في ظل الغموض ووجود شبهات فساد على حد تعبيرهم في هذا الملف.
شهدت مشاريع القوانين الثلاثة الصادرة عن لجنة الصناعة والطاقة والثورات الطبيعية والبنية الأساسية والبيئة، طعونا من قبل نواب المعارضة لدى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين بعد المصادقة عليها في الجلسة العامة. مشاريع قوانين مثيرة للجدل قد تجعل مجلس نواب الشعب في مأزق حول هذا الملف، باعتبار الغموض الذي يشهده ملف الطاقة والمحروقات في تونس في علاقة بعقود البحث والاستغلال.
لجنة خاصة لمتابعة ملفات تسوية استغلال المقاطع
مشروع القانون الأول الذي تم الطعن فيه لدى الهيئة الوقتية يتمثل في مشروع القانون المتعلق بسن أحكام استثنائية لتسوية وضعيات الاستغلال غير القانوني لمقاطع الحجارة الرخامية التابعة لملك الدولة الخاص، حيث حكمت الهيئة بعدم دستورية القانون وتم إسقاطه بعد مراسلة المجلس. وبينت الهيئة إثر جلسة عقدتها الثلاثاء الفارط، للنظر في الطعن في الدستورية، بقبول الطعن شكلا وإقرار عدم دستورية القانون. هذا وتسعى المعارضة خلال إعادة مشروع القانون المتعلق بالمقاطع الرخامية إلى ترسيخ مبدأ الشفافية والمحاسبة بالنسبة للأطراف التي نهبت هذه المقاطع مع تكريس مبدإ المساواة والشفافية وذلك من خلال إحداث لجنة خاصة للنظر في ملفات التسوية تضم نوابا من المعارضة وأعضاء لجنة الصناعة وعددا من منظمات المجتمع المدني في الجهات، بما يضمن حق الدولة وتكافؤ الفرص بين الجميع.
من جهة أخرى، وبعد المصادقة عليهما في الجلسة العامة الفارطة المنعقدة يوم الخميس الفارط، شرع نواب المعارضة في جمع الإمضاءات اللازمة للطعن، ضد مشروعي قانونين يتعلقان بالتمديد في رخصتي الاستغلال “باقل” و”الفرانيق” لصالح شركة فرنسية، على أن يتم تقديم طلب الطعن بداية الأسبوع المقبل. وقد سعت كتلة الجبهة الشعبية بالتنسيق مع نواب المعارضة إلى جمع الإمضاءات اللازمة المقدر عددها 30 إمضاء للطعن، حيث اعتبر رئيس الكتلة أحمد الصديق في تصريح سابق أنه في حالة حكم الهيئة بعدم دستورية بعض الفصول فان القانون سيعود مجددا إلى مجلس نواب الشعب الذي يتوجب عليه النظر في الفصول المطعون فيها والمصادقة عليها بعد إزالة الشوائب اللادستورية.
«مشاريع قوانين تخدم أطرافا أجنبية على حساب الشعب»
مشاريع القوانين المتعلقة بالمسائل الطاقية والمحروقات في علاقة بالثروات الطبيعية والتي أغلبها محالة على لجنة الصناعة والطاقة والثروات الطبيعية والبنية الأساسية والبيئة دائما ما تعرف جدلا بين نواب الشعب ولدى الرأي العام نظرا لحساسيتها وما يعتبره البعض بالصندوق الأسود للدولة التونسية في تعاملها مع الشركات الأجنبية في هذا الغرض. هذا الأمر من شأنه أن يعرض كافة مشاريع القوانين ذات العلاقة إلى الطعن في دستوريتها من قبل نواب المعارضة، لكن المشكل يكمن في كيفية إيجاد الحلول اللازمة في حالة قبول الهيئة الوقتية للطعون المقدمة. وفي هذا الإطار، صرح النائب عن الجبهة الشعبية أيمن العلوي لـ«المغرب» أن مشاريع القوانين ذات علاقة الثروات الطبيعية لا تعترف بالسيادة الوطنية ولا تحترم سيادة الدستور والشعب التونسي إذ أن الثروات الطبيعية ملك لهم، إلى جانب أن أغلبها لا تزال تخضع إلى عديد الإملاءات من قبل الدوائر الأجنبية الكبرى خصوصا وأن هذه العقود لم يتم مراجعتها منذ عقود. وأضاف العلوي أن هناك عديد مشاريع القوانين في مجلس نواب الشعب تنتهك السيادة وتتهاون مع شركات النفط حتى أنها بلغت حد الإهمال هدفها التناول لصالح الأطراف الأجنبية على حساب مصالح الشعب التونسي.
مشروعا القانون المنتظر الطعن فيهما من قبل المعارضة والمتعلقان بتجديد رخص البحث والاستغلال، اعتبرهما النائب عن التيار الديمقراطي غازي الشواشي في تصريح لـ»المغرب» مخالفين للقانون والدستور حيث لا يمكن التمديد في الرخص مع وجود شبهات سوء التصرف وغياب الحوكمة الرشيدة إلى جانب أن هذه القوانين تنصب ضد مصلحة الدولة التونسية. وأضاف أن الشركات الأجنبية لا تحترم القوانين كماأن موازناتها المالية غير واضحة. وفي نفس الإطار عبر عدد من النواب خلال أشغال الجلسة العامة المخصصة للنظر في مشروعي القانون عن ضرورة توضيح أسباب التمديد لهذه الرخص، وهو ما جعل وزير الطاقة المنجي مرزوق يؤكد عدم توفر الإمكانيات اللازمة للدولة التونسية للاستغلال.
لكن في المقابل، تشبث نواب المعارضة بموقفهم والمتمثل في أن الدولة التونسية قادرة ولها الإمكانيات اللازمة للقيام باستخراج المحروقات بنفسها دون التعويل على شركات أجنبية، وهو ما قد يمكنها من الربح في هذا المجال. كما تطورت مطالب النواب في هذا الصدد بين من يطالب بضرورة تسريع النظر في مجلة المحروقات المحالة على أنظار لجنة الصناعة، وبين مراجعة كافة عقود استغلال الثروات الطبيعية في البلاد التونسية وأهمها مادة الملح.