لتؤثر على اصطفافات الكتل ومواقعها وأصبحت المعركة التي انفجرت أكبر بعد التحوير الوزاري وأضحت محرارا او مقياسا لمواقع الكتل.
يبدو أن مجلس نواب الشعب أهم ساحات المعارك السياسية أو بصيغة أخرى تمثل الكتل البرلمانية أهم أذرع واسلحة الاحزاب والاطراف السياسية المتناحرة نظرا لطبيعة النظام السياسي في تونس بصفة خاصة، لتكون المؤسسة التشريعية ساحة لا يمكن لاي خلاف سياسي ان يمرّ دون أي تأثيرات تحت قبة باردو وعلى طبيعة العلاقات المعقدة والمتشابكة بين الكتل البرلمانية أو حتى داخلها في بعض الاحيان.
واليوم مع إشتداد الازمة السياسية بين رئيس الجمهورية قيّس سعيّد ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، التي غطت على بقية الخلافات والازمات الجزئية تحت قبة باردو، يختلف انخراط الكتل البرلمانية وتعاطيها مع الازمة بإختلاف تموقعها وبطبيعة الحال مع مراعاة التوازنات السياسية في البلاد ككلّ، لتكون الكتلة الديمقراطية وبعض النواب غير المنتمين للكتل رأس حربة المواجهة مع حركة النهضة ورئيسها في سياق الحرب مع رئاسة الجمهورية.
تلك المعركة التي كانت قطيعة بين الرجلين في البداية منذ تولي راشد الغنوشي لرئاسة البرلمان ودخوله على خط الصلاحية الاكبر لرئيس الجمهورية وهو السياسة الخارجية، لتتطوّر القطيعة الى معركة بعد إسقاط حكومة إلياس الفخفاخ بسبب ملفّ تضارب مصالح يُروّج ان الغنوشي ودائرته كانوا يتحوّزونه منذ إقتراحه من طرف رئيس الجمهورية، لتصبح منذ تولي
هشام المشيشي رئاسة الحكومة بدعم من حركة النهضة ورئيسها تدريجيّا حربا أهمّ طرفيها الكتلة الديمقراطية وبدرجة أساسية التيار الديمقراطي والغنوشي وكتلته البرلمانية ونوعيا ائتلاف الكرامة.
وبطبيعة الحال لا يُمكن إغفال كتلة الدستوري الحرّ ورئيستها عبير موسي التي تقف بين الجميع وتوظف الازمة بتفاصيلها الدقيقة لصالحها فهي ترى في نفسها وطرحها المستفيد الاول من كل الازمات، فهي اليوم تبدو في الشق الذي يوجه كل سهامه لرئيس البرلمان راشد الغنوشي في إطار معركة كبرى مع رئيس الجمهورية لبعض التقاطعات وعلى رأسها محاولات تنحية الغنوشي من رئاسة البرلمان.
فعريضة حسب الثقة من رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي، بصفته رئيسا للبرلمان وبدرجة أكبر لصفته الحزبية المتمثلة في رئاسة حركة النهضة، تمثل أحد اهم الاسلحة في الحرب بين رئيس الجمهورية والكتلة الديمقراطية من جهة وراشد الغنوشي من جهة اخرى كما انها احد تمظهرات الازمة في صورتها العامة التي تغطي تناقضا واختلافات وحتى ازمات جزئية، بالنظر الى انها تمثل نقطة إلتقاء بين الكتلة الديمقراطية وكتلة الدستوري الحرّ.
اما كتلة قلب تونس فهي تقف في صف رئيس البرلمان راشد الغنوشي ظاهريّا لانعدام الخيارات امامها ولو وقوفا سلبيا في انتظار ما ستؤول اليه المعركة السياسية التي لا تريد ان تطالها تداعياتها اكثر بعد إيداع رئيس الحزب نبيل القروي السجن، وفي علاقة بعريضة سحب الثقة لم تصدر موقفا رسميّا برفضها او بقبولها وهو ما تعيه بقية الكتل وخاصة الكتلة الديمقراطية التي أصبح واضحا لديها ان قلب تونس (30 نائبا ) ينتظر إيداع العريضة بـ85 إمضاءا مثلا ليُدعّم موقفه امام راشد الغنوشي او يلبس ثوب صاحب القرار في بقائه على رأس البرلمان من عدمه.
فيما تبدو كتلتا تحيا تونس والاصلاح الوطني ومواقفها الرسمية المُعنلة من طرف رئيسها حسونة الناصفي، وهي كتلة تقنية متكونة من احزاب منها البديل ومشروع تونس، مع الكلّ ضدّ الكل فالكتلتان غير مصطفّتين في المعركة السياسية الحالية وابرز مثال ان الكتلتين منحتا اصوات نوابها لصالح كل التحوير الوزاري في حكومة المشيشي وتؤكدان انهما مستعدتان لمنح إمضاءات نوابها واصواتهم لسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي.