إلا أن الأمور يبدو أنها تتجه نحو اعتماد التصويت وهو ما ينبئ بجلسات عامة من العيار الثقيل.
تزامنا مع انعقاد لجنة التوافقات للنظر في الفصول الخلافية للقانون الأساسي المتعلق بتنقيح وإتمام القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 مؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، انطلقت الجلسة العامة في النقاش العام الذي ترجم ما تم تداوله في لجنة التوافقات من نقاط خلافية ووجهات نظر مختلفة. اختلافات عديدة لا يمكن حصرها في كتلة دون أخرى باعتبار أن كل كتلة لها خلاف حول فصل وراضية عن فصول أخرى، وهو ما جعل النقاش العام يطول في الجلسة العامة على امتداد يوم أمس، وكذلك اجتماعات لجنة التوافقات.
هل يتم تشريك العسكريين والأمنيين
النقاش العام تطرق بالأساس إلى عديد النقاط صلب مشروع القانون والتي لم يقع عليها توافق لا في أعمال لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والانتخابية، ولا حتى في اجتماع لجنة التوافقات منذ أول أمس. ومن أهم النقاط التي تم التطرق إليها تمكين العسكريين والأمنيين من حقهم في الانتخاب باعتبارهم مواطنين بالبلاد التونسية خصوصا من قبل نواب حركة نداء تونس كرضا الزغندي وحاتم الفرجاني الذي تساءل بدوره عن اسباب إصرار البعض على حرمان جزء من المواطنين في اختيار ممثليهم في الجهة. هذا المطلب يبدو أنه يتجه نحو إقراره خلال المصادقة على الفصول باعتبار أن الأغلبية الساحقة في النقاش العام كانت مع هذا المبدأ.
اختلاف حول شروط الترشح
من جهة أخرى، انحصرت أغلب المواقف والتدخلات في شروط الترشح وأهمها النقاط المتعلقة بتمثيلية الشباب والمرأة وذوي الاحتياجات الخصوصية إذ أنها من أهم نقاط الخلاف في الفصول المتعلقة بشروط الترشح، حيث اعتبر النائب عن كتلة الحرة صلاح البرقاوي أن القانون لابد أن يضمن تمثيلية واضحة للشباب في المجالس الجهوية تكريسا للفصل 8 من الدستور التونسي مع النزول إلى سن 18 سنة للترشح، بالإضافة إلى التفكير في اعتماد نسبة ذوي الإعاقة في كل بلدية لضمان تمثيلهم. كما دافع نواب حركة النهضة بشدة وأبرزهم النائبتان يامينة الزغلامي ودليلة الببة مخلوف على اعتماد مبدأ التناصف الأفقي كخطة ثانية بعد تكريس التناصف العمودي، حتى ان البعض الآخر طالب بضرورة التفكير في آلية لإسقاط القائمة التي لا تحترم التناصف الافقي. كما أبدى عدد من النواب من بينهم نائب رئيس كتلة آفاق تونس كريم الهلالي رفضهم لإقصاء أعضاء النيابات الخصوصية من الترشح اللإنتخابات البلدية المقبلة.
مراقبة الحملة وتمويلها
الانتقادات الموجهة ضد مشروع القانون لم تقتصر بالأساس على كتلة دون غيرها سواء من قبل نواب الائتلاف الحاكم أو حتى من قبل نواب المعارضة. لكن في المقابل، فقدت تميزت انتقادات المعارضة بضرب مشروع القانون في مجمله الذي اعتبروه جاء قياسا على جهات معينة، باعتبار أنه لم يحترم مبدأ تكافئ الفرص بين الجميع، مطالبين بأن يكون المشروع موضوعيا لإنجاح مسار تركيز السلطة المحلية. كما مثلت الفصول المتعلقة بالتمويل العمومي محور خلاف بين نواب الشعب والتي طرحت بدورها إشكالا بين من يطالب بأن تكون في شكل استرجاع مصاريف حسب الصيغة المعدلة من قبل اللجنة، وبين من يدافع عن التمويل المسبق.
تزامن الانتخابات الجهوية والبلدية
وفي سياق آخر، تطرق البعض إلى مسائل أخرى بعيدة نوعا ما عن مضمون مشروع القانون فعلي سبيل المثال طالبت النائبة عن حركة النهضة سناء المرسني بضرورة وجود نقاش متزامن بخصوص القانون الانتخابي ومجلة الجماعات المحلية. بالإضافة إلى تطرق كل من النائبين عامر العريض والطاهر بطيخ الى ضرورة الحسم في مسألة تزامن الانتخابات الجهوية مع البلدية في مشروع القانون وتحديد صلاحيات المجلس البلدي والجهوي والوالي لضمان النجاعة في العمل الجهوي.
نقاط خلافية متعددة ومتنوعة وهو ما جعل لجنة التوافقات تعجز. نوعا ما عن الحسم فيها أو حصرها، لتكون الجلسة العامة هي الفيصل بين تبني مقترحات التعديل التي ستقدمها الكتل أو رفضها عن طريق التصويت. التوافق يبدو صعبا في مثل هذا النوع من القوانين الذي سيحدد المسار السياسي في البلاد من خلال الانتخابات البلدية والجهوية في تجربة هي الأولى من نوعها، وهو ما يجعل الجلسة العامة القادمة لمناقشة الفصول قد تشهد خلافات عديدة وتطول مدتها إلى غاية آخر الاسبوع.
هذا وتواصلت أشغال الجلسة العامة لاستكمال النقاش العام إلى غاية ساعة متأخرة من ليلة أمس على أن يتم الانطلاق في المصادقة على فصول مشروع القانون في ساعة متأخرة أو تأجيلها إلى جلسة اليوم.