وملف التنصّت والاشكاليات التي تعرفها اسلاك الولاة والعمد والمعتمدين وغيرها من الملفات التي ذات العلاقة بوزارة الداخلية. يواصل مجلس نواب الشعب عقد الجلسات العامة المُخصّصة لمناقشة مشروع ميزانية الدولة ومهام الوزارات ومشروع قانون المالية لسنة 2021 التي انطلق في عقدها منذ السبت الماضي وستتواصل الى حدود 10 ديسمبر الجاري، حيث ناقش مجلس النواب خلال جلسة عامة أمس الاثنين ميزانية وزارة الداخلية للسّنة المقبلة والتي انطلقت بنقاش عام تطرّق خلاله النواب الى عديد الملفات ذات العلاقة بالوزارة التي يتولّاها توفيق شرف الدين.
وقد تمحورت مداخلات النواب باختلاف انتماءاتهم النيابية والحزبية خلال الجلسة العامة حول وضعية العمد والمعتمدين والولاة بعد ان اعتبر بعض النواب ان تلك الأسلاك هي الأكثر تعرّضا للحيف بتحميلها مهام ومسؤوليات اكبر من طاقتها مما ادى الى حصول شغورات لتهرّب الكفاءات من تولي تلك الخطط وهو ما يستوجب إعادة الاعتبار لها وإعادة النظر في الامتيازات الممنوحة لهم كالمساكن الوظيفية في الجهات والمنح و إصدار القوانين الأساسية للعمد والعمد الأول والولاة لتحديد المهام التي توكل إليهم وضبط حقوقهم وواجباتهم.
كما كانت النقابات الامنية أحد الملفات التي طرحها عدد من النواب من مختلف الكتل، حيث اشاروا الى ان تصرّفات بعض النقابات الأمنية غير مقبولة وتتجاوز القانون وتصبّ في خانة العمل السياسي وهو امر خطير باعتبار ان من يمارس السياسة لا يجب ان يحمل السلاح والعكس صحيح، واكدوا انه من غير المقبول ان يحمل بعض الأمنيين السلاح في مظاهرات واعتصامات تكون خارج اوقات عملهم وتدعو إليها النقابات الامينة متساءلين في الوقت ذاته عن مآل ملف التجسّس أو التنصّت.
كما أشار نواب هم يتوجّهون الى وزير الداخلية توفيق شرف الدين الى ما أكدوا على أنه تواصل بعض الممارسات الأمنية التعسّفية ضد المواطنين وهضم حقوقهم في المراكز الأمنية مرتكزين على تجاوزات بعض النقابات الأمنية ومنخرطيها على صفحات الفايسبوك تبلغ حتى التشهير بالمواطنين، داعين إلى ضبط استراتيجية واضحة لعمل القوات الأمنية في مجال مكافحة الجريمة المنظمة والجريمة.
في المقابل دعا عدد آخر من النواب إلى ضرورة احترام الأحكام القضائية الإدارية في ما يتعلق بتبرئة الأمنيين الذين تم عزلهم وإرجاعهم لوظائفهم، كما طرحوا اشكالية مشروع قانون زجر الاعتداء على الامنيين الذي دافع عليه هشام المشيشي حين كان وزيرا للداخلية وطالب بسحبه بعد توليه رئاسة الحكومة معتبرين ان مشروع القانون يجب ان يُعرض للتصويت بعد حوالي 5 سنوات من احالة نسخته الاولى على البرلمان.
إذ يرى بعض النواب من خلال مداخلاتهم انه لا توجد الإرادة السياسية الفعلية لحماية الأمنيين بتعطيل المصادقة التشريعات التي توفر الحد الأدنى لحماية الأمنيين معتبرين ان عون الأمن أصبح الحلقة الضعيفة ويتعرض وعائلته للهرسلة والتهديد، كما انتقدوا طرح قانون حماية الأمنيين بعد كل العمليات الإرهابية للمزايدة السياسية ثم تقع اعادته إلى الرفوف دون المصادقة عليه كما كان الحال مع بداية الدورة البرلمانية الحالية.
وبطبيعة الحال لم تمرّ مناقشة ميزانية وزارة الداخلية للسنة المقبلة دون تعرّض النواب الى ضرورة دعم القوات الأمنية من خلال توفير وسائل العمل والتجهيزات بما يمكنهم من الاضطلاع بمهامهم في الحفاظ على الأمن العام ومكافحة الإرهاب وكذلك تطوير الظروف الاجتماعية للأمنيين ودعم الرعاية الصحية للأمنيين خاصة ان مستشفى قوات الامن الداخلي بالمرسى لم يعد يفي بالحاجة بالنظر إلى تزايد عدد الأمنيين والنقص الفادح في التجهيزات والمعدات.
وزير الداخلية يجيب ويتفاعل...
في تفاعله مع مداخلات النواب، أكّد وزير الداخلية توفيق شرف الدين أنّه لم يقع سحب القانون المتعلق بزجر الاعتداءات على الأمنيين من طرف رئيس الحكومة هشام المشيشي كما هو متداول بل أن كل ما في الامر انه تمّ طلب إرجاء النظر فيه إلى وقت لاحق بسبب بعض النقائص والثغرات التي تضمّنتها النسخة المُحالة على الجلسة العامة والتي أفرغته من محتواه، على حد تعبيره.
وفي علاقة بالنقابات الامنية والاتهامات الموجّهة إلى بعضها، فقد قال وزير الداخلية إن المناخ الديمقراطي يجعل تواجد النقابات الامنية واقعا ضروريّا لكنه لا يجب ان يكون مبرّرا أو غطاءا لحياد النقابات الامنية عن دورها. ليمرّ وزير الداخلية الى السؤال المتعلّق بملف التنصّت ويرفض التوضيح مكتفيا بالتاكيد ان الملفّ مطروح أمام القضاء حاليا وسرية التحقيق تمنعه من تقديم أية توضيحات أو معلومات بالخصوص.
واعتبر أن الاشكاليات المتعلّقة بسلك العمد والمعتمدين والولاة من أهم الملفات التي تعكف الوزارة على حلّها لاقتناعها بضرورة مراجعة وتوفير الإطار القانوني الذي ينظم عمل ومهام تلك الاستلاك لتفادي الشغورات التي أكد ان نسبة كبيرة منها تسبّبها المحاصصة الحزبيّة والخلافات في الجهات بين مختلف الاطراف السياسيّة معتبرا انه من الضروري مراجعة طريقة تعيين الولاة والمعتمدين والعمد واعتماد معيار الاختصاص والاستقلالية دون الانتماء الحزبي والسياسي.
أما في علاقة بالانتقادات التي وُجّهت للامنيّين وتجاوزهم القانون بتعسّفهم على المواطنين، فقد اكد وزير الداخلية توفيق شرف الدين ان الاعتداءات التي يرتكبها الأمنيون لا تمرّ دون اتخاذ الوزارة لاجراءات ضد مرتكبيها فور تبلّغها بالمعلومة والادلّة بتسليط عقوبات عليهم وفق القانون، وعلى رأسها صدور قرارات بالعزل والحط من الرتب.
ليخلص وزير الداخلية الى ان خيار وزارة الداخلية والدولة هو الاتجاه نحو تركيز الأمن الجمهوري، وضرب مثلا في التعامل الأمني مع الحراك الإجتماعي في مختلف الجهات، واكد ان وزارته ومنظوروها بالتوازي مع انشغالها بالوضع في الجهات الا انها تتحلى بالجاهزية التامة وتقوم بالتوازي بالتصدي للإرهابيين مع اعتماد السرّية بخصوص تفكيك الخلايا الإرهابية بصفة خاصّة.
أرقام:
تبلغ ميزانية وزارة الداخليّة لسنة 2021 ما يقارب الـ 3927 مليون دينار دون احتساب الموارد الذاتية للمؤسسات العموميّة، وتوزعت ميزانية وزارة الداخلية للسنة القادمة على نفقات التأجير التي قدرت بـ 3.379.148 مليون دينار، ونفقات التسيير المقدرة بـ 261.397 مليون دينار، إلى جانب نفقات التدخلات البالغة حوالي 75.555 مليون دينار فيما تمّ تخصيص 210.900 مليون دينار لنفقات الاستثمار وهو نفس الاعتماد المخصص لسنة 2020.
وتشمل مهمّة الداخليّة أربعة برامج موزّعة بين برنامج الأمن الوطني المتعلّق بالامن العام والسلامة المرورية ووسائل العمل وهو يمثل 50.9 % من مجموع الميزانية المرصودة للوزارة للسنة المقبلة، فيما حظي برنامج الحرس الوطني المتعلّق بالأمن العام ومكافحة الارهاب ومقومات العمل الأمني بنسبة 31.7 % من الميزانية بالاضافة الى برنامج الحماية المدنيّة التي خصص لها 6.7 % من الميزانية إضافة إلى برنامج القيادة والمساندة