لإنجاح حكومة الوحدة الوطنية في مهامها: إستراتيجية جديدة وخطة منتظرة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية

يبدو أن الرهان الوحيد أمام حكومة الوحدة الوطنية للنجاح والخروج من الأزمة الخانقة التي تعيشها البلاد التونسية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، يكمن في إيجاد إستراتيجية واضحة المعالم وخطة بالتنسيق مع مجلس نواب الشعب. لكن هذا الأمر يبقى رهين التوافق بين مكونات الأطياف السياسية الممثلة في البرلمان.

بعد منح مجلس نواب الشعب الثقة لحكومة الوحدة الوطنية بقيادة رئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي أعلن في بيانه ضرورة إنشاء عقد اجتماعي بين كافة الأطراف ولعل أهمها بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من أجل إيجاد الحلول اللازمة للخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي تعيشها البلاد. لكن في المقابل، يبقى السؤال المطروح وأمام تعدد الحكومات المتعاقبة والتجارب السابقة بين مجلس نواب الشعب والحكومة حول كيفية مساندة المجلس لحكومة الشاهد ومعاضدتها، وكيفية تركيز أفضل خطة واستراتيجية بين السلطتين للخروج من الأزمة.

التوافق على مستوى مشاريع القوانين
نواب الشعب يرون أنه من الأفضل وضع إستراتيجية مناسبة يتفق عليها كلّ من السلطتين التشريعية والتنفيذية خصوصا على مستوى مشاريع القوانين لتسهيل عمل الحكومة، حيث بينت النائبة عن حركة نداء تونس إكرام المولهي في تصريح لـ»المغرب» أن مجلس نواب الشعب عليه أن يساند حكومة الشاهد من خلال القوانين التي تخدم مصلحة البلاد خاصة منها التي من شانها النهوض بالاقتصاد كمجلة الاستثمار والقانون الذي وعد الشاهد بإعداده والذي أطلق عليه قانون الطوارئ الاقتصادية، حيث سيساهم هذا القانون في تسهيل الإجراءات الإدارية للمستثمر، بالإضافة إلى الحد من البيروقراطية.

من جهة أخرى، هناك عديد التخوفات من أن تشن المعارضة والكتل التي ساندت حكومة الشاهد مع عديد التحفظات على بعض الأسماء، من استغلالها للسلطة الرقابية أكثر من اللازم وذلك من خلال الأسئلة الشفاهية وجلسات المساءلة وهو ما من شأنه أن يعطل أشغال الحكومة ويعرضها للانتقادات الإعلامية التي قد تنعكس سلبا على أداء حكومة الوحدة الوطنية. لكن في المقابل، فإن نواب المعارضة ونواب الكتل المشاركة في الحكومة يرون عكس ذلك باعتبار أن مهام الشعب تنحصر في ثلاثة أدوار وهي الدور الرقابي، والدور التشريعي، والدور التمثيلي. وبينت المولهي أنه يجب إبقاء الأعين مفتوحة على هذه الحكومة، مشيرة إلى أن الدور الرقابي يحفّز على العمل بكل شفافية خصوصا وأن الأسئلة الشفاهية لا تأخذ الكثير من الوقت من عمل الوزير على غرار أنها تجرى مرة كل 3 أشهر وتمكن الوزير من تقييم نفسه.

الحكومة تتحمل المسؤولية...
مواقف نواب الشعب اختلفت من نائب إلى آخر بين من يحمل المسؤولية للسلطتين وبين من يحمل المسؤولية ذاتها إلى الحكومة التي يجب أن تأخذ بزمام الأمور من خلال إعداد خطة حسب كل وزارة ثم يكون التنسيق مع مجلس نواب الشعب. وفي هذا الإطار، صرح النائب عن حركة النهضة البشير الخليفي لـ»المغرب» أنه يجب على كل وزير بعد مدة من مسك دواليب وزارته والاطلاع على المشاكل المطروحة وتشخيص أسبابها الواقعية أو القانونية إعداد خطة عمل للإصلاح والتطوير وترجمتها إلى مشاريع قوانين تعرض على المجلس للمصادقة، مؤكدا أن المجلس على أتم الاستعداد للتسريع وإعطاء الأولوية للقوانين التي تقدر الحكومة أنها ذات أولوية. وأضاف كذلك أن المجلس مستعد لقطع العطلة البرلمانية للعمل من أجل المصلحة الوطنية وكذلك تنقيح نظامه الداخلي لاختصار أجال المصادقة على القوانين. ويذكر أن مجلس نواب الشعب من المنتظر أن يعقد يوم الخميس القادم اجتماع مكتبه من أجل تحديد موعد الدورة الاستثنائية، التي ستتم المصادقة فيها على كل من مجلة الاستثمار ومشروع قانون الانتخابات والاستفتاء وصندوق الودائع والأمانات بالإضافة إلى تنقيح نظامه الداخلي بما يتماشى مع متطلبات المرحلة في إضفاء مزيد النجاعة على عمل المؤسسة التشريعية.

في انتظار وضع استراتيجية متكاملة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، هناك بعض الجوانب التي لا يجب إغفالها حسب نواب الشعب ولعل أهمها توضيح صلاحيات الوزير المكلف بالعلاقة مع مجلس النواب وذلك من خلال العمل على تطوير طرق التواصل مع النواب وإقناعهم بمشاريع القوانين حتى قبل عرضها على المجلس. حيث أن هذه الطريقة ستمكن المجلس من تسهيل عمل الحكومة لإنجاح برنامجها، كما يجب في نفس الوقت على النواب القيام بالدور الرقابي والحرص على التزام الحكومة بما جاء في وثيقة قرطاج التي كانت الأرضية التي اجتمعت عليها الأحزاب والمنظمات لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية وتجاوز كل ما عساه أن يحدث من تقصير عند التنفيذ.

الالتزام بوثيقة قرطاج
هذا وقد بيّن عدد من النواب أن الشرط الأساسي لنجاح الحكومة ومجلس نواب الشعب في تركيز إستراتيجية عمل يكمن في الالتزام بما جاء في وثيقة قرطاج من بنود وبرامج، حيث بين النائب عن الكتلة الحرة صلاح البرقاوي في تصريح لـ»المغرب» أنه لتجاوز الأزمة يجب وضع برنامج قابل للتطبيق من نصوص تشريعية ومساندة سياسية. وبين أن الالتزام بوثيقة قرطاج في محاربة الفساد والنهوض بالاقتصاد من خلال اقتراح إجراءات ملموسة كالإسراع في إحالة ملفات الفساد إلى القضاء ومعالجة انزلاق الدينار، بالإضافة إلى إعادة طبع أوراق نقدية جديدة لإرجاع الأموال النافرة من السوق الرسمية إلى الاقتصاد، ثم مراجعة قانون الاستثمار بالتعاون مع كافة الكتل البرلمانية.

«لا يمكن تطويع البرلمان»
من جهة أخرىّ، يبدو أن المعارضة لا تزال فاقدة للأمل في هذه الحكومة ومدى تمكنها من حلحلة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد، حتى أن البعض يرى أن غياب الوحدة في هذه الحكومة وعدم تجانسها قد يعرقل عملها أكثر من معاضدتها. وبين النائب عن التيار الديمقراطي غازي الشواشي أنه طالما أن الأحزاب المكونة لهذه الحكومة غير متجانسة وغير منسجمة وغير متضامنة وليس لها نفس البرامج والمشروع فإنها لن تستطيع تطويع البرلمان لدعم ومساعدة حكومة الشاهد، مشيرا إلى أنها ستكون حكومة وقتية لبعض الأشهر في انتظار توافقات جديدة بين الحزبين الكبيرين.

الإستراتيجية المنتظرة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية تبقى رهين التوافقات ومدى موافقة مجلس نواب الشعب لمطالب حكومة الوحدة الوطنية، خلال اجتماع مكتب المجلس يوم غد الخميس الذي سيحدد روزنامة عمله في حالة المصادقة على دورة استثنائية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115