والتي بالرغم من إعلان بعض الأحزاب السياسية عن تموقعها في المعارضة في إشارة إلى الحزب الدستوري الحر الذي تحصل على 17 مقعدا وحركة تحيا تونس المتحصلة على 14 مقعدا، فإن ملامحها لازالت لم تتشكل بعد، والصورة يمكن أن تتوضح بعد الانتهاء من مشاورات تشكيل الحكومة التي كان قد انطلق فيها رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي منذ 3 أيام.
الحزب الدستوري الحر كان من أول الأحزاب التي لها ثقل في مجلس نواب الشعب الذي اختار المعارضة والأسباب معروفة عند الجميع تتلخص في رفضه ان يكون شريكا لحركة النهضة والتي يعتبرها حركة إخوانية لا يمكن التحالف معها تحت أي مسمى، فالحزب الحر الدستوري الذي رفض في مرة سابقة دعوة رئيس الجمهورية قيس سعيد، يرفض من جديد تلبية الدعوة التي تلقاها من رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي في إطار مشاورات تشكيل الحكومة، فهو لا يقبل المشاركة في هذه الحكومة لأن رئيسها عيّن من قبل الإخوان.
معارضة مسؤولة
الحزب الثاني الذي أعلن رسميا عن تموقعه في المعارضة هو حركة تحيا تونس التي يترأسها رئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد، هذا الحزب اختار الاصطفاف في المعارضة ليس عن قناعة أو حبا في ذلك بل لأن نتائج الانتخابات التشريعية لسنة 2019 فرضت عليه ذلك لحلوله في الموقع السابع في انتظار التغيرات التي قد تطرأ على ترتيب الكتل لاسيما الإعلان عن الولادة الرسمية لكتلة «الإصلاح الوطني» والتي ستضمّ إلى حدّ الآن 15 نائبا، تموقع الحزب في المعارضة جدد التأكيد عليه الأمين العام للحركة سليم العزابي خلال لقاء وفد الحركة برئيس الحكومة المكلف أول أمس، حيث أكد له موقف المجلس الوطني للحركة ليوم 10 أكتوبر 2019 والمتعلق بتموقعها في المعارضة، قائلا «أكدنا له أن الموقع الطبيعي لحركة تحيا تونس هو المعارضة، لكنها ستكون دائما قوة اقتراح خاصة وأنها قد مارست الحكم وسيكون لها موقف بنّاء». فحسب قيادات تحيا تونس ستعطي الحركة صورة أخرى للمعارضة المسؤولة التي تراعي المصلحة الوطنية.
مسك العصا من الوسط
وضوح الموقف بالنسبة للدستوري الحر وتحيا تونس قابلته ضبابية الموقف بالنسبة لحركة الشعب والتيار الديمقراطي والى حدّ الآن لازال هذا الحزبان يمسكان العصا من الوسط بل ومعها أيضا قلب تونس بالرغم من إدراكه الشديد لموقف بقية الأحزاب الرافضة للمشاركة في الحكومة يكون قلب تونس طرفا فيها خاصة حركة النهضة، هذه الكتل التي تضم جميعها أكثر من ثلثي المجلس لم تحسم خياراتها بشكل نهائي. وحسب تصريح إعلامي لرئيس حزب التيار الديمقراطي، محمد عبو بعد لقاءه رئيس الحكومة المكلف فإن الحزب متمسّك بمطلبه المتعلق بأن تكون حقائب وزارات العدل والداخلية والإصلاح الإداري من نصيب التيار، أو أن تكون محايدة، حتى لا يتم توظيفها لصالح حزب أو فئة، مثلما كان عليه الوضع خلال السنوات القليلة الماضية ، ليشدد على أن التيار الديمقراطي مستعد ليكون جزءا من الحكم كما أنه مستعد أيضا لأن يكون في المعارضة، مضيفا أنه لا يمكن أن يكون الجميع في الحكم .
الحسم رهن نتائج مشاورات تشكيل الحكومة
التيار الديمقراطي وحركة الشعب وقلب تونس، هذا الثلاثي هو ظاهريا اقرب للاصطفاف في المعارضة منه للاصطفاف في الحكم، باعتبار أن مشاركتهم في الائتلاف الحكومي الجديد رهين مدى الاستجابة لشروطهم المسبقة، ولكن حسب المؤشرات الأولية خاصة بالنسبة للتيار وحركة الشعب فإنهم أقرب للانضمام إلى المعارضة البرلمانية ملتحقين بذلك بركب الدستوري الحر وتحيا تونس، ليكون المشهد البرلماني لأول مرة الأغلبية للمعارضة على حساب الائتلاف الحكومي الجديد، في انتظار أن تحدد الكتلة الجديدة «الإصلاح الوطني» التي تضمّ نواب من نداء تونس ومشروع تونس والبديل التونسي وأفاق تونس وغيرها من المستقلين موقفها النهائي، إما التموقع في المعارضة أو في الائتلاف الحكومي الذي إلى حدّ الآن لم نجد فيه إلا ائتلاف الكرامة الذي اختار بشكل صريح الاصطفاف في صف النهضة.
معارضة تمثل الأغلبية
حزب الرحمة من الأحزاب الصغيرة الموجودة في البرلمان من غير المكونين لكتل برلمانية، تحصل على 4 مقاعد، أكد أن تموقعه إلى حد الآن في المعارضة، فالتغيرات التي قد يشهدها المشهد البرلماني في الأيام القادمة قد تحدث انفجارا من الداخل وسيجد الائتلاف الحكومي الجديد أمام معارضة صلبة قد تمثل الأغلبية البرلمانية والتي هي حاليا مرتبطة بمواقف التيار الديمقراطي وحركة الشعب وكذلك قلب تونس المرفوض من أغلبية الأحزاب بما فيهم حركة النهضة بالرغم من الاتفاق البرلماني الذي تمّ بينهما بدعم راشد الغنوشي لوصوله إلى كرسي مجلس نواب الشعب، فبالنسبة للنهضة تعاملها مع قلب تونس يقف عند ذلك الحد، حيث أكد راشد الغنوشي أول أمس بعد لقاءه الحبيب الجملي أن النهضة لن تشارك في حكومة يكون فيها حزب قلب تونس طرفا وفق قوله.