل المنظمة.
العلاقة بين المنظمة والنظام توترت خاصة سنة 1977 التي اتصفت بتردي الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية وبلغ التوتر ذروته حين قررت الهيئة الادارية الوطنية لاتحاد الشغل في 22 جانفي 78 إعلان الإضراب العام الوطني مع احالة تاريخ تنفيذه إلى المكتب التنفيذي الوطني الذي حدّد الخميس 26 جانفي 1978 تاريخا لاول إضراب عام شهدته البلاد.
وفي احدى الشهادات التي قدّمها رئيس الجهورية الباجي قائد السبسي بخصوص احداث الخميس الاسود اكد انه حاول من خارج السلطة رفقة احمد المستيري وعدد من قيادات حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، التدخّل لاثناء الحبيب عاشور عن تنفيذ الاضراب العام الا انهم فشلوا في ذلك وكانت العواقب وخيمة والخسائر البشرية كبيرة يوم 26 جانفي 1978 الذي قرره النظام يوم مواجهة مع اتحاد الشغل سبقه بساعات محاصرة مقراته.
لتنتهي احداث الخميس الاسود الدموية بسقوط اكثر من 400 قتيل وفق ما تؤكّده عديد المصادر النقابية في مقابل السلطة الى اعنلت عن 52 قتيلا و365 جريحا، كما حصلت حملة اعتقالات واسعة في صفوف القيادات النقابية وتمت إحالة العديد منهم على محكمة أمن الدولة و بلغت الاحكام الصادرة ضدهم عشر سنوات أشغال شاقة بمن فيهم الأمين العام لاتحاد الشغل الحبيب عاشور.
إضراب عام خلال الثورة
بعد اندلاع احداث الثورة في 17 ديسمبر 2010 وإتساع رقعة الاحتجاجات مع بداية جانفي 2011 قررت المركزية النقابية تحت ضغط هياكلها الجهوية والقطاعية مبدأ الإضراب العام يوم 14 جانفي مع فسح المجال للاتّحادات الجهوية لتحديد تاريخ الاضرابات الجهوية التي انطلقت في 11 جانفي 2011 الى حدود يوم الجمعة 14 جانفي 2011 بإضراب عام في ولايتي صفاقس وتونس.
إضرابان عامان بعد اغتيال بلعيد والبراهمي
إثر اغتيال شكري بلعيد في 6 فيفري 2013 ردّ الاتحاد العام التونسي للشغل على حكومة النهضة باعلان الاضراب العام يوم 8 فيفري تاريخ تشييع جنازة بلعيد، كما اعلن الاتحاد العام التونسي للشغل اضرابا عاما وطنيّا بعد حوالي 6 اشهر من تاريخ اضراب 8 فيفري وحيث تمّ تنفيذ اضراب عام في 26 جويلية 2013 كردّ على مقتل محمد البراهمي في 25 من ذات الشهر.
ليمثّل يوم 22 نوفمبر 2018 تاريخ تنفيذ إضراب عام في الوظيفة العمومية إحتجاجا على رفض الحكومة التجاوب مع ما يطالب به الاتحاد العام التونسي للشغل من زيادة في اجور العاملين في قطاع الوظيفة العمومية، وبتواصل مسبّبات ذلك الإضراب ينفّذ الاتحاد العام التونسي للشغل اليوم الخميس إضراب عاما في القطاع العام والوظيفة العمومية قبل حوالي 10 ايام من احياء ذكرى الخميس الاسود.
إضرابات عامة أُلغيت قبل يوم
خلافا للاضرابات العامة التي وجد الاتحاد العام التونسي للشغل نفسه مضطرّا إلى تنفيذها، تم الغاء عدد من الاضرابات العامة المقرّرة والتي كان اولها تقريبا إلغاء إضراب عام في الوظيفة العمومية كان مقّررا تنفيذه في ماي 1985 بعد التوصل الى اتفاق للزيادة في اجور الوظيفة العمومية آنذاك.
وخلال ما وُصف بهجمة حركة النهضة على اتحاد الشغل بعد توليها الحكم، اعلن الاتحاد اضرابا عاما ردّا على الاعتداء على مقره المركزي بساحة محمد علي يوم 4 ديسمبر من طرف روابط حماية الثورة القريبة من حركة النهضة وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية الا انه تم الغاؤه يوم 12 ديسمبر من طرف الهيئة الادارية الوطنية التي اكدت في توضيح قرارها الى انه نظرا «للانفلات الأمني الذي تعيشه البلاد وما يشكله من خطر على السلم الأهلية في تونس ونظرا لتضحيات الاتحاد ودفاعه على السلم تقرر إلغاء الإضراب العام».
وفي فترة تولي الحبيب الصيد رئاسة الحكومة اقر اتحاد الشغل اضرابا عاما في الوظيفة العمومية يوم 8 ديسمبر 2016، احتجاجا على عزم الحكومة تاجيل الزيادات في الاجور المتفق عليها، الا انه تم الغاء الاضراب قبل يوم من تنفيذه وذلك بعد التوصل لاتفاق يقرّ صرف القسط الثاني من الزيادات المتفق عليها في الوظيفة العمومية في شكل خصم ضريبي او اعتماد.
ليكون آخر الاضرابات العامة التي تم الغاؤها، إلى الاضراب العام الذي قرر الاتحاد العام التونسي للشغل تنفيذه في القطاع العام يوم 24 اكتوبر الماضي بعد التوصل الى اتفاق مع حكومة الشاهد يقرّ الزيادة في اجور العاملين في المؤسسات والمنشآت العمومية والتعهّد بعدم التفويت في المؤسسات العمومية وتشكيل لجنة مشتركة مع الاتحاد لدراستها حالة بحالة وإصلاحها.