وعدم تمكن اللجان المختصة من الاشتغال على القضية. تغييب دور السلطة التشريعية أو تجاهلها حسب توصيف المعارضة، قد يصعّد الموضوع بعد وجود نية لدى البعض بتعليق مشاركتهم في كافة أشغال البرلمان.
هيمنت قضية وفاة الرضع على أشغال مجلس نواب الشعب على امتداد الأسبوع دون وجود أية نتائج سوى بعض التدخلات من قبل نواب الشعب في الجلسات العامة أو أشغال اللجان، حتى أن الجلسة العامة المفروض عقدها خلال هذا الأسبوع مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد لم يتم تحديدها، الأمر الذي أثار حفيظة نواب المعارضة خاصة من قبل كتلة الجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية.
بالعودة إلى بداية الأسبوع بالتزامن مع الفاجعة التي أودت بالرضع، فقد عقد رؤساء الكتل البرلمانية اجتماعا طارئا أو كما أطلق عليه استثنائيا برئاسة رئيس المجلس محمد الناصر، تقرر على إثره عقد جلسة عامة في اليوم الموالي أي يوم الثلاثاء من أجل الحديث عن هذه الحادثة والقطاع الصحي العمومي في تونس إجمالا. لكن في المقابل، وبضغط من قبل بعض النواب، فقد تم تأجيل هذه الجلسة سويعات قبل انعقادها شريطة أن يحضر رئيس الحكومة في الجلسة العامة في أقرب الآجال وأن لا يتجاوز هذا الأجل هذا الأسبوع.
تأجيل الجلسة العامة تزامن مع توجيه مراسلة رسمية من قبل رئاسة المجلس إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد للحضور أمام البرلمان، إلا أنه وإلى حد أول أمس في اجتماع مكتب المجلس، لم يتلق البرلمان أي رد سواء بالرفض أو تحديد موعد محدد لعقد هذه الجلسة، مما أثار استياء النواب الذين لم يكن لهم دور في هذه الحادثة. استياء رافقته تهديدات خاصة من قبل الكتلة الديمقراطية التي انطلقت في مشاورات مع حلفائها من بقية الكتل غير الممثلة في الحكومة ونعني بذلك كتلة الجبهة الشعبية وكتلة الولاء للوطن وكتلة حركة نداء تونس ونواب من غير المنتمين ونواب الاتحاد الوطني الحر، من أجل مقاطعة أشغال البرلمان كردة فعل على تجاهل الشاهد للبرلمان.
غياب الجلسات الحوارية الشهرية
من جهة أخرى، فقد وجد البرلمان نفسه محرجا أمام الرأي العام وأيضا تجاهل الحكومة لدعواته المتكررة للحضور في جلسة حوارية، خاصة وانه تم الاتفاق سابقا على أن يتم تخصيص جلسة عامة شهرية للحوار مع الحكومة حول القضايا المطروحة على الساحة، إلا أن الشاهد اقتصر حضوره في آخر مناسبة على حضور أشغال الجلسة العامة المخصصة لمناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2019.
وحسب الفصل 147 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب «يخصص المجلس جلسة للحوار مع أعضاء الحكومة حول التوجهات العامة والسياسات القطاعية مرة كل شهر وكلما دعت الحاجة لطلب من المكتب أو بأغلبية أعضاء المجلس. وتفتتح جلسات الحوار بعرض يقدمه عضو الحكومة، ثم يتولى الاجابة عن أسئلة الأعضاء تباعا وله حق طلب إمهال لإعداد الردود». الانتقادات لغياب الشاهد وجهها نواب الشعب في آخر جلسة عامة، خاصة وأن موضوع الصحة بات من المطالب العاجلة لإيجاد حلول ومقترحات، حتى أن البعض ومنهم النائبة عن كتلة حركة نداء تونس فاطمة المسدي طالبت النواب بسحب الثقة من الحكومة، لعدم قدرتها على الحضور وضرب السلطة التشريعية التي تعتبر السلطة الأصلية عرض الحائط.
تجاهل الحكومة للبرلمان بخصوص قضية الرضع، لم يقتصر على الجلسة الحوارية فقط، حيث طالبت لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية بتمثيلها في لجنة التحقيق التي شكلتها الحكومة للبت في القضية، إلا أنه لم يتم الاستجابة لهذه المطالب أو حتى أن اللجنة لم تقدم أية معطيات أو معلومات ولم تعقد في الغرض أية جلسة استماع للأطراف المعنية المخول لها الحضور. رئيس اللجنة سهيل العلويني بدوره تعهد بجعل اجتماع اللجنة مفتوحا إلى حين الانتهاء من التحقيقات، إلا أن اللجنة اقتصرت على اجتماع وحيد معلن خلال هذا الأسبوع، تم التطرق خلاله إلى الحادثة ثم المرور إلى مناقشة مشروع قانون معروض على أنظارهم. وفي نفس السياق، دعت اللجنة الخاصة للإصلاح الإداري والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ومراقبة التصرف في المال العام في اجتماعها الأخير المخصص للاستماع إلى وزير النقل إلى ضرورة النظر في المسألة وتحديد كيفية تدخل اللجنة ضمن اختصاصها، إلا أنه إلى اليوم لم تتم برمجة أي شيء.
في الانتظار...
في نفس السياق، وبالرغم من صعوبة المسألة أو الإحراج الذي يعيشه البرلمان خاصة وان نواب الشعب قد دخلوا ما يعرف بأسبوع الجهات لتتوقف بذلك أشغال البرلمان على امتداد الأسبوع القادم قد يجعل مصير هذه الجلسة في طي النسيان أو إلى حين تعيين وزير للصحة. وفي نفس السياق، فإن الكتل الممثلة في الحكومة، بالرغم من مطالبها بتخصيص هذه الجلسة، إلا أنها تعتبر أن الجلسة الحوارية سيتم عقدها فور نهاية التحقيقات حتى يتسنى لرئيس الحكومة أو أعضائه تقديم المعطيات والمعلومات الثابتة، مع العلم أن رئيس اللجنة الطبية للتحقيق في وفاة الرضع محمد الدوعاجي أعلن أمس خلال ندوة صحفية بمقر وزارة الصحة بتونس، نتائج التحقيق، في انتظار تحقيقات النيابة العمومية ونتائج التحاليل. في وقت تعتبر المعارضة أنه ومع تفهم هذه الفرضية، إلا أن الشاهد كان عليه أن يجيب البرلمان ويوضح موقفه.
في انتظار انتهاء أسبوع الجهات، تبقى المسألة مفتوحة مع مدى جدية النواب الذين يهددون بمقاطعة أشغال البرلمان في حالة عدم الاستجابة إلى مطلب عقد جلسة حوارية مع الحكومة، خاصة في ظل القرارات الأخيرة لرئيس الحكومة المتعلقة بالإعفاءات والتعيينات في وزارة الصحة.