في إطار الحوار حول قرار الترفيع في نسبة الفائدة المديرية: محافظ البنك المركزي يبرر القرار والنواب يرفضون...

بالرغم من تبرير محافظ البنك المركزي مروان العباسي للأسباب والعوامل التي عجلت باتخاذ قرار الترفيع في نسبة

الفائدة المديرية للبنك خلال الجلسة العامة الحوارية المنعقدة يوم أمس، إلا أن نواب الشعب أبدوا رفضهم التام وذلك لتأثيره المباشر على المواطن والطبقة الوسطى. الجلسة العامة اقتصرت على تشخيص الوضع دون وجود أية نية للعدول عن القرار من قبل البنك المركزي.
عقد مجلس نواب الشعب يوم أمس جلسة عامة خصصت للحوار مع محافظ البنك المركزي مروان العباسي إثر الترفيع يوم الثلاثاء الماضي في نسبة الفائدة المديرية للبنك بـ100 نقطة أساسية لترتفع من 6.75 إلى 7.75 %.

أسباب الترفيع
الجلسة العامة انطلقت بمداخلة محافظ البنك المركزي الذي حاول تفسير أسباب الترفيع المذكور قبل انطلاق النقاش العام بين نواب الشعب، حيث اعتبر أن السبب الرئيسي يتمثل أساسا في ارتفاع نسبة التضخم، الذي وصفه بالعدو رقم واحد للاقتصاد التونسي، وعدم أخذ القرار في الوقت المناسب ستكون له انعكاسات سلبية للغاية. ارتفاع نسبة التضخم يعود بدوره إلى عديد العوامل حسب العباسي مثل ضعف نشاط الصناعات المصدرة الذي أثّر سلبا على التوازنات الخارجية، خاصة وأن إنتاج الفسفاط نزل من 8 آلاف طن إلى 3 آلاف طن. وبين في نفس الوقت أن الفجوة بين الاستثمار والادخار باتت كبيرة، ساهمت في منع خلق الثروة الأمر الذي استوجب اللجوء إلى التداين الخارجي، في وقت يعيش فيه ميزان الطاقة تدهورا بصفة مقلقة للغاية. كما أضاف أن مداخيل السياحة والشغل تحسّنت مقارنة بـ2018 لكنها لم تتحسّن بالعملة الصعبة، خاصة وأن تركيبة السيّاح الوافدين على تونس تغيّرت، من خلال توافد سيّاح جزائريين وليبيين تكون معاملاتهم بالدينار، مشيرا إلى أن عددا من هؤلاء السياح يقومون بتغيير العملة خارج القطاع البنكي.

وتحدث محافظ البنك المركزي عن السوق السوداء بالنسبة للعملة، الذي عسّر عملية إدخال العملة الصعبة، مما أثر بدوره على سياسة التداين، حيث بلغت خدمة الدين سنة 2018 حوالي 6.7 مليار دينار ومن المنتظر أن تتجاوز 9 مليار دينار في سنة 2019. وفيما يخص التوازن الخارجي، بين مروان العباسي أن هناك اتساعا ملحوظا لعجز الحساب الجاري مما أثر سلبا على سعر صرف الدينار، معتبرا أن القرار المتخذ على مستوى نسبة الفائدة يعتبر قرارا صعبا، ونفس المسألة بالنسبة للقرارات المتخذة سابقا، حيث في حالة عدم اتخاذها فإن رصيد العملة انخفض إلى 84 يوم، خاصة وأن الترقيم السيادي في تدهور مستمر إذ لم يتم اتخاذ الإصلاحات الهيكلية التي تم التعهد بها.

نسبة التضخم لا تزال مستمرة
من جهة أخرى، أكد محافظ البنك المركزي أن التضخّم لايزال في ارتفاع متواصل، حيث كان من الأجدر الترفيع بأكثر من 100 نقطة في نسبة الفائدة المديرية، باعتبار أن زيادة الاستهلاك تنفع المورّدين ولا تنفع المنتجين المحليّين، بعدما تم التوجه إلى الاقتصاد غير المنتج. وأوضح محافظ البنك المركزي أنه في صورة عدم اتخاذ مجلس الإدارة لقرار الترفيع، فإن طلب الاستهلاك سيُسجل ارتفاعا، مشيرا في هذا السياق إلى أن الاستهلاك يتم توريده من الخارج. والمؤمل حسب العباسي أن التضخم سوف يتقلّص التضخم نحو موفّى سنة 2019 أقل من 7 %. لكن لابد من اتخاذ قرارات ورسم سياسات اقتصادية واضحة مع الأخذ بعين الاعتبار أن وضعية البنوك العمومية تحسنت في الفترة الأخيرة في وقت بقيت المؤسسات العمومية التي تتعامل معها هذه البنوك في حالة صعبة.

انتقادات بالجملة
وبالرغم من تقديم محافظ البنك المركزي لأسباب وعوامل اتخاذ مثل هذا القرار، إلا أن نواب الشعب تمسكوا بموقفهم الرافض له باعتبار انعكاساته السلبية على المواطن والطبقة الوسطى الجزء الأكبر منها في ارتباط مع المؤسسات المالية بالقروض. وقال النائب عن كتلة حركة نداء تونس المنجي الحرباوي أن زيادة نسبة الفائدة المديرية بهذه الطريقة تعتبر نسبة صاعقة ستؤثر سلبا على العائلة التونسية وتضرب الطبقة الوسطى في الصميم، في وقت كان من المفروض اتخاذ تدابير أخرى من أجل مقاومة السوق الموازية الضخمة في صرف العملة. وبين أن هناك شبكات منظمة في تهريب العملة على غرار الجمعيات التي تسمى جمعيات خيريّة التي لها علاقة بالإرهاب.

من جهة أخرى، تطرق البعض إلى موضوع استقلالية البنك المركزي في أخذ قراراته، إلا أنه يجب ضرورة العمل على ملاءمة قراراته مع قرارات الحكومة، حيث قالت النائبة عن كتلة حركة النهضة فريدة العبيدي أنه لابد من استهلاك المنتوجات التونسية، والعمل على تعميم هذه القاعدة. كما أكدت على أنه بالرغم من استقلالية البنك المركزي لا يمكنه أن يكون في عزلة عن بقية أجهزة الدولة، مبرزة تفهمها لقرار البنك إلا أنه يمسّ من المقدرة الشرائية للمواطن.

تدقيق قبل القرارات
في المقابل، انتقد نواب المعارضة مثل هذه القرارات التي اعتبروها قرارات مسقطة من قبل المؤسسات المالية العالمية دون مراعاة المواطن التونسي، حيث قال النائب عن كتلة الجبهة الشعبية عمار عمروسية أن القرارات المتخذة سابقا لم تؤثر إيجابيا على المقدرة الشرائية، بل بالعكس حيث كان من الأجدر القيام بتقييم قبل ذلك خاصة وأن وزير المالية أكد أن القرار في ترفيع نسبة الفائدة هو قرار مسقط من قبل صندوق النقد الدولي. وعلى إثر ذلك، طالب بعض النواب بمزيد من الشفافية للتعرف على حيثيات هذا القرار من بينهم النائبة عن كتلة الائتلاف الوطني ليليا يونس الكسيبي التي أكدت أن الشفافية مطلوبة لكي يتسنى للجميع العمل بصفة مشتركة، متسائلة عن أسباب عدم نشر البنك المركزي الاتفاقيات مع صندوق النقد الدولي على الموقع الرسمي له، على غرار مطالبتها بالتعرف على الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي في خصوص الجمعيات والتمويلات المشبوهة.

كما انتقد نواب الشعب وسائل التعامل التي يستغلها البنك المركزي، في وقت حققت فيه البنوك التجارية أرباحا خيالية موجهة أغلبها إلى الخارج، حيث قال النائب عن الاتحاد الوطني الحر طارق الفتيتي أن محافظ البنك المركزي مسؤول عن السياسة النقديّة ولكنه ليس مسؤولا عن السياسة الاقتصادية. من جهته، قال النائب عن الكتلة الديمقراطية غازي الشواشي أن العباسي يصر على مواصلة السياسة الفاشلة رغم ثبوت فشلها في أكثر من مناسبة، معتبرا أنه تبين اليوم أن الترفيع في نسبة الفائدة المديرية للبنك المركزي التونسي لم يخفض في نسبة التضخم، التي لا تزال في حدود 7.1 %.
وفي رده على تساؤلات النواب، قال محافظ البنك المركزي أن هناك أرقام مخيفة فعلا، لكن هنالك إمكانيات للخروج من الأزمة، مطالبا الجميع بالصراحة باعتبار أن الجميع مسؤول عن تعايش القطاع الموازي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115