بعد نهاية النقاش العام بخصوص مشروع قانون المالية لسنة 2019: لجنة التوافقات تنظر في الفصول الخلافية قبل الجلسة العامة

أنهى مجلس نواب الشعب خلال جلسة عامة يوم أمس النقاش العام بخصوص مشروع قانون المالية لسنة 2019،

لكنه لم ينطلق بعد في مناقشة الفصول والمصادقة عليها، بعد أن فسح المجال أمام لجنة التوافقات من أجل الحسم في النقاط الخلافية. ومن المنتظر أن تواصل الجلسة العامة أشغالها صباح اليوم بعد الانتهاء من مناقشة مقترحات التعديل المقدمة من قبل الكتل البرلمانية.
بعد أن أتمّ مجلس نواب الشعب المصادقة على أبواب الميزانية، انطلقت الجلسة العامة مباشرة في مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2019، حيث انتقد أغلب النواب من مختلف الكتل البرلمانية غياب إجراءات فعّالة في القطاع الفلاحي في وقت غاب فيه تدخل الحكومة للقضاء على التهريب والاقتصاد الموازي. في المقابل أجمع النواب على أهمية الفصل المتعلق ببتك الجهات وانعكاساته الايجابية على التنمية والتشغيل والاستثمار خاصة في المناطق الداخلية.

تهميش القطاع الفلاحي
في النقاش العام انقسم نواب الشعب بين بين معارض كليا لما تضمنه مشروع القانون، وبين مؤيد بتحفظ على بعض الفصول حسب توجهات كل كتلة ورؤيتها، حيث قالت النائبة عن كتلة الائتلاف الوطني ليلى الحمروني أن مشروع قانون المالية يعتبر خلاصة سياسة الحكومة لهذه السنة، بالرغم من وجود بعض الخلافات حول بعض الفصول أهمها النقص الفادح في الإجراءات المتعلقة بالقطاع الفلاحي، إلا أن الفصل المتعلق ببنك الجهات يعتبر من بين أهم الفصول التي جاءت في مشروع القانون، الأمر الذي يستوجب ضرورة مزيد من الدراسة حتى يحقق النجاعة المطلوبة.

في المقابل، انتقدت المعارضة وبشدة مشروع القانون الذي اعتبرته وهما وحلما يصعب تحقيقه على أرض الواقع، حيث قال النائب عن الجبهة الشعبية ورئيس لجنة المالية والتخطيط والتنمية المنجي الرحوي أن كل المؤشرات تدل على أن الوضعية الاقتصادية في أسوء حالاتها، وأضاف أن «مشروع قانون المالية لسنة 2019 يتراوح بين الوهم والحلم». واعتبر الرحوي في تدخله أن القطاع الفلاحي مهمش وخارج عن الاهتمام الفعلي في جميع قوانين المالية تقريباً، وأوضح أن الدول لا يمكن أن تتطور دون تصدير. في حين قال رئيس الكتلة الديمقراطية سالم لبيض أن مشروع قانون المالية لا يتضمن أي إجراء لحماية العملة التونسية، في ظل غياب واضح للحلول المتعلقة بالتشغيل الهش، وثمّن في نفس الوقت فكرة بنك الجهات، ودعا إلى عدم تحوله إلى بنك بيروقراطي تقليدي على حد تعبيره.

التهريب والاقتصاد الموازي
كما تطرق البعض إلى عوامل تدهور الاقتصاد الوطني نتيجة التهريب والاقتصاد الموازي الأمر الذي تسبب في ارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية للمواطن، حيث قال النائب عن كتلة حركة النهضة ناجي الجمل أن الإجراءات التي تقوم بها الدولة إجراءات ترقيعية وجزئية والدليل على ذلك تواصل التضخم المالي، مطالبا بضرورة القضاء على التهّرب والتهريب باعتبارهما أحد أهم أسباب تدهور الاقتصاد. في المقابل، قال النائب عن كتلة حركة نداء تونس محمد الفاضل بن عمران أن العجز التجاري يعتبر كارثة وطنية، منتقدا في ذلك عدم تمكن رئيس الحكومة يوسف الشاهد من إيقاف الاستيراد العشوائي، مشيرا إلى أنه يجب تحديد قيمة سقف الدينار ، لتفادي انخفاض قيمته. وانتقد النائب مقترح إحداث صندوق الكرامة، معتبرا أنه سيتم الطعن فيه في حالة تمريره.

اجراءات حمائية
النقاش العام الذي لم يدم طويلا باعتبار أن الجزء الأول انتهى في الجلسة الليلية ليوم أول أمس، ليتم المرور مباشرة إلى أجوبة وزير المالية رضا شلغوم الذي أكد أنه تم الاستماع إلى مختلف المنظمات الوطنية عند إعداد مشروع القانون، في وقت يعرف فيه الوضع الاقتصادي حالة من عدم الاستقرار. وأوضح أن العديد من الدول، أعدّت إجراءات حمائية عبر ترفيع المعاليم الديوانية مثلا، مما أثر على المبادلات التجارية. واعتبر الوزير أن تدخّل الدولة لازال متواصلا في مجال المحروقات وأن ارتفاع أسعارها كان له تأثير كبير على الميزان التجاري، موضحا أيضا أن التشغيل مدرج في ميزانية الدولة، مع الترفيع في اعتمادات صندوق التشغيل من 300 م.د إلى 450 م.د. كما بين أن النقاش حول صندوق الكرامة نقاش سياسي، باعتبار أن الجميع مجمع على مبدأ العدالة الانتقالية، لكن ميزانية الدولة لسنة 2019 لا تتضمن الأرقام التي يتم تداولها في شأن صندوق الكرامة، حيث سيتم تخصيص 10 م.د من ميزانية الدولة لفائدة صندوق الكرامة وردّ الاعتبار لضحايا الاستبداد.

التوافقات تفرض نفسها
وعلى إثر ذلك تم رفع الجلسة العامة بعد التصويت على الانتقال من النقاش العام إلى مناقشة فصول مشروع القانون، من أجل فسح المجال أمام لجنة التوافقات للنظر في مقترحات التعديل المقدمة من قبل الكتل البرلمانية.  وقد طالب رئيس لجنة المالية المنجي الرحوي بأن يتم تخصيص ما تبقى من اليوم للنظر في كافة مقترحات التعديل، على أن تستأنف الجلسة العامة أعمالها في اليوم الموالي تعدّدت الخلافات حول بعض الفصول أو بعض المقترحات المقدمة من قبل نواب الشعب باعتبار أن كل طرف يسعى إلى الدفاع عن مقترحه خاصة في ما يتعلق بصندوق الكرامة، مما يدعو الجميع إلى الجلوس حول طاولة المفاوضات من أجل النقاش ومحاولة التوافق بين مختلف الأطراف سواء من خلال تبنيها من قبل جهة المبادرة وزارة المالية وتقديمها في شكل مقترح حكومي توافقي أو الاعتماد على التصويت الذي سيكون الفيصل إزاء كافة النقاط الخلافية. وتواصل لجنة التوافقات أشغالها إلى غاية ساعة متأخرة من ليلة أمس، على أن تستأنف الجلسة العامة أعمالها صباح اليوم.

فتح باب الترشحات لهيئة مكافحة الفساد
من جهة أخرى، نشر مجلس نواب الشعب على موقعه الإلكتروني الرسمي، قرار رئيس البرلمان المتعلّق بإعادة فـتـح باب الترشحات لعضوية مجلس هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، في صنف مختص في الاتصال والإعلام. وقد نصّ هذا القرار على إعادة فتح باب الترشحات، حال صدوره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، وغلق باب الترشحات بعد مضي 15 يوما، مع اعتماد ختم البريد لمعرفة تاريخ الإرسال، واعتبار كل المطالب الواردة خارج الآجال المحددة لاغية. كما ضبط القرار الشروط الواجب توفّرها في المترشح لعضوية مجلس الهيئة في هذا الصنف، والوثائق التي يجب أن يتضمّنها ملف الترشح، من بينها الوثائق التي يتم تحميلها من الموقع الرسمي للمجلس وتتعلق بمطلب الترشح والسيرة الذاتية والتصريح على الشرف.

وتجدر الإشارة إلى أن رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر قد ألقى كلمة في افتتاح فعاليات اليوم الوطني والعالمي للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، أكد خلالها على أن معركة مُكافحة الفساد مُهمّة وطنيّة مركزيّة، حيث ساند البرلمان إدراجها ضمن أولويّات عمل الحكومة، للمساهمة في دفع هذه المهمة الوطنية عبر توفير الارضية التشريعية الملائمة، وهو ما يشكّل إحدى ملامح الحصيلة الايجابية لعمل المؤسسة البرلمانية في ذلك المجال.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115