اول امس بحضوره بصفته رئيسا للجهاز التنفيذي ووزيرا للداخلية. غياب لن يكون مُتاحا للمشيشي الاسبوع المقبل خلال عرضه التحوير الوزاري على منح الثقة.
عقد مجلس نواب الشعب امس الاربعاء جلسة عامة للحوار مع الحكومة، ممثلة في كل من وزير الدفاع الوطني ابراهيم البرتاجي ووزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي ووزير الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار على الكعلي، حول الوضع العام في البلاد وما شهدته من احداث خلال الايام الماضية بعد ان طالب نواب المعارضة بصفة خاصة بحضور هشام المشيشي بصفته رئيسا للحكومة ووزيرا للداخليّة.
اقتصار تمثيل الحكومة في وزير الدفاع الوطني ووزير الشؤون الاجتماعية ووزير الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار جعل عديد النواب بمختلف انتماءاتهم ينتقدون تخلّف رئیس الحكومة هشام المشیشي عن حضور جلسة الحوار مع الحكومة، لينضاف تغيّبه امس الى لائحة وصفها بعض النواب بلائحة غيابات لرئيس الحكومة وتتمثل في تخلّفه عن حضور جلسة عامة یوم 18 دیسمبر 2020 وكذلك خلال الإعلان عن الحجر الصحي الشامل في الاسبوع الماضي.
واعتبر النواب أن الكلمة التي القاها ليلة اول امس والتي توجه من خلالها هشام المشيشي الى كل شرائح الشعب التونسي، وهي في تقدير نواب المعارضة وبعض النواب غير المنتمين خالية من أي إجراءات عملیة ولا تتجاوز الخطاب الانشائي الفضفاض ولا ترتقي الى مستوى خطاب يوجهه رئيس حكومة للشعب في ظرف صعب كالذي تمر به البلاد على عديد المستويات.
غياب المشيشي والتعاطي الأمني
وزير الدفاع الوطني ابراهيم البرتاجي كان اول ممثلي الحكومة الذين تدخلوا خلال الجلسة العامة، وانطلق بتبرير تخلف هشام المشيشي عن الحضور بالتاكيد ان المشيشي يلبي دعوة البرلمان في كل مرة الا أن هناك اكراهات وارتباطات مهنية حالت دون حضوره أمس ليمرّ البرتاجي الى الحديث عن الاحتجاجات والاحداث العنيفة التي شهدتها البلاد خلال الايام الماضية.
فوفق توصيف وزير الدفاع فإن ما يحصل يعود الى سببين أولهما هيكلي يتعلق بالوضعية الهشة للشباب وانسداد الأفق التي تتطلب معالجتها وقتا فيما يتمثل السبب الثاني في الحجر الصحي الشامل الذي أدى الى الاحتقان والانفجار كما تم استغلال القصّر في بعض الجهات فيما كان محرّك الاحتجاجات في مدن وولايات الساحل المواطنون الوافدون من ولايات أخرى ممن يعملون في مجال السياحة.
ليؤكد وزير الدفاع ان المواجهة الامنية للتحركات والاحداث العنيفة الليلية كانت بضبط النفس والرصانة وبنوع من التحضر يدل على ذلك غياب اي اصابات في صفوف المحتجين مقابل اصابات في صفوف رجال الأمن، ليخلص وزير الدفاع الى أنه من قبيل التجنّي الحديث عن الافراط في استعمال العنف من طرف الامنيين، مؤكدا ان الجيش الوطني لن يتردّد في التدخل في حال احتاجت المؤسسة الأمنية للمساندة.
توصيف أسباب التحركات والأحداث
تأكيد وزير الدفاع الوطني على أن محرّك الاحتجاجات في مدن وولايات الساحل من المواطنين الوافدين من ولايات أخرى ممن يعملون في مجال السياحة أثار ردود أفعال مستهجنة من طرف النواب من مختلف الكتل والجهات، حيث طالبوه بالاعتذار وسحب الكلمة التي ستؤدي الى مزيد تكريس النعرات الجهوية.
التحركات الاحتجاجية المتصاعدة وما تشهده البلاد من احداث في الايام الاخيرة اعتبرها النواب من مختلف الكتل البرلمانية نتاجا للاوضاع الاقتصادية المتردّية فتلك الاوضاع الاقتصادية المتردية كانت السبب الرئيسي في مزيد تأجيج الاحتجاجات، حيث عدد النواب تمظهرات الوضع المتردّي في تونس من مشاكل اجتماعيّة وغياب الاصلاحات الفعلية والتنمية وتعطّل الاستثمار لتكون النتجية نسبة فقر تبلغ حوالي 21 %.
كما اعتبر النواب ان بارونات الفساد والتهريب والسرقة والاتجار بالمخدرات في منآى عن المحاسبة فيما تقوم الحكومة بالقبض على المحتجين في سياق سياسة الهروب التي ينتهجها رئيس الحكومة وهي لن تفضي إلى ايجاد حلول خاصة ان الحكومة والجهات الرسمية غير عابئة بحالة الانهيار والاحتقان المهددين بالانفجار الاجتماعي باعتبار ان كل تركيزها منصبّ على التحوير الوزاري.
فيما أرجع عدد من النواب الاحداث التي تشهدها البلاد الى التقصير في معالجة إشكالية الانقطاع المبكر عن الدراسة وغياب التكوين المهني وتفشي البطالة، فوفق بعض النواب ينقطع حوالي 280 تلميذا يوميا عن الدراسة دون الالتحاق بقطاع التكوين المهني كبديل عن الانقطاع عن الدراسة، كما اكدوا ان حوالي 1000 طفل هاجروا الى ايطاليا بطريقة غير نظامية خلال سنة 2020 تم ايواء 800 منهم في دور الرعاية الايطالية فيما لم يتم العثورعلى 200 طفل.
ليخلص النواب من كل الكتل تقريبا الى ضرورة معالجة الأزمة الاجتماعية التي تمر بها تونس عبر القيام بدراسة اجتماعية حول الاحتجاجات التي شهدتها البلاد خلال الأيام الماضية للتعرف على أسبابها الحقيقية والتمكن من تقييم الوضع وإيجاد حلول فعلية وجذرية لها، حلول جذرية ليس من بينها الزجّ بالشباب المتورط في عمليات النهب والتخريب وخاصة
القصّر منهم في السجن.
مداخلة وزير الدفاع الوطني:
وزير الدفاع الوطني ابراهيم البرتاجي في رده على مداخلات النواب تراجع نوعيّا خاصة بعد الاستهجان الكبير الذي قوبل به حديثه عن ان محرك الاحتجاجات في الساحل هم من اصيلي ولايات اخرى، حيث اعتبر ان التحركات من حيث الشكل هي شغب واعمال عنف لكن من حيث المضمون هي احتجاجات ذات بعد اجتماعي مؤكدا ان التحقيق بخصوص الاطراف التي تحرك الاحتجاجات لا يزال جاريا.
وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي اعتبر في مداخلته انه لا مجال اليوم للعودة للحلول الامنية، فالخيار الاساسي هو الحوار كبديل للعنف والتوافق بين كل المكونات السياسية والمجتمعية في سياق الذهاب نحو ايجاد الحلول التشاركية التي تقوم على الاصغاء والتفاعل مع كل الاطراف والجهات كما كان الحال في التعاطي الحكومي مع ازمة الكامور بولاية تطاوين.
وزير الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار علي الكعلي عاد الى التعلة التي تقدّمها كل الحكومات المتعاقبة للتملّص من المسؤولية، حيث اعتبر ان الحكومة تقلّدت السلطة التنفيذية منذ حوالي 4 اشهر وهي تسعى لتحقيق كل المطالب الشعبية معتبر انه يجب على البرلمان من جهته فتح نقاش عميق لايجاد حول للاشكاليات المطروحة والتي أدت إلى تحركات واعمال عنف خلال هذه الفترة.
ليخلص الكعلي الى ان الحكومة لا تملك عصا سحرية للخروج من الازمة التي عمّقتها الوضعية المالية الصعبة للغاية بسبب ارتفاع كتلة الاجور والانعكاسات المالية للاتفاقيات التي ابرمتها الحكومات السابقة، داعيا البرلمان وكل المتداخلين الى الانطلاق في التفكير في منوال تنموي جديد يُمكن من خلاله خلق الثروة.