حين تسأل النقابيين انفسهم عن مآلات المفاوضات والنقاشات بخصوص الترشّحات للمكتب التنفيذي والقائمتين المتنافستين تخضع دائما أجوبتهم للتنسيب فهم ذاتهم لا يعلمون تحديدا اتجاهات ذلك النقاش ما عدا بعض الجوانب المؤكّدة أو الشبه مؤكّدة وهي فقط تواجد الكاتب العام الجهوي للشغل بالقيروان صلاح السالمي في القائمة التوافقية مع الاعضاء الـ9 للمكتب التنفيذي لتبقى 3 مقاعد هامشا للمناورة والتفاوض في ما تبقى عن المؤتمر الـ23 للمنظمة الشغيلة.
فبعد ان كان المطروح اسم العضو السابق في المكتب التنفيذي للنقابة العامة للتعليم الثانوي نعيمة الهمامي كأحد الاسماء المرشحة بقوة ليكون الإسم الـ11 في القائمة التوافقية اصبحت عضو المكتب التنفيذي لجامعة الصحّة سامية لطيف مزاحمة لها من جهة ومن جهة اخرى لكاتب عام جامعة الصحة عثمان الجلّولي، فالحسابات الانتخابية جعلت من سامية لطيّف اسما يمكن ان يجمع بين مكاسب الحاق كلّ من الهمامي وعثمان الجلّولي.
فسامية لطيّف من جهة تلبّي هدفا يتمثّل في إلحاق إمرأة بالهيكل الاعلى لاتحاد الشغل لتجاوز تحفّظات المجتمع الدولي، المعجب بدور اتحاد الشغل في تونس، على المنظمة الشغيلة لعدم تواجد إمرأة بمكتبه التنفيذي الوطني ومن جهة اخرى تكون ممثّلة قطاع ضخم من حيث عدد النيابات الممثّلة له ويُحسب له حساب في مؤتمرات اتحاد الشغل.
وهذان المعطيان مترابطان فصعود إمرأة في انتخابات المكتب التنفيذي الوطني لاتحاد الشغل غير مضمون وان كانت في القائمة التوافقيّة خاصة ان عديد النقابيين يعتقدون فقط بتساوي الحظوظ، لا التمييز الايجابي كما انها بقطاعها يمكن ان تدعم حظوظ القائمة التوافقيّة اكثر من نعيمة الهمامي التي لم تعد متواجدة هيكليّا في النقابة العامّة للتعليم الثانوي.
ومن بين الاسماء التي لا تزال مطروحة بقوّة لدخول تلك القائمة التوافقيّة منعم عميرة الكاتب العام للنقابة العامة للتجهيز والاسكان الذي كان له خلال المؤتمر 22 للاتحاد 168 صوتا، خاصّة ان الرجل من جزيرة قرقنة بالاضافة الى الكاتب العام لجامعة المعادن والالكترونيك بالاتحاد العام التونسي للشغل الطاهر البرباري ولكن كواليس بطحاء محمد علي تفيد ان الرّجل عليه تحفّظ سياسي كبير.
قائمة قاسم عفيّة...
وفي الجهة المقابلة لنور الدين الطبوبي وقائمته يقف الامين العام المساعد لاتحاد الشغل قاسم عفية ويدير من جانبه مفاوضات ونقاشات لاستكمال قائمته التي ستتضمّن على الارجح ما بين 7 او 9 مترشّحين ولكن الى جانب عفية المقابل للطبوبي توجد تلك النواة المرادفة للـ8 أعضاء المكتب التنفيذي وهم اساسا الكاتب العام لجامعة الاتصالات المنجي بن مبارك والكاتب العام لنقابة التعليم الثانوي لسعد اليعقوبي وكاتب عام نقابة التعليم الاساسي المستوري القمودي بالاضافة الى عبد الله العشي كاتب عام الاتحاد الجهوي للشغل بالمهديّة.
وتلك النواة المكونة للقائمة المنافسة للقائمة التوافقيّة تفاوض من جانبها وتعقد اجتماعات للخروج بقائمة تتضمّن عددا من الاسماء لن يقلّ عن 6 ولن يتجاوز على الارجح 9، ومن بين المترشّحين الذين وقع النقاش معهم حول امكانيات انضمامهم الى قائمة عفيّة الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بنابل عباس الحناشي وعضو المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي ببن عروس وسيلة العياشي الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للنفط والمواد الكيميائية فوزي الشيباني والكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس محمد علي بوغديري، وغيرهم. مع الاشارة ان تلك الاسماء اجتمعت وتفاوضت في امكانية الدخول في قائمة الطبوبي فالكلّ يجتمع مع الكلّ والكلّ يتفاوض مع الكلّ.
البراغماتيّة الصّرفة...
وبطبيعة الحال التفاوض والنقاش لتحديد الاسماء التي سيقع إلحاقها بالقائمة التوافقيّة او قائمة قاسم عفيّة لا تخضع سوى للبراغماتيّة الصّرفة وللحسابات الرياضيّة البحتة، فكل اسم او مرشّح يمكن ان يضيف اكثر حظوظا للقائمة من حيث عدد النيابات في المؤتمر التي ستكون في صفّه هو الذي سيقع إلحاقه بتلك القائمة او بالاخرى، كما انه وفي حال وقع التوصّل الى ان انسحاب مترشّح خاصة بالنسبة للنواة المكوّنة لقائمة عفيّة سيكون له انعكاس انتخابي إيجابي فسينسحب، فتلك سنّة الحسابات الانتخابيّة في مؤتمرات اتّحاد الشغل.
فعمليّة تحديد مترشّح او اسم ينضم الى قائمة الامين العام المساعد نور الدّين الطبوبي او قائمة قاسم عفيّة او التوصّل الى ضرورة انسحاب مترشّح، ليس بالامر السهل او الامر البسيط فالحسابات الانتخابية من حيث عدد النيابات التي يمكن ان يضيفها اسم لقائمة لدعم حظوظها ونوايا التصويت تخضع الى 3 حسابات او محدّدات رئيسيّة ومتداخلة لا يمكن فصل احدها عن الآخر، وهي العامل القطاعي والجهوي والسياسي.
النوّاب وصعوبة اختيار الاسماء...
ان كان تحديد نواب المؤتمر الـ23 للاتحاد العام التونسي للشغل يخضع لتوزيع الجهات، بمعنى أن حوالي 550 نائبا في توزيعهم وما يُعلن يكون وفق الجهات فإن عدد نواب كل جهة يخضع تحديده للمعطى القطاعي فكل نقابة اساسية لها 1190 منخرط كان لها نائب في المؤتمر وقد وقع انتخاب هؤلاء النواب من طرف أعضاء المكاتب التنفيذية للنقابات الاساسية.
ومن تلك العملية الحسابية تعرف كل نقابة عامة او جامعة عامة او قطاع ما له من نواب داخل المؤتمر الـ23 لاتحاد الشغل فمثلا نقابة التعليم الاساسي لها حوالي 45 نائبا فيما ستدخل نظيرتها في التعليم الثانوي بحوالي 55 نائبا، ولكن عدد نواب كل قطاع او جهة ليس محدّدا في ذاته لاتجاهات تصويت نواب المؤتمر او التكهّن به، فهؤلاء الـ550 نائبا وان كان صعودهم كان على اساس قطاعي ومن ثم جهوي فالمعطى السياسي او الايديولوجي يبقى محدّدا رئيسيا لاتجاهات تصويت النواب والتوافقات,
وهو ما يجعل المفاوضات اوالتوافق بخصوص استكمال القائمة الرسمية او قائمة قاسم عفيّة صعبا وفضمان أكثر ما يمكن من الحظوظ لصعود اكبر عدد من المترشّحين ليس بالامر الهيّن او بالامر الذي يمكن التكهّن به مسبّقا، رغم انه خلال الايام المقبلة ينطلق كل المنتمين للقائمتين في القيام بعمليّات حسابية لنياباتهم ولكن فقط المؤتمر هو الذي سيكشف بصفة نهائيّة ودقيقة عن نتائج كل هذه التعقيدات.