في إجابات الحكومة عن الأسئلة الشفاهية للنواب: جلسة باهتة وحضور محتشم ومواضيع متداولة

لم تكن الجلسة العامة المنعقدة يوم أمس في مجلس نواب الشعب رغم تطرقها إلى عديد المسائل الهامة في مستوى المطلوب، باعتبار أن الأسئلة الشفاهية المقدمة من قبل النواب مركونة منذ أكثر من شهر في المجلس. أغلب الأسئلة كانت مقدمة من قبل نواب المعارضة وهو ما جعل الحضور في الجلسة يتراجع شيئا فشيئا.

في أولى من نوعها، عقد مجلس نواب الشعب جلسة عامة خصصت بالأساس لاجابة الحكومة على الأسئلة الشفاهية لنواب الشعب طبقا لاحكام الفصل 96 من الدستور والفصل 146 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب. الجلسة العامة تطرقت إلى عدد القضايا المطروحة على الساحة على المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي من خلال الأسئلة المتداولة رغم أن الحضور كان محتشما واقتصر على النواب الذين قدموا الأسئلة فقط. الجلسة عامة حادت عن المتوقع باعتبار أن اغلب المواضيع التي تم طرحها في الاسئلة الشفاهية تم تداولها في عديد المرات، ويعود ذلك إلى التأخير المبالغ فيه للاجابة عن الاسئلة.

وزيرا الداخلية والشؤون الخارجية الأوفر حظا
الفترة الصباحية كانت فترة وزيري الداخلية والشؤون الخارجية بامتياز، حيث أن كافة الأسئلة وجهت إليهما خصوصا من قبل نواب الجبهة الشعبية والمعارضة عموما، كالمنجي الرحوي وعمار عمروسية وقد وجّهت أغلبها إلى وزير الداخلية بخصوص التعامل الأمني مع الاحتجاجات الشعبية في كل من قرقنة واحتجاجات المفروزين أمنيا، إلى جانب قرار تصنيف حزب الله اللبناني كمنظمة إرهابية وفي سؤال ثان حول الاوضاع المادية والمهنية لقوات الأمن الداخلي ووضعية متساكني المراكز الحدودية وعائلات شهداء الوطن من المؤسسة الأمنية وجرحاها.

وفي رد وزير الداخلية أكد أن تصنيف حزب الله منظمة إرهابية لم يتم التداول فيه في أعمال مجلس وزراء الداخلية العرب وإنما هو تعبير عن راي اغلبي للمجلس، ليتطرق في ما بعد إلى مشاكل الاحتجاجات الشعبية حيث اعتبر مسؤولية قوات الأمن تهدف بالأساس إلى حماية الحقوق والحريات والحفاظ على الامن. واعتبر أنه خلال التحركات الاحتجاجية في قرقنة فقد أبدت قوات الامن حرفية في تطبيق القانون، مع إعتماد مبدأ التدرج في استعمال القوة بعد أن فشلت كافة وسائل الحوار ومع هذا لم يكن هنالك إصابات في صفوف المدنيين وإنما في صفوف الأمنيين. وبخصوص أحداث 09 أفريل خلال تجمع لأصحاب الشهائد المعطلين عن العمل في شارع بورقيبة، بين الوزير أن قوات الامن لم تتدخل لان الإحتجاج سلمي، لكن في ساحة القصبة وجدت هنالك محاولات لإقتحام مقر الحكومة وتم تفريق المحتجين بإستعمال الأيدي فقط، بعد القصبة توجه المحتجون إلى شارع بورقيبة وتم تعطيل المرفق العام وقطع سكة المترو الخفيف.

وزير الشؤون الخارجية تطرق بدوره إلى بعض الأسئلة التي تم تداولها مع وزير الداخلية في ما يخص تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية، الذي أكد أن ماجاء به بيان مجلس وزراء الخارجية العرب لم يكن تصنيفا قانونيا وإنما هو توصيف التصنيف يقوم به مجلس الامن التابع لمنظمة الامم المتحدة، على غرار أن موقف تونس تم التعبير عنه في بيان وزارة الخارجية، يؤكد تمسك تونس بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتؤكد ان حزب الله حركة وطنية مقاومة.

هذا وتهاطلت كذلك الأسئلة الشفاهية على وزير الشؤون الخارجية من قبل النواب نعمان العش وسامية عبو وفيصل التبيني، بخصوص الاتفاقية التي وقعها المستشار السابق لرئيس الجمهورية محسن مرزوق مع الولايات المتحدة، وبخصوص التعويضات للسفارة الأمريكية ثم سؤال آخر حول اتفاق الشراكة مع الاتحاد، الاوروبي. وأكد الجهيناوي أنها مذكرة تفاهم وليس بإتفاقية وهي مذكرة بمثابة إعلان نوايا يتم إعتمادها تفاديا، لطول الإجراءات لإمضاء الإتفاقيات، حيث تهدف إلى تعزيز الشراكة بين الولايات المتحدة الامريكية في المجالات الامنية والعسكرية. وبخصوص اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، قال الوزير أنه يهدف إلى شراكة متميزة بين تونس والاتحاد الاوروبي، وإقامة منطقة تبادل حرّ في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

المشاكل الاقتصادية والاجتماعية على الخط
وفي الجزء الثاني من الجلسة تنوعت المواضيع لتتطرق إلى المشاكل الاجتماعية والاقتصادية على المستوى الصحي والفلاحي والتجاري، حيث اجاب وزير الصحة سعيد العابدي على سؤال وحيد مقدم من النائبة يمينة الزغلامي حول دور الوزارة في إشكال غياب اطباء الاختصاص بالجهات الداخلية»، معتبرا أنه تم تكوين فرق عمل صلب الوزارة لرصد حلول إنتقالية. على عكس وزير الفلاحة سعد الصديق الذي تلقى جملة من الأسئلة تتعلق بالأراضي الدولية و»سوسة» النخيل، وكذلك حول حرق الغابات، حيث أكد الصديق أنه سيتم مراجعة المنشور الخاص بكراء الأراضي الفلاحية وتم الإقتراح بتمديده لـ 5 سنوات، وأضاف أن الوزارة تدخلت لمجابهة إشكال التعدي على الغابات خصوصا في بعض المناطق على غرار غابات بنزرت، بالاضافة إلى أنه تمت المصادقة ورصد 4،1 م.د لتلافي أفة سوسة النخيل.

كما قدم عدد من النواب كالصحبي بن فرج وعمار عمروسية اسئلة إلى وزير الصناعة حول صفقة بناء مولد كهربائي بمنطقة بوشمة بقابس وما يشوبها من شبهات، على غرار الاشكالات المتعلقة بعمل شركة فسفاط قفصة. وفي هذا الإطار أوضح الوزير أن النمو في إستهلاك الطاقة بين 3 و 4 %وّلد ضغطا على الشركة التونسية للكهرباء والغاز، وهو ما جعل الشركة تلتجىء إلى المراكنة، مشيرا إلى أن شركة فسفاط قفصة إنتقلت من 4 الاف عون إلى 7 ألاف في حين أنّ هناك لجنة تراقب عمل شركة فسفاط قفصة.
من جهة أخرى، انحصرت بعض الأسئلة حول الجهات، حيث طرح البعض أسئلة تتعلق بمناطقهم كالنائبة هالة الهامي التي طرحت سؤالا على وزير البيئة يتعلق بتخريب الطرقات في منطقة الزهراء من ولاية بن عروس. واعتبر نجيب درويش وزير البيئة أن الديوان الوطني للتطهير أعاد تهيئة وإصلاح قنوات الصرف الصحي وهو المتكفل بإعادة التهيئة.

اسئلة النواب تواصلت إلى غاية ساعة متأخرة من ليلة أمس باعتبارها تبلغ قرابة 44 سؤالا وزعت على 21 وزيرا، تشابهت في ما بينها في بعض الأحيان وهو ما جعل الجلسة العامة يتراجع حضورها حتى باتت فارغة تماما خصوصا وأن المواضيع المهمة تم تداولها في الجلسة الصباحية.

مناوشات ورفض لطريقة القاء الأسئلة
من الملاحظ أنّ أغلب الأسئلة المتداولة في الجلسة العامة مقدمة من قبل نواب المعارضة أكثر من نواب الائتلاف الحاكم، وهو ما جعل الجلسة في بعض الأحيان تعرف بعض المناوشات باعتبار أن البعض من النواب أطنبوا في الأسئلة حتى باتت شبيهة بالخطابات السياسية. وفي هذه الحالة فقد عرف سير اشغال الجلسة العامة عديد المناوشات من هنا وهناك من قبل بعض النواب كمحمد سعيدان ورياض جعيدان اللذين اعتبرا أن الاسئلة تحولت إلى خطابات وأطروحات، حيث يجب تحديد توقيت التدخلات. وهو ما رفضه نواب المعارضة الذين أكدوا أن النظام الداخلي لا ينص على هذا الأمر، بالاضافة إلى أن الأسئلة أغلبها مودعة لأكثر من شهر وهو ما جعل رئيس المجلس محمد الناصر يقر بضرورة مراجعة النظام الداخلي وتنظيم المسالة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115